يحاول الرئيس سعد الحريري البقاء مستنفراً في حالة الهجوم المعاكس منذ اخراجه من الحكم، املا في ممارسة المزيد من الضغوط على خلفه الرئيس نجيب ميقاتي لحمله على الاعتذار او لاثقال حكومته العتيدة بالاحمال بغية التأثير على انطلاقها والحدّ من نفوذها وقوتها.
ولذلك يعتمد رئيس تيار المستقبل سياسة «عدم التقاط الانفاس» فيكثر من الحركة في كل اتجاه «مشمّراً عن ساعديه»، مثلما يفعل اليوم في الشمال ليؤكد اولا حضوره الشعبي القوي في طرابلس مدينة الرئيس المكلف، وثانياً لاستنهاض جمهوره هناك بعد ان تردد ان نسبة المشاركة الشمالية في مهرجان 13 آذار انخفضت بشكل ملحوظ عن المشاركة في العام الماضي.
ولانه استهلك كل الشعارات في المهرجان المذكور فانه يركّز اليوم في المواقف التي يطلقها من الشمال على اظهار الثقة بالنفس في القدرة على السير بمعارضة تحت العناوين التي رفعها مع حلفائه وفي مقدمها «اسقاط السلاح».
وفي رأي الاوساط المراقبة ان المعارضة الجديدة تحاول ايضاً الافادة من تأخر تشكيل الحكومة الجديدة لتقول بان الاكثرية الجديدة عاجزة عن تأليفها ولا يوجد تفاهم بين اطرافها على التشكيلة الحكومية، بل ايضا على كيفية الحكم وادارة البلاد.
وتضيف بان فريق 14 آذار يحاول ان يوظف اي حدث اوخلل اليوم في حملته وتصعيده بوجه الفريق الآخر، وهذا ما يفرض على الاكثرية الجديدة ان تبادر الى الخروج من المراوحة التي وضعت نفسها فيها منذ تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة وحتى اليوم.
ما هو الموقف المحيط بعملية تأليف الحكومة الجديدة؟
قبل ايام قليلة من انقضاء شهرين على تكليف الرئيس ميقاتي يتبلور رأيان حول الاسباب والاجواء المحيطة بتأخر التشكيل.
ففي رأى البعض ان الخلافات القائمة حول حقيبة الداخلية وربما حقائب اخرى خصوصا بين رئيس الجمهورية والعماد ميشال عون ليس خلافاً سهلاً، وهي التي تحول دون ولادة الحكومة حتى الان.
ويعتقد هؤلاء ان ازمة العلاقة بين الرجلين تنعكس بل تزيد من هذا الخلاف خصوصاً ان لكل واحد منه رؤيته في طبيعة مسار عمل التعاطي مع الملف الامني او ملف وزارة الداخلية بكل تشعباته، هذا عدا عن اختلاف النظرتين ايضا حول العديد من الملفات العدلية المحتمل فتحها في المستقبل.
ويبدو ان مقاربة هذا الموضوع لم تكتمل فصولها على صعيد الجهود الداخلية التي بذلت حتى الآن، رغم الضغوط الايجابية التي بذلها الرئيس نبيه بري بوجه خاص من اجل ايجاد صيغة او تسوية لهذا الخلاف وبالتالي الاسراع في تشكيل الحكومة باسرع وقت ممكن.ووفق المعلومات فان «حزب الله»، الذي كان ترك في المرحلة الاولى الامور تأخذ مجراها بشكل عادي، دخل ايضا على الخط من اجل تذليل الصعوبات وحلحلة العقد التي تحول دون ولادة الحكومة، وابدى ملاحظات على شكل نصائح يمكن ان تساهم في تقريب وجهات النظر بين الرئيسين سليمان والعماد عون.
اما الرئيس ميقاتي، الذي كان صرف شهراً في محاولات اقناع فريق 14 آذار المشاركة في الحكومة، فهو فضّل بعد هذه الفترة التأنّي وعدم التسرّع بغية الوصول الى تشكيلة «متوازنة» على حدّ قوله اكثر من مرة. لكن هذه الوتيرة من العمل لم تعد مناسبة او تتماشى مع الوضع الراهن خصوصاً بعد مهرجان 13 آذار والحملة التي شنها ويشنها الحريري وفريقه عليه وعلى الاكثرية الجديدة.
ولذلك كثف الرئيس المكلف مساء الاحد اتصالاته ومشاوراته سعياً الى تأليف الحكومة في اسرع وقت مدعوما من الرئيس بري الذي عزز تحركه وسعيه للمساعدة في حلحلة الصعوبات القائمة في وجه التأليف.
وفي ضوء هذه الحركة الناشطة يتعزز الاعتقاد بأن هناك رغبة بل حرصاً من الاكثرية على ولادة الحكومة، وعدم هدر المزيد من الوقت.
لكن هناك وجهة نظر أخرى يقول اصحابها بأن تأخر او تسريع ولادة الحكومة لا يعتمد على «العناصر الداخلية» فقط، وان المسألة ليست مسألة خلاف على حقيبة الداخلية او النزاع على بعض الوزارات بين رئيس الجمهورية والعماد ميشال عون.
ويضيف هؤلاء ان المنطقة العربية تشهد اليوم تطورات متسارعة وغير عادية، وان لبنان ليس جزيرة منفصلة او بمنأى عن تأثير ونتائج هذه التطورات، ولذلك فمن الطبيعي ان يحصل هذا التأخير بانتظار جلاء الصورة في محيطنا.
هذا المناخ الخارجي لا شك له تأثير كبير على عملية تشكيل الحكومة لا سيما ان القوى العربية المساعدة منصرفة ايضا الى مراقبة ومتابعة ما يجري في المنطقة، وبالتالي لم تدخل جدياً بعد على خط المساعدة المباشرة لتأليف الحكومة الجديدة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك