على مسافة ايام قليلة من انطلاق مؤتمر وارسو لـ"الترويج لمستقبل سالم وآمن في الشرق الاوسط"، في 13 شباط الحالي في العاصمة البولندية، بدعوة من الولايات المتحدة الاميركية، لا تزال صورة المشاركين في الاجتماع الوزاري المنتظر، ضبابية.
فبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، الاوروبيون غير متحمسين للحضور في مستويات رفيعة، وقد بات شبه محسوم ان وزيرة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ستتغيب عنه بسبب توجّهها إلى مؤتمر ميونيخ للأمن، الذي يُعقد في الأسبوع ذاته. أما هذا الفتور، فمردّه الى خشية لدى دول القارة العجوز، من ان يفسّر حضورها، تسليما بالمقاربة الاميركية لملفات المنطقة وعلى رأسها الملف الايراني.
وأمام هذا التّردد، تحرّكت بولندا على خط العواصم الاوروبية (وفي اتجاه طهران ايضا)، محاولة طمأنتها الى ان المؤتمر ليس مخصصا للبحث في الشأن الايراني فقط، ولا يستهدف محاصرة الجمهورية الاسلامية او احتواءها، بل يتطرق الى الوضع في الشرق الاوسط ككل والى القضايا التي يستوجب حلّها تعاونا مشتركا بين الدول، كالحد من انتشار الاسلحة النووية والصواريخ البالستية ومكافحة الارهاب وحل مشكلة اللاجئين ومحاربة الجريمة الالكترونية، تمهيدا لخلق نظرة ايجابية حول المنطقة تدفع بدينامية دولية فعلية حول مستقبلها.
الا ان جهود بولندا لتغيير عنوان المؤتمر، وضغوطها لثني الولايات المتحدة عن وضع مواضيع للنقاش توحي وكأن الاجتماع معاد لايران، يبدو حتى الساعة، لم تنجح في حمل القوى الدولية الكبرى على المشاركة فيه بقوّة، حيث يرجّح ايضا ان يكون الحضور التركي هزيلا ان لم يكن معدوما، في وقت لم توجّه الدعوة لا الى جامعة الدول العربية ولا الى فلسطين (نظرا الى دعوة اسرائيل اليه)، ولا الى ايران.
انطلاقا من هنا، ترى المصادر ان هذا المشهد سينعكس بطبيعة الحال على نتائج المؤتمر، كون دول فاعلة معنية به وبمواد البحث فيه، لن تحضره، معتبرة ان لا مفر من التواصل مع هذه العواصم كلّها في المستقبل لوضع مقرراته قيد التنفيذ.
على اي حال، ورغم التصعيد الاميركي في وجه ايران والذي سيظهر في وارسو رغم كل "المساحيق التلطيفية" البولندية، تكشف المصادر عن اتصالات اميركية-ايرانية "سرّية" تجري خلف الابواب الموصدة وبعيدا من الاضواء في احدى العواصم العربية، تعدّ العدة لاتفاق نووي جديد يبصر النور على ابواب الصيف المقبل.
ووفق المصادر، فإن الاميركيين الذين يشدون الطوق في الوقت الراهن، حول عنق الجمهورية الاسلامية بشتى الوسائل، اقتصاديا وعسكريا وسياسيا ودبلوماسيا، مقتنعون بأن هذا المسار سيقود طهران مجددا في نهاية المطاف الى طاولة المفاوضات، تمهيدا لاتفاق جديد سيكون هذه المرة، بشروط واشنطن ومراعيا لمتطلباتها وأجندتها الخاصة، لا ميّالا لصالح ايران على غرار الاتفاق السابق.
أما الجمهورية الاسلامية، تتابع المصادر، فتنتظر مقررات مؤتمر وارسو والاطلاع على ما سيخرج به من اجراءات وتدابير، لتحديد موقفها من الذهاب أبعد في مباحثاتها مع واشنطن، او وقفها هنا.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك