مناصفة التوافق... وتناقض الهويّة والدّور!
02 Aug 201908:57 AM
مناصفة التوافق... وتناقض الهويّة والدّور!
زياد الصائغ

زياد الصائغ

Beirutinsights
المناصفة شراكة في الحُكم توافقنا عليها دستوراً وقوانين وأعراف. لكن أيّ مناصفة هي هذه إن لم تستند الى معايير الكفاءة والنزاهة والاختصاص؟
والصّيغة والميثاق توافقنا عليهما إنطلاقاً من تحديد هويّة لبنان ودوره. لكن أيّ صيغة وميثاق في ظِلّ التصاقٍ بمحاور فيها تفوّقٍ مرحليّ متفجّر حيناً لهذا واحياناً لذاك منها؟
ما جرى ويجري منذ أسبوعين من اشتباك بنيويّ حول أيّ لبنان نريد وطناً، وأيّ منظومة نطمح اليها دولةً، يشي بأنّ ذاكرتنا الجماعيّة لم تُشفَ، أو ثمّة من هو مصمّم على استحضار لعناتٍ من الماضي كنّا جميعاً ضحاياها.
في لاوعي بعض السياسيّين الجدد عندنا حاجة مستدامة لاستدعاء مشهديّاتٍ من الماضي، لكن في شكلها دون مضمونها، على الرغم من وعيهم أن الظروف تغيّرت. صحيحٌ أنّ الخيارات غالباً ما تصنع التاريخ. لكن يجب التنبّه أيضاً الى أن التاريخ، بِعِبره أيضاً، صانعٌ مؤسّسٌ لكل الخيارات.
من هنا ثمّة مسائل ثلاثة يُقتضى لنا أن نجلس معاً بحِكمة وحِنكة وقناعة وصِدق لمناقشتها بالعمق، بعيداً عن التّجامل والتّذاكي والتّكاذب.
1- لبنان القديم والآباء المؤسّسون!
في لبنان الكبير عند قيامه لم يعتَد المسيحيّون بالغالبية العدديّة. أراد بطريركهم المكرّم الياس الحويّك أن يصنع وطناً مثالاً في التعدّدية. المسلمون قدّروا هذا التوجّه، وانحازوا من عروبةٍ آسرةٍ الى لبنانيةٍ قيد الإنشاء. وحينما داهمَتهم معاً، مسيحييّن ومسلمين، الاستحقاقات الجيوبوليتيكيّة اهتزوا لكنهم حافظوا على لبنان. لم يكن من تقسيمييّن وتوطينيّين. في لعبة الأمم ضاعت البوصلة. لبنان بقي لبنان لكن بتشوّه الصيغة والميثاق. هذا اللّبنان القديم يحتاج إعادة هيكلة.
2- لبنان الجديد وبؤس الاحتلال / الوصاية!
في لبنان الجديد كان احتلالٌ ووصاية. العالم كلّه أقرّ بموجب إزالة الاحتلال والوصاية بعدما أمعنا معاً في تشليع أسس لبنان القديم. اللّانُضج الحُكميّ (من حُكم) اللبناني لم ينجح سوى بإزالة الاحتلال. والوصاية تمّ استبدالها فرضاً بفِعل اختلال في موازين القِوى. في لعبة المحاور ضاعت البوصلة. لبنان بقي لبنان لكن بالتباسٍ في بنية الحوكمة ومآلاتها. هذا اللّبنان الجديد يحتاج تصويب مفاهيم ومسارات.
3- لبنان المعاصر ومأساة اللاّحكمة!
هذا اللّبنان المعاصر لن يقوم بنكء الجراح، والتهويل بخيارات، والتّمترس في أحلاف واهمة. هذا اللّبنان المعاصر غير الواضح الأفق مخاضٌ من المفترض أن تتنكَّب لمعايشته حتى ولادة سليمة قياداتٌ رصينة ومخضرمة وشابة. قياداتٌ قامت بقراءةٍ نقديّة ولها كلّ الاحترام. وقياداتٌ قادرة على التخطيط من أجل قيام دولة تُشبِه طموحات الآباء المؤسّسين، وإبداعات اللبنانيّين.
عدٌّ وتعداد ومناصفة فيما الهويّة والدّور مسلوبان... لنعُد الى القاعدة الأخلاقيّة في انتمائنا... هنا بيت القصيد!