مع بداية الانتفاضة الشعبية اللبنانية ضد الفساد في 17 تشرين الأول برزت مخاوف كبيرة على مصير العام الدراسي الحالي بالنسبة إلى الطلاب، لا سيما بعد قطع الطرقات والدعوات المتكررة إلى الاضراب العام، لكن مع تخلي الثوار مرحلياً عن قطع الطرقات وعودة الحركة التعليمية والتربوية لاحت في الأفق مخاطر أخرى أشد قسوة وأكثر خطورة على مستقبل العام الدراسي الحالي قد تكون له نتائج سلبية تؤدي بشكل من الاشكال إلى تراجع مستوى التعليم في لبنان. فمع تفاقم الازمة المالية والنقدية بدأت المدارس الخاصة، وحتى الرسمية تدق ناقوس الخطر، وباتت كبريات المدارس بعد الصغيرة منها عرضة لمصير قاتم بسبب نقص السيولة مع اصحاب هذه المؤسسات التربوية الخاصة والتي منها يسددون رواتب الاساتذة والمصاريف اليومية للمدرسة عمد الكثير من مديري المدارس إلى الاجتماع بالاساتذة والكوادر الادارية وابلاغهم عن استقطاع نسب مئوية من رواتبهم طيلة العام الدراسي الجاري، وحتى اشعار آخر، إضافة إلى اعطائهم نصف راتب عن شهري نوفمبر وديسمبر، معللين الأمر بنقص حاد في السيولة لعدة اسباب هي توقف الاهالي عن دفع الاقساط بسبب الأزمة لعدم قدرتهم على تأمين القسط بسبب فقدان العمل او خفض الرواتب او العمل من دون راتب، وعدم دفع المؤسسات الامنية (جيش وقوى امن داخلي) للمخصصات المالية لتعليم ابناء العسكريين، اضافة إلى عدم سماح المصارف للمدارس ايضا بفتح اعتمادات، حتى بالليرة اللبنانية، لتأمين استمرارية دفع الرواتب، أسوة بباقي القطاعات. ومع تلويح بعض المديرين بصرف اساتذة او احتمال تعرض مدارس إلى الاقفال اذا بقي الوضع على حاله، لجأت مدارس عديدة إلى اعلان الطوارئ وقرع ناقوس الخطر مناشدة روابط الدعم إلى العمل على تأمين استمرارية العام الدراسي، فمدرسة سيدة الجمهور، التي تضم اكثر من 4700 تلميذ وجّهت رسالة الى القدامى تناشدهم الدعم خوفاً من الاسوأ نهاية العام الدراسي. وكانت وكالة المركزية نقلت امس عن رئيس اللجنة الأسقفية للمدارس الكاثوليكيّة (اكبر المدارس في لبنان) المطران حنا رحمة انه اذا لم يكن باستطاعة المواطنين دفع الأقساط سنكون امام مأزق جدي بعد انتهاء عطلة الاعياد، مشيراً إلى انه اذا لم تتشكل حكومة «فنحن ذاهبون نحو الاسوأ». منبّهاً «انه في حال اقفلت المدارس والجامعات ابوابها فالبديل سيكون نزول الطلاب الى الشارع»، ما يضع العام الدراسي والبلد امام مصير مخيف جدا. ويرى خبراء اقتصاديون وتربويون ان المدارس الكبيرة التي يفوق عدد طلابها عتبة الـ4 آلاف تلميذ يمكنها أن تتحمل اكثر من تلك الصغيرة التي لا يتجاوز طلابها الألف، والتي اعلنت المؤشر الأحمر وانتهت فعلياً ما لم يتم صرف مخصصات التعليم لموظفي القطاع العام والمتقاعدين، والمنتظرة في مارس. بعض الاساتذة ابدى تفهمه بداية الامر لفكرة دعم استمرارية المدرسة، الا ان هذا الدعم اتى لاحقا على حساب استمراريته في تأمين قوته اليومي وقوت اولاده، فرفع العديد منهم الصوت، ملوحين بالتوقف عن التعليم اذا لم يتقاضوا رواتبهم، وبالنزول إلى الشارع، لا سيما انهم لم يحصلوا في السنوات الماضية على مستحقاتهم من سلسلة الرتب والرواتب، والدرجات المستحقة لهم، ويجدون انفسهم اليوم يدفعون الثمن مرة جديدة عن غيرهم وعلى حساب تعبهم وجهدهم.
ومع تفاقم الاجراءات المصرفية على تحويل الاموال من لبنان، بسبب شح الدولار، برزت مشكلة تتعلق بالطلاب اللبنانيين في الخارج الذين بات مستقبلهم العلمي مهددا لعدم قدرتهم على سداد اقساطهم الجامعية التي كانت ترتكز بطبيعة الحال على التحويلات المالية من قبل ذويهم. ولفتت صحيفة الشرق الاوسط في تقرير لها، الاثنين، إلى انه من المتوقع ان تتفاقم أزمة الطلاب اللبنانيين الذين يدرسون في الخارج والذين يُرجح أن يكونوا أكثر من 70 ألف طالب، في الأسابيع المقبلة.
وامام هول الازمة التي تضرب القطاع التعليمي الخاص في لبنان، لا ينقص هذا البلد سوى كارثة الأرقام التي كشفتها «الدوليّة للمعلومات» حول رواتب موظّفي الدولة. حيث يعمل في القطاع العام بمؤسساته كافةً (إدارات عامة، مؤسسات عامة، قوى عسكرية وأمنية) حوالي 325 ألف عامل، ومع وزيادة الرواتب والأجور مع إقرار قانون الزيادة، تبيّن من خلال أرقام موازنة الدولة في عام 2019 حتى شهر سبتمبر الفائت، أنّ كلفة الرواتب والأجور وصلت الى حوالي 5.2 ملايين دولار ووصلت إيرادات الدولة خلال هذه الفترة الى 8.4 ملايين دولار، أي ان الرواتب استحوذت على نسبة %61.2 من إجمالي الإيرادات. وفي حال عدم تأمين مداخيل للدولة مع استمرار تراجع الايرادات وتحصيل الجباية، لا سيما مع حملة «مش دافعين» التي اطلقها الحراك، فهناك مخاوف من ان تتعثر الدولة في تأمين رواتب موظفي القطاع العام او اقله عدم دفع المخصصات (جزء كبير منها للتعليم)، وربما قد تلجاء السلطات المالية الى طباعة العملة بشكل كبير، ما يهدد بفقدان العملة لقيمتها وارتفاع نسب التضخم بشكل كبير.
مع تراجع القدرة الشرائية للمواطن اللبناني التي انعكست سلباً على الاسواق في موسم الاعياد، الذي يعوّل عليه التجار لجني ارباح توازي ثلث أرباحهم طوال العام، فإن ترقب ما هو اسوأ مع بداية العام الجديد اصبح هاجس المؤسسات التجارية الكبيرة والصغيرة على حد سواء، فالتاجر الذي حضّر نفسه لموسم الاعياد سيعاني من كساد في بضاعته وانخفاض في ارباحه، وبالتالي عدم القدرة على تجديد البضاعة، لا سيما ان الاسر باتت تبحث عن طريقة تفي بها ديونها المتراكمة بدلاً من ان تذهب لشراء ما هو جديد. وفي ظلّ السقوف المالية التي وضعتها المصارف، بات الزبون لا يشتري غير الضروري، وتأثرت عملية الشراء في المحال الصغيرة التي لا تتوافر فيها تقنية الدفع بالبطاقات الائتمانية، في حين بدا جليا في المحلات الكبيرة توجه الزبائن إلى الدفع بالبطاقات بسبب عدم توافر الكاش. وكما الشركات التجارية، يحصل الامر عينه في المطاعم والقطاع السياحي والخدماتي، فسوق الاعلانات التجارية انخفض، في وقت ان الكثير من المطاعم ينتظر نتائج «ليلة رأس السنة» ليدرس اوضاعه وكيفية استمراريته في العام الجديد. وفي المحصلة، فإن مقولة «اصرف ما في الجيب ليأتيك ما في الغيب» باتت لا تنطبق على اوضاع اللبنانيين الذين يحبون الفرح، لكن الأزمة جعلتهم في وضع لا يحسدون عليه، فلا يوجد في الجيب ما يُصرف، و«لا أحد يعلم ما يخبئه له الغيب».
ومع تفاقم الاجراءات المصرفية على تحويل الاموال من لبنان، بسبب شح الدولار، برزت مشكلة تتعلق بالطلاب اللبنانيين في الخارج الذين بات مستقبلهم العلمي مهددا لعدم قدرتهم على سداد اقساطهم الجامعية التي كانت ترتكز بطبيعة الحال على التحويلات المالية من قبل ذويهم. ولفتت صحيفة الشرق الاوسط في تقرير لها، الاثنين، إلى انه من المتوقع ان تتفاقم أزمة الطلاب اللبنانيين الذين يدرسون في الخارج والذين يُرجح أن يكونوا أكثر من 70 ألف طالب، في الأسابيع المقبلة.
وامام هول الازمة التي تضرب القطاع التعليمي الخاص في لبنان، لا ينقص هذا البلد سوى كارثة الأرقام التي كشفتها «الدوليّة للمعلومات» حول رواتب موظّفي الدولة. حيث يعمل في القطاع العام بمؤسساته كافةً (إدارات عامة، مؤسسات عامة، قوى عسكرية وأمنية) حوالي 325 ألف عامل، ومع وزيادة الرواتب والأجور مع إقرار قانون الزيادة، تبيّن من خلال أرقام موازنة الدولة في عام 2019 حتى شهر سبتمبر الفائت، أنّ كلفة الرواتب والأجور وصلت الى حوالي 5.2 ملايين دولار ووصلت إيرادات الدولة خلال هذه الفترة الى 8.4 ملايين دولار، أي ان الرواتب استحوذت على نسبة %61.2 من إجمالي الإيرادات. وفي حال عدم تأمين مداخيل للدولة مع استمرار تراجع الايرادات وتحصيل الجباية، لا سيما مع حملة «مش دافعين» التي اطلقها الحراك، فهناك مخاوف من ان تتعثر الدولة في تأمين رواتب موظفي القطاع العام او اقله عدم دفع المخصصات (جزء كبير منها للتعليم)، وربما قد تلجاء السلطات المالية الى طباعة العملة بشكل كبير، ما يهدد بفقدان العملة لقيمتها وارتفاع نسب التضخم بشكل كبير.
مع تراجع القدرة الشرائية للمواطن اللبناني التي انعكست سلباً على الاسواق في موسم الاعياد، الذي يعوّل عليه التجار لجني ارباح توازي ثلث أرباحهم طوال العام، فإن ترقب ما هو اسوأ مع بداية العام الجديد اصبح هاجس المؤسسات التجارية الكبيرة والصغيرة على حد سواء، فالتاجر الذي حضّر نفسه لموسم الاعياد سيعاني من كساد في بضاعته وانخفاض في ارباحه، وبالتالي عدم القدرة على تجديد البضاعة، لا سيما ان الاسر باتت تبحث عن طريقة تفي بها ديونها المتراكمة بدلاً من ان تذهب لشراء ما هو جديد. وفي ظلّ السقوف المالية التي وضعتها المصارف، بات الزبون لا يشتري غير الضروري، وتأثرت عملية الشراء في المحال الصغيرة التي لا تتوافر فيها تقنية الدفع بالبطاقات الائتمانية، في حين بدا جليا في المحلات الكبيرة توجه الزبائن إلى الدفع بالبطاقات بسبب عدم توافر الكاش. وكما الشركات التجارية، يحصل الامر عينه في المطاعم والقطاع السياحي والخدماتي، فسوق الاعلانات التجارية انخفض، في وقت ان الكثير من المطاعم ينتظر نتائج «ليلة رأس السنة» ليدرس اوضاعه وكيفية استمراريته في العام الجديد. وفي المحصلة، فإن مقولة «اصرف ما في الجيب ليأتيك ما في الغيب» باتت لا تنطبق على اوضاع اللبنانيين الذين يحبون الفرح، لكن الأزمة جعلتهم في وضع لا يحسدون عليه، فلا يوجد في الجيب ما يُصرف، و«لا أحد يعلم ما يخبئه له الغيب».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك