يتيح استطلاع واقع غالبيّة الدوائر الانتخابيّة الوصول الى خلاصة مفادها أنّ التنافس في الانتخابات النيابيّة سيكون محصوراً بمقعدٍ أو اثنين في كلّ دائرة.
لا يختلف وضع قضاء زحلة عن غيره، وإن كان من المبكر تحديد الرابحين والخاسرين فيه. تسمح جولةٌ على بعض وجوه المدينة وأهلها، كما الاطلاع على استطلاعات رأي، اكتشاف التوجّهات.
يمكن القول إنّ انتخابات زحلة ستكون محصورة بثلاثة مقاعد من أصل سبعة. نتحدّث تحديداً عن المقعد الماروني والارمني والارثوذكسي.
زحلة، التي تسمّى تاريخيّاً "عاصمة الكثلكة"، ستحتفظ بقديمها بالنسبة الى المقعدين الكاثوليكيّين. يملك حزب القوات اللبنانيّة، بأسوأ الأحوال، القدرة على الفوز بحاصلٍ واحد سيكون من نصيب النائب جورج عقيص، أو من تختاره قيادة الحزب التي يطالبها بعض الطامحين بتسمية مرشّح من داخل المدينة. سيكون الأوفر حظّاً حينها المنسّق ميشال فتوش.
أما المقعد الكاثوليكي الآخر فيبدو شبه محسوم للنائب المستقلّ ميشال ضاهر الذي حقّق رقماً كبيراً من الأصوات التفضيليّة في الانتخابات الماضية، علماً أنّ ضاهر كان كشف لـ mtv عن توجّهٍ لديه لتشكيل لائحة من المستقلّين، معتمداً على ما أنجز في المنطقة على أكثر من صعيد.
الإسمان الكاثوليكيّان الآخران اللذان كانا في خضمّ المنافسة في الانتخابات النيابيّة الماضية هما نقولا فتوش، الذي خرج تماماً من المشهد، بعد رحيل شقيقه بيار، ودخل في "كوما" سياسيّة، وميريام سكاف المرغمة على نسج تحالفاتٍ مع حزبِ أساسي وكبير للبقاء في المنافسة، وهو أمر قد لا يكون متوفّراً.
وتجدر الإشارة هنا الى كلامٍ تسمعه على ضفاف البردوني عن احتمال دعم حزب الله ترشيح الوزير السابق سليم جريصاتي، إلا أنّ هذا الكلام ينفيه أكثر من مصدر في زحلة، وخصوصاً التيّار الوطني الحر المتمسّك بالمقعد الماروني والطامح إليه، لا أكثر ولا أقلّ.
ويبدو واضحاً أنّ التنافس الأكبر سيكون على المقعد الماروني في الدائرة، خصوصاً إذا اختار "القوات" الدخول بقوّة لانتزاع هذا المقعد.
وتجدر الإشارة الى أنّ النائب سليم عون يحتاج الى حلفاء أقوياء لتأمين الحاصل الانتخابي، لأنّ الخمسة آلاف صوت التي نالها لن تكفيه للاحتفاظ بمقعده النيابي. وإذا اختار "القوات" توزيع أصواته التفضيليّة بين مرشّحين كاثوليكي وماروني، سيكون عون في مأزقٍ جدّي.
سنّيًا وشيعيًّا، ليس هناك من منافسة تُذكر على مقعد تيار المستقبل السنّي ومقعد حزب الله الشيعي. قد يتغيّر الإسمان هنا، أما التوجّه السياسي فسيكون نفسه. هكذا تقول الأرقام، بوضوحٍ تام.
ولن تخلو المنافسة على المقعد الأرثوذكسي من الحماوة. الإسمان الأبرز سيزار معلوف وأسعد نكد، وإن كان الثاني لم يحسم خيار ترشّحه.
وتشير الأرقام الى أنّ النائب الأرثوذكسي قد يكون من إحدى لائحتَي "المستقبل" و"الثنائي الشيعي"، أو ربما من صفوف المجتمع المدني إن أثبت حضوره ووحدته، أو إن تحالف مع شخصيّة مستقلّة مثل ميشال ضاهر.
وإذا كان المقعد الأرثوذكسي غير محسوم، فالمقعد الارمني لا يختلف كثيرًا، إذ ليس أمام الكتلة الارمنيّة سوى الذهاب باتجاه لائحة تملك وزناً ولكن بعيدة عن الاحزاب التي ستستفيد من الصوت الارمني لتعزيز الحاصل، من دون أن تتيح فوزه.
لذا، فإنّ مصلحة حزب الطاشناق تكمن في الانضمام الى لائحة خالية من "دسم" الأحزاب، علّه يتكرّر سيناريو فوز إدي دمرجيان بما قلّ من الأصوات، كواحدة من عجائب قانون الانتخاب الحالي.
تحضر السياسة في تفاصيل كثيرة في دائرة زحلة. تحضر في الجلسات الصيفيّة على الشرفات، وفي الأزقّة. وتحضر في المقاهي، بين "نفس" أركيلة وآخر. وتحضر في الكنائس والجوامع. هي منطقة تحبّ السياسة والانتخابات. وذلك كلّه يؤشّر الى معركة انتخابيّة حامية، ولو كانت ربيعيّة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك