جاء في صحيفة "اللواء":
يستقطب ملف التعيينات باهتمام لافت من قبل المسؤولين، حيث يخرق التفكير في كيفية مقاربته وإنجازه الهدوء الذي ينعم به المعنيون بفعل عطلة الفصح، بعد أن بات يشكّل التأخير المتمادي في ملء الشواغر في الإدارة التي بلغت مرحلة متقدمة من الترهّل والعجز فضيحة ما بعدها فضيحة لأولي الأمر، الذين يظهرون بمظهر العاجز عن نفض الغبار السميك الذي يُغلّف هذا الملف الموضوع على رف الانتظار منذ سنوات عديدة، ويبعث في الوقت نفسه على السؤال الكبير حول ما يمكن أن تقوم به الحكومة حيال ملفات واستحقاقات وتحديات كبيرة وخطيرة، وهي أقرب إلى مكتوفة الأيدي حيال ملف لصيق بالحياة اليومية للمواطنين.
واذا كان البعض يحاول الايحاء بأن هذا الملف وضع على المسار، وان قطار التعيينات اقترب من الوصول الى محطة من شأنها ان تشكل بداية لبعث الروح في الادارة، فإن هناك من يدعو الى عدم الافراط في التفاؤل وهو يرى ان هذا الملف ما زال يدور في حلقة شبه مقفلة وان عوامل سياسية وغير سياسية تتحكم بمصيره، وانه كلما اقتربنا من موعد الانتخابات النيابية كلما ضاقت مساحة التفاؤل في امكانية ان يبصر النور، كون ان هذا الملف يشكل مادة دسمة وورقة رابحة يمكن اللعب فيها من اجل تحصين المواقع وتحسين الشروط حول الشكل المطلوب لقانون الانتخاب.
وفي هذا الاطار تؤكد مصادر وزارية ان هناك رغبة من الجميع في العمل على ملء الشواغر في الادارة والتي تجاوزت الـ40 بالمئة، لكن هذه الارادة تصطدم برفض البعض خوض غمار التعيينات على اساس الآلية المتفق عليها وهم ينطلقون من رفضهم هذا من منطلقات سياسية ومذهبية لطالما كانت في السابق العائق الذي يؤدي الى فرملة الاندفاعة باتجاه اجراء هذه التعيينات والعودة بها مجدداً الى رف الانتظار.
وبالرغم من جرعات التفاؤل التي حاول رئيسا الجمهورية والحكومة اخفاءها على المناخات المحيطة بملف التعيينات غير ان المصدر الوزاري يخالفهما القول وهو يرى ان التجاذبات تحاصر التعيينات الاساسية وتحول دون تجاوزها عتبة المربع الاول، وهو ما يعني ان الاتصالات المتواصلة لم تستطع بعد الوصول بهذا الملف الى مرحلة النضوج، مع امكانية التفاهم على اصدار بعض التعيينات التي لا تأثير لها في مسار الادارة حفظاً لماء الوجه ومنعاً لإتهام المعنيين بالعجز حيال هذا الموضوع الذي على ما يبدو استوطن مساحة واسعة من الانتظار، وانه باتت عملية انتشاله مما هو فيه تحتاج الى عمل سياسي فوق العادة او حتى معجزة.
ويكشف المصدر ان الخلافات ما تزال على حالها بين بعبدا والرابية حول مجلس القضاء الاعلى الذي بات يشكل المفتاح الاساس لباب التعيينات، وان عدم الوصول إلى تفاهم بين الرجلين حول هذا الموقع سيُبقي الابواب موصدة امام خروج ما تبقى من تعيينات إلى النور، مع ان الجميع يؤكد ان لا مصلحة لأي فريق بأن تبقى الادارة تعمل بجسد من دون رأس لأن أي عمل من هذا النوع لا يعطي الانتاجية المطلوبة مهما كان حجمه لا بل يزيد من مسألة الهدر والفساد وعدم الحس بالمسؤولية في ظل غياب اي حسيب ورقيب.
وفي رأي مصادر سياسية ان وضع ملف التعيينات على نار حامية لا يعني ان بالامكان انضاجه بسرعة وان اولي الأمر يدركون في قرارة انفسهم ان ولادة التعيينات تحتاج إلى تفاهم سياسي ما زال متعذراً، وأن غياب التوافق المطلوب يزيد الأمور تعقيداً، خصوصاً وأن محاولات كثيرة جرت لتقريب وجهات النظر بين الجنرالين حول هذا الملف باءت كلها بالفشل، حتى وصل الأمر إلى أن البطريرك الراعي أبلغ الطرفين استياءه من التصلب في موقفهما وعدم أخذ رأي بكركي في الاعتبار.
وتنقل هذه المصادر عن رئيس كتلة نيابية في الأكثرية تأكيده على ضرورة اشراك الفريق الآخر في التعيينات وعدم الوقوع في فخ الاقصاء، لأن ما جرى في الحقبة الماضية من محاولات استئثار، لا يمكن ان يتكرر اليوم، لأن الوقائع تؤكد أن هكذا طريقة حكم لا تصب في صالح أي فريق، وأن الجميع يخرج خاسراً.
وأشارت المصادر ذاتها الى انه كما من الصعب إقرار الموازنة في وقت قريب، كذلك الحال بالنسبة إلى التعيينات الإدارية، معتبرة أن هذا التأخر ربما يكون مقصوداً الغاية منه التوظيف في الانتخابات النيابية المقبلة، خصوصاً وان الجميع يعرف أن السياسة اللبنانية تقوم على البيع والشراء والأخذ والرد، من دون إعطاء أي اعتبار للمصلحة الوطنية العليا التي لا مكان لها في نظام سياسي قائم على مبدأ الطائفية والمحاصصة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك