يبدأ البطريرك الماروني الجديد مار بشارة بطرس الراعي، وتحضيراً لرسامته البطريركية يوم الجمعة المقبل في 25 الجاري، يوم عيد البشارة، خلوة روحية اليوم تستمرّ حتى الإثنين المقبل، سوف يستلهم خلالها مشاريعه الدينية المستقبلية وخطة وطريقة عمله للمرحلة المقبلة إن على صعيد مأسسة الكنيسة في لبنان وبلاد الإنتشار، أو على صعيد الزيارات الراعوية للأبرشيات المارونية في لبنان والخارج، إضافة الى العديد من القضايا المسيحية المطروحة على الساحة اللبنانية والعربية، كذلك العمل من أجل الوحدة المسيحية التي ينتظرها الجميع.
وما لفت نظر المراقبين خلال الأيام الثلاثة الأخيرة والتي استقبل خلالها البطريرك الراعي أكبر عدد ممكن من اللبنانيين وغير اللبنانيين، الرسميين وغير الرسميين المهنئين له لانتخابه بطريركاً ورأساً للكنيسة المارونية، وحتى قبل أن يجلس غبطته على الكرسي البطريركي بصفة رسمية.. أنّ «الكلّ يريد منه»، وكلّ طرف يريد أن يصنّفه من صفّه أو من خطّه السياسي قبل أن يُرسم ويُثبّت ثمّ يُعلن عن برنامج عمله الراعوي والديني والسياسي بطبيعة الحال. ولعلّ ذلك يدخل في خانة المحبة التي يوليها هؤلاء للبطريرك الجديد، الذي عرفوه مطراناً مقرّباً منهم والى قلوبهم نظراً للكاريزما التي يتمتّع بها عندما يُبشّر بالإنجيل ويُنشىء الأجيال مسيحياً ووطنياً..
وما لفت الأنظار أيضاً ليس زيارات القادة المسيحيين أو سفراء بعض الدول الأوروبية (المسيحية بطبيعة الحال) إنّما زيارات سفيري كلّ من سوريا علي عبد الكريم علي وإيران غضنفر ركن آبادي ونقلهما دعوة رسمية مفتوحة من الرئيسين بشّار الأسد ومحمود أحمدي نجاد للبطريرك الجديد لزيارة بلديهما، مبدين تفاؤلهما بهذا الإنتخاب.. ثم زيارة وفد من «كتلة الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمد رعد لبكركي، وعقده خلوة مع الراعي استمرّت 25 دقيقة نقل خلالها رعد تهاني الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله لغبطته، وذلك بعد قطيعة للصرح من قبل الحزب دامت أكثر من ثلاث سنوات، بحسب المعلومات، إذ قام الوفد بآخر زيارة للبطريرك مار نصرالله بطرس صفير في تشرين الأول من العام 2007. وقد أمل رعد من أمام الصرح «أن يُوفّق (البطريرك الراعي) في رعاية كلّ اللبنانيين والإهتمام بشؤونهم الوطنية وتقديم «خطاب جامع» ننتظره من صاحب الغبطة.. كما أعربنا بشكل متبادل عن رغبتنا في استمرار التواصل واستئناف الحوار وتنشيطه في المرحلة المقبلة»، مشدّداً على «أننا نستبشر خيراً وقرأنا جيّداً القاعدة التي انطلق منها غبطته وهي «الشركة والمحبة» بين كلّ اللبنانيين».
أمّا توافد ممثلي الطوائف والمذاهب كافة الى بكركي من مسيحيين وإسلاميين، من دون أن تكون بكركي هي التي تمثّلهم دينياً، فيعود سببه بحسب رأي أحد السياسيين المهنئين «الى الدور المميّز الذي لعبه الموارنة عبر التاريخ في نشوء لبنان واستقلاله ونظراً لارتباط هذا الدور بالكنيسة المارونية تحديداً كمؤسسة تنظيمية جامعة لكلّ الأديان والطوائف كونها تمثّل لبنان وتحتضن كلّ أطيافه».
أمّا ماذا بعد انتهاء استقبالات التهنئة، فيجيب أمين سرّ البطريرك الراعي والمسؤول الجديد عن الشؤون الإعلامية في بكركي، (والذي سيُعيّن لاحقاً بعد تنصيب غبطته)، «أنّ البطريرك الراعي بدأ اليوم السبت خلوة روحية تستمر حتى الإثنين، يليها إستقبالات ولقاءات خاصة في الأسبوع المقبل تسبق يوم الجمعة في 25 آذار الجاري، عيد البشارة الذي اختير للسيامة البطريركية.. وسيتحضّر بعد ذلك بطبيعة الحال للسفر الى روما للحصول على «الدرع التثبيتي» على رأس الكنيسة المارونية من قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، وذلك بعد تحديد الموعد الذي لم يتقرّر حتى الآن».
وعن برنامج عمل البطريرك الراعي للمرحلة المقبلة، يقول: «ما تزال الأفكار كلّها في رأس البطريرك الراعي الذي لم يتسنّ له الوقت بعد لوضع برنامج مكتوب، ولكن يندرج من ضمن أولوياته مشروع القيام بزيارات راعوية لكلّ الأبرشيات المارونية في لبنان والخارج، وهي زيارات تستمر لوقت طويل، وهي بالإجمال عادة درج البطاركة الموارنة على القيام بها بعد جلوسهم على الكرسي البطريركي.. كما سيبدأ البطريرك الراعي بتنظيم البيت الداخلي على الصعيد الإداري والتنظيمي، وسينطلق بعدها الى العمل على مأسسة الكنيسة المارونية.وهنا بالطبع سوف يُكمل مسيرة بدأت مع البطريرك صفير ولن يبدأ من الصفر».
وهل يعني بإكمال مسيرة البطريرك صفير أيضاً متابعة الخط السياسي نفسه، يشير المصدر نفسه الى أنّ «كلّ ما يجري تناقله في هذا الإطار يدخل في باب التكهّنات»، مشدّداً على أنّ بعض وسائل الإعلام بدأت تنقل بعض المواقف عن لسان غبطته، أو على لسان محامٍ سمّى نفسه مستشاراً له، في حين أنّه محامي مطرانية جبيل المارونية وعضو في المجلس الاقتصادي وليس مستشار البطريرك أو البطريركية، ما استوجب التنويه. لهذا علينا انتظار الأسبوع المقبل الذي سيشهد حفل تنصيب البطريرك الراعي، ومن ثمّ بدء الأمور البديهية التنظيمية الداخلية، وبعدها يضع البطريرك الراعي برنامجه لخدمته البطريركية».
هذا وأشارت المعلومات الى أنّ حفل التنصيب الذي سيحضره كبار السياسيين اللبنانيين يوم الجمعة، سوف يشارك به وفد سوري رفيع المستوى يأتي خصيصاً من دمشق..
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك