شربل رحمة
قبل أن يُصدر أيّ فنانٍ ألبوماً جديداً له، يستعدّ لمواجهة طرفين سيحدّدان نجاحه أم تراجعه الفنّي. ولذلك، على الفنان أن يدرس جيّداً كل كلمة من أغنياته وكل لحن وتوزيع وفيديو كليب، لأنّ العصر اليوم أتاح للملايين بأن يحكموا على هذه الأعمال بطريقة حرّة وعلنيّة.
وقبل إصدار أيّ ألبوم، تتفتّح أعين الصحافيين والنقّاد قبل الجمهور، فيسرعون الى الاستماع للعمل الجديد ليكونوا الحكم الأوّل عليه.
ولعلّ الفنان هاني شاكر هو المثال الأبرز لهذا الأمر. فبعد أن غاب لستة سنوات عن إطلاق الألبومات الغنائية وآخرها "بعدك ماليش" الذي صدر في العام 2010، عاد ليطلّ على جمهوره بألبوم "اسم على ورق" الذي قسم الرأي العام إلى قسمين.
القسم الأوّل، أثنى على العمل الجديد ووصفه بالرائع، أمّا القسم الثاني وهو الطاغي، فعبّر عن استيائه الكبير من العمل لأسباب عدّة.
وأبرز ما كُتب عن الألبوم في الصحافة المصرية والعربية، أنّه لم يحمل أيّ جديد لمسيرة شاكر الفنية. فهو، كفنان ونقيب للموسيقيين المصريين، كرّر نفسه في أغنيات لم تختلف كثيراً عمّا قدّمه سابقاً في أغنيات "أصاحب مين"، "جرحي أنا"، "تخسري" وغيرها.
ولعلّ الإنتقاد الأكثر قساوةً جاء من أحد المواقع الإلكترونية التي "حكمت" عليه بأنّه فنان "الكآبة"، معتبرةً أنّه لم يغيّر شيئاً في لونه الغنائي بل حافظ على الأغنيات "التعيسة" والكلمات "المؤلمة" التي من شأنها أن تزيد من كآبة الشعب الذي يريد أغنيات جميلة وسط الأوضاع القاسية التي يعيشها أخيراً.
وجاء في إحدى الصفحات، الإنتقادات الآتية: "غنّى شاكر في بداياته أغنيات شبيهة بأغنيات عبد الحليم، لكنّه أصبح اليوم ملكاً للأحزان"، "لا يمكن فصل الفنان هاني شاكر عن الإغراق المقيت في الحزن، إذ أصبح رمزاً للحزن المبتذل" وغيرها. كما اتّهمته بعض المواقع بأنّه لم يحسن اختيار توقيت الألبوم لأنّ نسبة مشاهدته على موقع "يوتيوب" لم تصل بعد الى مليون مستمع، وهذه النسبة تعدّ متدنية جدّاً بالنسبة لمسيرته الفنية الكبيرة ومقارنةً مع زملائه الذين يصدرون الألبومات في الفترة الأخيرة.
أمّا على مواقع التواصل الإجتماعي، فأتت ردّة الفعل قاسية نوعاً ما، إذ اعتبر أحدهم بأنّ "حالة الحزن الذي وصل إليها شاكر تدفع بالجميع الى الضحك"، وغيرها من التعليقات التي عبّرت عن الأمر نفسه.
وعلى الرغم من هذه الإنتقادات الكثيرة، إلّا أنّه لا يمكننا أن نغفل عن أمرٍ بالغ الأهمية، وهو أنّ شاكر اختار له ومنذ فترة طويلة، اللون الحزين في الأغنيات وهذا ما جعل منه فناناً مفضلاً لدى الملايين. فهناك من يحبّ الإستماع الى الأغنيات الحزينة، لعلّها تشعره بأنّه ليس الشخص الوحيد الذي يعاني من الحزن الشديد. ولكنّ ما يبدو أخيراً، أنّ الجمهور العربي اليوم أصبح ميّالاً الى الأغنيات الفرحة لأنّه لم يجد إلّا في هكذا أغنيات، مهرباً من تعاسة الأوضاع التي يعيشها في وطنه العربي.
فالحكم إذاً ليس على شاكر الذي تابع ما بدأه منذ سنوات، بل على من جعل من هذا الوطن مسكناً للأحزان التي تكاد أن تقتل الذوق الفني وثقافة تنوّعه عند الشعوب.