وصل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والسيدة الأولىوالوفد المرافق، الثالثة والنصف بعد الظهر بالتوقيت المحلي (الثامنة والنصف صباحا بتوقيت بيروت) إلى قاعدة Haulker Pacific Flight Center في مدينة سيدني الأوسترالية، المحطة الثانية من زيارة الدولة التي يقوم بها إلى أوستراليا، وانتقل إلى مقر الإقامة في فندق Intercontinental.
وفور وصوله إلى مقر الإقامة، التقى سليمان وفدا من رؤساء الطوائف الروحية في سيدني الذين رحبوا به وأبدوا ارتياحهم للاستقرار السائد في لبنان، وسط الظروف الصعبة والمعقدة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، واثنوا "على ما يقوم به رئيس الجمهورية في سبيل توطيد دعائم هذا الاستقرار، لافتين إلى تلاقيهم المستمر وموقفهم الموحد من القضايا المطروحة، عاملين على بث روح التضامن والألفة بين ابناء الجالية اللبنانية في سيدني".
وطالب رؤساء الطوائف في سيدني "بزيادة عدد موظفي القنصلية اللبنانية لتسيير اعمال اللبنانيين، واشتكوا من ان هذا الامر يؤثر سلبا على نفسية الجالية اللبنانية في سيدني ووضع الاحوال الشخصية لاعضائها".
واكد سليمان للوفد الروحي "عزمه على تأمين حق الاقتراع للمغتربين ايا كان القانون الانتخابي الذي سيصدر، لان هذا حقهم"، داعيا رؤساء الطوائف الروحية "الى الاتحاد والتضامن فيكونوا صورة زاهية لما يجب عليه ان يكون وضع المغتربين اللبنانيين في العالم".
ثم التقى رئيس الجمهورية في مقر الإقامة وفدا من نواب أوستراليين متحدرين من اصل لبناني، ضم رئيس لجنة الصداقة اللبنانية - الاوسترالية النائب داريل ملحم، السناتور شوكت مسلماني، النائبة بربارة بيري Barbara Perry، الأمين العام للبرلمان المحلي جون عجاقة، والنواب توماس جورج، طوني عيسى وريتشارد طربيه الرئيس السابق لمجلس نواب ولاية نيو ساوث ويلز.
في بداية اللقاء، رحب النواب بالرئيس سليمان في أوستراليا، متمنين له إقامة طيبة، مؤكدين "افتخارهم بانتمائهم لجذورهم اللبنانية التي لا يزالون يحملون قيمها إلى الآن على الرغم من اندماجهم في المجتمع الأوسترالي، مطالبين بتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية الطيبة التي تجمع البلدين وتفعيل اطرها على كافة المستويات، خصوصا لمناسبة هذه الزيارة التي وصفوها بالتاريخية، كونها الأولى التي يقوم بها رئيس جمهورية لبناني إلى هذا البلد الذي يشكل قارة بحد ذاته".
من جهته، رد الرئيس سليمان شاكرا للوفد عاطفته الطيبة، معربا عن اعتزازه واعتزاز اللبنانيين بهم وبأمثالهم ممن تبوأوا مراكز عليا، مؤكدا "السعي لتوسيع أواصر العلاقات التاريخية التي تربط لبنان بأوستراليا لتنسجم مع حجم الحضور اللبناني ونفوذه".
وفي الختام دعاهم "إلى زيارة لبنان، والاستثمار فيه والابقاء على ثقتهم التي حملوها معهم الى بلاد العالم اجمع".
وكان رئيس الجمهورية والسيدة الاولى استهلا هذا اليوم الثالث من زيارة الدولة إلى اوستراليا، بلقاء الحاكمة العامة لأوستراليا كانتين برايس Quentin Bryce وزوجها مايكل برايس في مقر الحاكم العام في العاصمة كانبيرا.
وقد استقبلت الحاكمة العامة وزوجها رئيس الجمهورية والسيدة الأولى عند مدخل مقر الحاكم، وبعد التقاط الصور التذكارية وقع سليمان والسيدة وفاء السجل الذهبي للمقر، قبل أن يعقد لقاء رباعي ضم السيدة برايس وزوجها والرئيس سليمان والسيدة الاولى.
وعقب انتهاء اللقاء، أقامت الحاكمة العامة وزوجها مأدبة غداء على شرف الرئيس سليمان والسيدة الأولى.
وخلال مأدبة الغداء، رحبت برايس بالرئيس سليمان مقدرة زيارته وهي الاولى لرئيس جمهورية لبناني الى هذا البلد، مشددة "على الدور الريادي والفاعل للاوستراليين المتحدرين من اصل لبناني في تعزيز نمو وازدهار اوستراليا"، مشيرة "الى انهم استحقوا ثقة الشعب الاوسترالي الذي اوصلهم الى مناصب رسمية وحكومية مرموقة".
واثنت برايس على المواقف والنهج الذي وضعه الرئيس سليمان خلال عهده، والذي ساهم في ضمان وحدة اللبنانيين وتوفير مستقبل ايجابي لهم. كما جددت التأكيد "على مساندة اوستراليا ودعمها للبنان في شتى المجالات على غرار ما قامت به في موضوع ازالة الالغام، وانها على استعداد لتعزيز هذه العلاقات وتلبية كل طلب يتقدم به لبنان ويرى فيه حاجة الى تحسين ظروف الحياة اللبنانية واستمرار الاستقرار فيه".
ورد الرئيس سليمان بكلمة قال فيها:"السيدة الحاكمة العامة، شكرا على كلماتك الطيبة تجاهي وتجاه لبنان وعلى حسن استقبالكم. زيارتي لبلادكم الجميلة هي الزيارة الرسمية الأولى لرئيس جمهورية لبناني، وهي تعتبر تاليا زيارة تاريخية سيتسنى لي في خلالها إجراء محادثات مفيدة مع سيادتك ومع كبار المسؤولين في كانبيرا وملبورن وسيدني، حيث سيسرني بشكل خاص، كما تقدرين، لقاء الدكتورة ماري بشير، حاكمة ولاية New South Wales، الاوسترالية اللبنانية الأصل".
وتابع:"إن الدور المميز الذي تضطلع به المرأة في بلادكم في إدارة الشأن العام وفي كل مجال من مجالات النشاط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي تستحق في الواقع كل تقدير. تستقطب اوستراليا منذ عقود طويلة أفواجا متتالية من المهاجرين من مختلف أنحاء العالم، لما توفره للوافدين إليها من أطر عيش وعمل كريمين، ومن حماية قانونية، وضمانات اجتماعية، وحريات، وإمكان المحافظة على خصوصيتهم من ضمن واجب الالتزام بالانصهار في بوتقة الوطن الجامعة. وقد أصبحت وطنا ثانيا لمئات آلاف المهاجرين اللبنانيين الذين دفعهم باتجاه شواطئكم، منذ منتصف القرن التاسع عشر، مزيج من مشاعر الظلم والعوز والطموح. وهم باتوا يشكلون مكونا أساسيا من مكونات اوستراليا، يساهمون في بنائها ورفع شأنها في مختلف الميادين، في حدود ما يعود لهم من حقوق وما يترتب عليهم من واجبات".
وقال:"يمكن اعتبارهم في الواقع الحجر الأساس لعلاقاتنا الثنائية، إلى جانب ما يقع على عاتق مؤسساتنا الحكومية وقطاعنا الخاص ومجتمعنا المدني من مهام ومسؤولية في مجال تمتين هذه العلاقات، بما في ذلك تعزيز التبادل التجاري بين بلدينا، وتشجيع وحماية الاستثمارات المشتركة، وتطوير تعاوننا في مجالات التعليم والتربية والإعداد".
اضاف:"السيدة الحاكمة العامة، بإزاء التحولات الجارية في العالم العربي، لا يسعنا إلا أن نسجل تمنياتنا بأن تؤدي هذه التحولات لانتقال سلمي نحو ما تريده شعوب المنطقة من ديموقراطية حقة تحافظ على الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، مع العلم بأن لا استقرار ولا سلام فعليا في الشرق الأوسط من دون عدالة اجتماعية في الداخل ومن دون حل عادل وشامل لكافة أوجه الصراع العربي - الإسرائيلي، على قاعدة قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد والمبادرة العربية للسلام. ولبنان الذي يعتمد في سياسته العامة نهج الحوار والاعتدال، ويحمل رسالة حرية وعيش مشترك وتواصل وإخاء، سيبقى وفيا لرسالته وملتزما شرعة الأمم المتحدة وأهدافها ومقاصدها، وهو يلقى من قبل اوستراليا دعما دائما لسيادته واستقلاله ووحدة أراضيه ولقضاياه المحقة والعادلة".
وتابع سليمان:"لا يسعنا أخيرا إلا أن نعرب عن التقدير لما تخصصه اوستراليا من جهد لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، ومواجهة تغير المناخ، وتشجيع التنمية المستدامة، والحد من الفقر ومن مخاطر الكوارث الطبيعية، وتمكين المرأة، والتزام تعاون دولي أكثر فاعلية. وإذ نكرر لكم اليوم ما سبق أن التزمناه من تأييد لترشيحكم للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن عن الفترة 2013 - 2014 فإننا نتمنى لكم النجاح في سعيكم لتحقيق هذه الأهداف النبيلة. تبدو اوستراليا، كما هي حال لبنان، أرض تنوع وتعدد وتفاعل إنساني وحوار حضارات وديانات وثقافات. وهي مناسبة كي أؤكد لكم السيدة الحاكمة العامة، عزمنا على تخصيص كامل الجهد اللازم لتوطيد علاقات الصداقة والتعاون القائمة بين بلدينا في مختلف الميادين، على قاعدة الإيمان بالمبادىء والقيم المشتركة وخدمة مصالحنا العليا والخير العام.
عاش لبنان، عاشت اوستراليا".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك