ذكرت صحيفة "الجمهورية": قبل أن تنطلق رصاصات الغدر المتفجّرة في معراب باتّجاه رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع مسلّطة الأضواء مجدّداً على الوضع الأمني، انشغلت الساحة الداخليّة أخيراً وبشكل مفاجئ بقانون الانتخابات النيابية.
فهذا الملفّ عاد إلى واجهة السجالات من دون أيّ سابق إنذار وبتوقيت مريب يشبه الهجمة السياسية على أطراف نافذة وعبر تسويق نظام النسبية كأساس في الانتخابات النيابية المقبلة.
وفي حين لم يخطئ الدكتور جعجع في ربط أهداف العملية الفاشلة التي تعرّض لها بالحسابات الانتخابية في السنة المقبلة، وذلك في إطار ما حصل مع الرئيس الراحل رفيق الحريري، الأمر الذي اعتبرته بعض أوساط قوى الثامن من آذار "مبالغ فيه"، وذلك في الوقت الذي لاحظت فيه مصادر سياسيّة مواكبة للملفّ الانتخابي، أنّ فريقي 8 و14 آذار ينطلقان في حساباتهما السياسية للمرحلة المقبلة، ومن النتائج التي ستحدّدها الانتخابات النيابية والتي يمكن وصفها بـ"المصيرية" كونها سترسم الخارطة السياسية اللبنانية وتجسّد موقعه الاقليمي واتّجاهاته، في ظلّ تردّدات الربيع العربي.
وفي حين أضافت المصادر نفسها، أنّ قوى "14 آذار" تراهن على نتائج الاستحقاق الانتخابي المقبل للفوز من جديد وإعادة إنتاج السلطة التي تخوّلها ممارسة دورها متّكئة على التحوّلات الإقليمية بفعل الربيع العربي، فقد رأت أنّ "حزب الله" وحلفاءه يعملون وبكلّ قوّتهم على تثبيت الوضع القائم اليوم من خلال تكريس نجاحهم وضمان فوزهم في الجولة الانتخابية العام الآتي، بعدما كان أرسى الوضعيّة الحاليّة من خلال السلاح ونفوذه وعلى رغم أنّ هذا الواقع يترك مفاعيل سلبية على حضور الحزب وصورته. إذ إنّ إعادة استعمال هذا السلاح في وجه اللبنانيّين في ظلّ الأجواء الاقليمية المتوتّرة أمنيّاً، تحوّلت الى مخاطرة قد تودي بالبلاد الى المجهول.
وإزاء هذه المشهدية، وجدت المصادر أنّ ربط محاولة اغتيال الدكتور سمير جعجع بالحسابات الانتخابية ليس أمراً مبالغاً فيه، سيّما وأنّ الاستحقاق بات على مسافة زمنية قريبة وأنّ حركة القوى السياسية على الارض باتت توحي بتراجع الحليف المسيحي لقوى 8 آذار داخل بيئته الجغرافية والسياسية وبصعوبة تحقيق الفوز الذي حقّقه في الانتخابات الماضية على الرغم من حضور الصوت الشيعي "الرافعة" الأساسية له في بعض الدوائر.
وفي هذا السياق توقّفت الأوساط المواكبة عند التقارير الواردة عن إحدى شركات الإحصاء المحلّية والتي صدرت منذ اسبوعين وأعلنها مديرها عبر محطة "التيّار الوطني الحر" التلفزيونية، والتي أظهرت نتائج مخيّبة للآمال "العونية" إذ كشفت عن تراجع ملحوظ في شعبيّة العماد ميشال عون في منطقة المتن، ممّا ينذر بتحوّلات في مسار الانتخابات في هذه المنطقة في العام 2013، هذا الوضع ينسحب على كسروان حيث نشأ تحالف بين أطياف قوى الرابع عشر من آذار وبات ينذر بقلب موازين القوى في هذه المنطقة.
في المقابل نقل مقرّبون من العماد عون إصراره على تزويد أنصاره بتوجيهات تقضي بضرورة الإسراع في تقديم المزيد من الخدمات للمواطنين وإرضائهم بشتّى السبل المتاحة نظراً لضيق الوقت أمام الحكومة الحاليّة وانسداد الأفق. وقد حملت الكلمات التي ألقاها عون في مناسبات عدّة بعضاً من هذه المخاوف، وبدا وكأنّه يدقّ ناقوس الخطر، بعدما أدرك مدى إخفاق فريقه السياسي في تقديم أيّ جديد على الصعيد الاجتماعي كما على الصعيد السياسي العام، حيث اقتصر أداؤه على شتم قوى المعارضة من دون تقديم أيّة بدائل، بل على العكس تسويف وتسويقات تفوح من بعضها روائح السمسرات والصفقات.
من هذا المنطلق، تحدّث مرجع نيابي عن أنّ التيّار الوطني بات فعلا في مأزق سياسي بعدما باتت الأجواء توحي بإمكان الإبقاء على قانون الستّين في الانتخابات المقبلة ولكن مع بعض "الروتوش" خصوصاً بعدما كشف النائب وليد جنبلاط عن معارضته الحاسمة لأيّ قانون انتخابيّ يعتمد النسبية أو لأيّ قانون آخر يهدف الى إقصاء فريق من اللبنانيّين، مهدّداً بسحب وزرائه من الحكومة وبالتالي إسقاطها.
وبنتيجة هذه المعطيات فإنّ الحكومة الحاليّة والتي تحوّلت إلى تصريف الأعمال، لن تتمكّن من فرض صيغة انتخابيّة تصبّ في سياق تحجيم أيّ قوى سياسية بارزة وستبقى تركّز اهتماماتها على مواكبة الوضع الاقليمي وترقّب جلاء صورة الأزمة السورية. وفي هذه الأثناء وفيما يشهد البيت العونيّ ما يشبه "عضّ الأصابع" والمراوحة بانتظار التطوّرات، أكّد مرجع حكوميّ أنّ انتخابات العام 2013 لن تشبه ما سيقترح من انتخابات، وذلك بعدما سقطت رهانات عون وخسر جزءاً كبيراً من شعبيته وفترت حماسة حلفائه في تأييده بشكل مطلق، وليست مواقف حزب الطاشناق الأخيرة والإشارات الصادرة عن أكثر من حزب في الأكثرية سوى خير دليل على عملية خلط أوراق سيشهدها الاستحقاق الانتخابي والتي ستنسج تحالفات مختلفة عن تحالفات الانتخابات الاخيرة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك