ادى اغتيال بن لادن على الاراضي الباكستانية الى صراع ديبلوماسي خفي بين ادارة الرئيس اوباما من مجهة والقيادة الباكستانية من جهة اخرى. البعض يعتبر ذلك مجرد فولكلور مع اقتراب استحقاق الانتخابات الباكستانية، ويردّ تصرفات الطبقة السياسية الباكستانية الى كسب بعض الاصوات الاضافية.
مؤخرا وبعد زيارة وزيرة الداخلية الاميركية هيلاري كلينتون الى باكستان رفضت القيادة الباكستانية طلبًا من الإدارة الأميركية بعدم اقفال مراكز الاستخبارات العسكرية المشتركة فيما بينهما.
والقيادة الباكستانية رأت في غارة اغتيال بن لادن انتهاك صارخ وصريح لسيادة واستقلال باكستان، واعتبرت في قرار الإدارة الأميركية بعدم إبلاغ الحكومة الباكستانية مقدمًا بالعملية مثالا واضحًا على فقدان الثقة. وعلى الجانب الآخر، فإن الإدارة الأميركية ترى أن وجود بن لادن في مدينة أبوت آباد العسكرية التي تبعد 50 كيلو مترًا عن العاصمة الباكستانية قد أعاد إلى الأذهان مرة أخرى الشكوك التي كانت تراود الكثيرين في الولايات المتحدة بأن جهاز الاستخبارات الباكستانية أو بعض العناصر داخلها كانت على علم بمكان بن لادن ولم تفعل شيئًا حيال ذلك.
وقد أكدت كلينتون، خلال اجتماعها بالرئيس الباكستاني آصف على زارداري ورئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني وغيرهما من القيادات العسكرية الباكستانية، على أن الولايات المتحدة لا تملك دليلا على علم أي من أفراد القيادة الباكستانية بمكان وجود بن لادن.
ووصفت مصادر رسمية أميركية وباكستانية الاجتماع بأنه كان فجًّا وصريحًا واعترفت تلك المصادر بوجود خلافات خطيرة بين الجانبين. لكن هذه المصادر قالت إن الجانبين اتفقا أيضًا على العلاقة بينهما تعود بالنفع على كليهما. وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن المسؤلين الباكستانيين رفضوا طلبًا أميركيًّا بعدم إغلاق مكاتب الاتصالات في كل من بيشاور وكويتا. وكانت باكستان قد أمرت أفراد قيادة العمليات الأميركية الخاصة فيما يسمى بالخلايا الاستخباراتية بمغادرة البلاد، الأمر الذي يعد بمثابة نكسة للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لتوثيق العلاقة مع الوحدات الباكستانية التي تحارب المقاتلين على الحدود مع أفغانستان.
وأكدت مصادر رسمية أن المسؤولين الأميركيين لا يزالون يأملون في إقناع القيادة الباكستانية بالسماح للأميركيين بإعادة تأسيس المراكز الاستخباراتية المشتركة. وقالت مصادر رسمية باكستانية إن الرئيس الباكستاني أعرب عن نية حكومته القيام بمراجعة شاملة لكل العمليات التي تقوم بها الطائرات دون طيار لاسيما وأن مثل هذه الغارات تستثير حفيظة الشعب الباكستاني.
يذكر أن وكالة الاستخبارات الأميركية السي آي إيه اعتادت بانتظام على استخدام طائرات دون طيار من قاعدة لها في باكستان لإطلاق صواريخ تستهدف بها أفراد تنظيم القاعدة وغيرهم من المشتبه فيهم بالمناطق القبلية التي تقع شمال غرب باكستان. وذكرت تقارير صحافية بأن السي آي إيه استعانت بطائرة شبح بلا طيار والمعروفة باسم "آر كيو 170 سنتينال" قبل وأثناء الغارة على بن لادن يوم 2 آيار الحالي.
وقد انزعج المسؤلون في باكستان كثيرًا لأن هذه الطائرة على عكس الطائرات الأخرى التي دون طيار تم تصميمها كي لا تظهر على أجهزة الرادار أو أي من أنظمة المراقبة الجوية والتي يمكن أن تستخدم كطائرة تجسس. ومن غير المعروف بعد ما إذا كانت باكستان تنوي الإقدام على خطوات مفاجئة ومثيرة لوقف برنامج عمل الطائرات التي دون طيار. يذكر أن استعانة الولايات المتحدة بمثل هذه الطائرات قد زادت بصورة ملحوظة في عهد إدارة أوباما والاعتماد عليها كوسيلة أساسية لمحاربة أفراد تنظيم القاعدة وأنصارهم.
وكانت كلينتون قد قالت في ختام زيارتها إلى باكستان إن العلاقات مع باكستان في أعقاب الغارة على بن لادن قد وصلت إلى مفترق طرق، الأمر الذي يتطلب قيام القيادة الباكستانية بالتعاون مع الولايات المتحدة على نحو أفضل من أجل استئصال تنظيم القاعدة والجماعات الموالية له من الأراضي الباكستانية. ويصر المسؤولون الباكستانيون على أن عمليات مكافحة الإرهاب لابد وأن تتم على نحو مشترك ودون انفراد على النحو الذي تمت به عملية اغتيال بن لادن. إلا أن المسؤولين في الإدارة الأميركية وعلى رأسهم أوباما نفسه قد قالوا إن الولايات المتحدة تحتفظ بحقها في القيام بعملياتها العسكرية سرًّا في بعض الحالات
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك