مصر في خطر يهدد العالم العربي كله بظلال سود فوق ثورات الربيع العربي. لا هو مجرد الاندفاع في مزيج من الفوضى والعنف. ولا سبيل لرده سوى تجدد الوعي بمعادلة الترابط بين إنقاذ الثورة وإنقاذ مصر. وهي المعادلة التي كانت أساس ثورة ٢٥ يناير، ثم تعرضت للتهميش على أيدي القوى التي ركبت موجة الثورة لتأخذها في اتجاهات أخرى.
والفارق كبير بين العودة الى ميدان التحرير والاعتصام في ميدان العباسية أمام وزارة الدفاع. ففي ميدان التحرير عودة الى روح الثورة ومبادئ المواطنة والحرية والكرامة والديمقراطية والدولة المدنية. وفي ميدان العباسية فوضى الصدام على السلطة والقتال على روح مصر. وليس إنقاذ الثورة هو ما على أجندة الإخوان المسلمين والسلفيين، وإن رفعوا الشعار. فهم الذين تعاونوا مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمباركة أميركية على احتواء الثورة، كما على الانتخابات التي رفعوا بعدها شعار شرعية البرلمان مكان شرعية الميدان. وهم مارسوا دوراً بارزاً في تأخير الدستور. وليس خلافهم الحالي مع العسكر إلا على حدود السيطرة على السلطة.
ذلك أن ما يعترض عليه السلفيون أنصار حازم أبو اسماعيل هو إخراج الرجل من السباق الرئاسي بموجب ما وافقوا عليه من إعلان دستوري وقانون، لأن والدته حازت الجنسية الأميركية. وما يحتج عليه الإخوان المسلمون الذين قالوا إنهم لن يرشحوا أحداً للرئاسة، ثم رشحوا خيرت الشاطر بالتفاهم مع أميركا قبل إخراجه بقوة القانون، ليكون البديل الدكتور محمد مرسي، هو الحؤول دون سيطرتهم على السلطة. ولا شك في صدق الدكتور مرسي حين قال: لا نريد شيئاً من هذه الدنيا. فهم يريدون في الواقع كل شيء.
وليس العسكر خارج شهوة السلطة بالطبع، ولو من وراء الستار في المرحلة المقبلة. لكن المطالبة الآن قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية بتسليم السلطة وإقالة حكومة الجنزوري تبدو عبثية. فلمن يسلم العسكر السلطة اليوم؟ ولماذا سلّم الجميع تقريباً بأن يتولى المجلس العسكري كل السلطة بقرار من الرئيس حسني مبارك؟
المسألة تتجاوز الأجوبة عن الأسئلة. فما في مصر اليوم هو تراكم المشاكل. مشاكل ما قبل الثورة أضيفت اليها مشاكل جديدة بعدها. وهي مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية ووطنية أكبر من قدرة العسكر على معالجتها ومن قدرة التيارات الدينية. فلا المرحلة الانتقالية عالجت مشاكل ما قبل الثورة. ولا هي فتحت الطريق لمعالجة مشاكل ما بعدها. لا بل ان ادارة المرحلة الانتقالية ساهمت، بالخطإ أو بالتصحيح، في نقل مصر من الفرصة الى الخطر.
لكن تجديد الثورة ليس مهمة صعبة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك