استدراكاً لئلا يكون "الآتي عليها اعظم" بعد الذي واجهته في السابع من ايار وما حمل من تداعيات سياسية وصولا الى اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وبعد ان استهدفتها محاولات الاغتيال التي كان اخرها نجاة رئيس حزب القوات اللبنانية من احداها بعد محاولات استهداف النائب سامي الجميل واللواء اشرف ريفي والعميد وسام الحسن. استدراكا لئلا تشهد ما هو اعظم في حقها وفي حق البلاد تركز قوى "14 آذار" حتى حينه على الاستحقاق النيابي المقبل الذي بات واضحا بأنه سيجري على قاعدة اعتماد القانون الحالي او مجملا ربما في بعض جوانب تقسيماته المناطقية... وهي بذلك قد تخلت عن سذاجتها التي رافقت اداءها السياسي المراهق منذ العام 2005 واستشهاد الرئيس رفيق الحريري حتى الأمس القريب. وفي منطق قوى "14 ذار" بأن "حزب الله" الذي يجد النظام السوري آيلاً الى السقوط سيخوض الانتخابات النيابية المقبلة على قاعدة "يا قاتل يا مقتول"، اي انها ستكون محطة مصيرية له وفق ما يقول قيادي في امانتها العامة، لأنه لم يعد قادرا على استخدام سلاحه لا في الداخل على غرار عدة محطات ترهيبية ولا في الخارج ضد اسرائىل وهو يقرأ بتمعن ومكابرة مرحلة ما بعد النظام الحالي في سوريا، لذلك لا يرغب ان يتكبد في المستقبل ثمنا يكون على حساب بقائه ومصيره في ظل المنطق الدولي الجديد الذي بدا واضحا في عدة مواقف وتحركات واجراءات عملية للمجتمع الدولي ومجلس الامن والجامعة العربية تجاه الدول التي تعاكس "النهج العالمي الجديد" وتخرق قواعد اللعبة التي تديرها هذه القوى.
ولأن "حزب الله" يريد تأمين غالبية جديدة دون النائب وليد جنبلاط على غرار حسابات قوى "14 آذار"، فإنه سيتدخل مباشرة في تركيب اللوائح في المناطق المسيحية بنوع خاص وسيكون دوره التحرك بين النائب العماد ميشال عون والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من اجل الدفع نحو لوائح تحظى بغطائهما بعد ان يكون "حزب الله" الذي عزز خروقاته وتواجده في الوسط المسيحي الذي بات يعرف كل تفاصيل مواقفه... بات لديه التصور الافضل للوائح والمرشحين وهو الى ذلك، يتابع الركن في قوى "14 آذار"، يعمل على استمالة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لضمه الى محور الراعي - عون، اذ ان سعي الحزب لمد جسور قوية تحفظ له حساباته المستقبلية لمرحلة ما بعد العماد عون الذي تراجعت شعبيته في الوسط المسيحي، اتجه نحو ارساء علاقته مع بكركي، مستفيدا من عدة نقاط ضعف "محيطة" بالبطريرك الراعي تتمثل في فريق عمله الذي بعضه من عداد المخبرين للاجهزة زمن الوصاية السورية... والاستحقاق هذا في حسابات "حزب الله"، لا يتحمل الخسارة من زاوية التجاذبات على الشكليات واللياقات لأن المسألة بالنسبة له هي "حياة او موت" اذ يكفي ان يفوز محور الحزب في اقضية كل من دوائر جبيل، كسروان، المتن الشمالي والاشرفية او ان يفوز مجددا بالتي يمثلها ويحقق خروقات في غيرها من التي تصنف على قوى "14 آذار" اسوة بدائرة زحلة... حتى يعدل في التوازنات. فإما تكون الغالبية لصالحه ام يخسر هذه المرة نهائىا.
والحزب في منطق او تصور "14 آذار" يحضر لحرب اهلية انطلاقا من دفاع نواب "حزب الله" عنه بقولهم في الجلسات العامة "لا مزاح مع السلاح" وحتى لو سقط النظام في سوريا. لذلك فإن حاجة الحزب لتأمين غطاء سياسي لسلاحه من خلال حيازته على الغالبية النيابية المؤيدة لسلاحه وان هذا الهدف غير مستبعد في ظل تفاهمهم مع البطريرك الراعي الذي سيتعاطى بالاستحقاق من موقع المتفاهم مع النائب العماد عون الذي سعى في لقائه مع المطران الياس عوده لكسر الجليد القائم بينهما ولإظهار ذاته بأنه قريب من الكنيسة الارثوذكسية على ما هو حاله مع المارونية... وقد استدركت قوى "14 آذار"، يتابع القيادي، هذا التوجه وبدأت في المقابل استنهاض وضعها للمواجهة المستقبلية.
لكن اين النائب جنبلاط من هذا الحراك انطلاقا من مواقفه المتقاربة معهم في بعض العناوين؟ انه غير بعيد، يجيب القيادي ذاته، لا سيما ان نتائج زيارته الى السعودية ليست في درجة السوء الذي يريد ان يظهره ومن دلالاته توجهه بعد اجتماعه بالوزير السعودي من جدة الى الرياض دون لقاء الرئيس سعد الحريري وذلك بهدف تهدئة حلفائه الجدد اي قوى "8 آذار" وتطمينهم قبل اللقاء معهم في لبنان على خلفية عدة عناوين وبينها قانون الانتخابات، ثم اتصال رئيس تيار "المستقبل" الزعيم السني سعد الحريري بالزعيم الدرزي وليد جنبلاط لتعزيته بوفاة الشيخ ابو محمد جواد ولي الدين... لكن النائب جنبلاط الذي هو حاليا امام نوعين من التحالف احدهما انتخابي وثانيهما سياسي، سيتوجه نحو اعتماد التحالفات السياسية في الاستحقاق الرئاسي، لكن ذلك لن يكون في المدى القريب قبل انجلاء التراجع القوي للنظام السوري وبروز توازنات ناتجة عن هذا الواقع الدراماتيكي في سوريا.
ويستبعد الركن القيادي بروز تباينات داخل صفوف قوى "14 آذار" ناتجة عن المطالب الانتخابية ولا سيما مع الرئيس الحريري من قبل قوى "14 آذار"، لأن المحطة هذه ليست مناسبة من اجل تحديد الاحجام داخل قوى "14 آذار" بل هي تهدف لتحديد حجم القوى هذه ككل وان التحالفات لن تشكل الغاء لأي شخصية مستقلة او تحديد الاوزان لأي حزب، بل ستكون مناسبة للحيازة على الغالبية وزيادتها عما كانت عليه سابقا، للتمكن الى حد كبير من مواجهة "حزب الله" سياسيا لأن حصوله على الشرعية الى جانب السلاح ستكون خسارة لا تعوّض للبلاد ولهذه القوى حكما.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك