في وقتٍ يشهد لبنان أسوأ أزمة في تاريخه الحديث، تأتي بقعة ضوء، معنويّة أقلّه حتى الآن، عبر الإطلاق الرسمي للتنقيب عن النفط.
دعا رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون، في كلمته التي كان يمكن، لولا الأزمة وتشعّباتها، أن تكون تاريخيّة، الى فتح نافذة أمل في جدار الأزمة التي نعيشها. وأعرب الرئيس عن ثقته بـ "أنّنا سنجتاز الأزمة بإرادتنا وتصميمنا لنخرج منها أكثر قوّة، فنعيد الى سنواتنا ومستقبل أبنائنا الهناء الذي يستحقونه".
كلامٌ جميل في مضمونه، والشكل كان جميلاً، حيث ظهر الرئيس محاطاً، على يمينه ويساره، بالأعلام اللبنانيّة، من دون أخطاء مونتاج هذه المرّة.
لذلك، وبعيداً عن أيّ موقف مسبق، وبالإذن من جماعة "عنزة ولو طارت" في المعارضة، اخترنا أن نحتفل بكلام الرئيس ونهنّئ أنفسنا على حفر أول بئر للنفط.
وما أن باشرنا بطقوس الاحتفال، حتى تلقّينا نبأً صادماً أعادنا خطوات الى الوراء. طائرة جديدة هبطت على مدرج مطار بيروت قادمةً من إيران. أسارع الى القول إنّني لا أهتمّ شخصيّاً بما إذا ما كانت الطائرة قادمة من إيران أو من السعوديّة أو من أيّ بلدٍ آخر، من منطلق سياسي أو طائفي. وحتى لو أتت الطائرة من الفاتيكان. المهمّ هو الإجراءات المتّخذة في المطار، وضرورة إعادة النظر في بقاء خطّ الطيران بين لبنان والدول التي تشهد عدداً كبيراً من الإصابات بفيروس كورونا، ومنها إيران.
ما أن وصلت الطائرة الإيرانيّة، حتى تلقّينا خبر الاشتباه بوجود إصابتين بفيروس كورونا بين ركّابها. تمّ الحجر الصحي على المشتبه بإصابتهما، ولكن، ماذا عن الركّاب الآخرين على الطائرة المهدّدين بانتقال العدوى إليهم؟ فهؤلاء سيقصدون عائلاتهم، وسيذهبون الى مدارسهم وجامعاتهم ومؤسّساتهم، وسيرتادون أماكن عامّة، ما يعني أنّ مجموعة كبيرة من اللبنانيّين ستكون مهدّدة بسبب ضعف التدابير المتّخذة واستمرار خطّ الطيران هذا.
لقد عكّرت أخبار الفيروس اللعين صفو الاحتفال النفطي. نسينا كلام فخامته والأعلام والمونتاج الجيّد. لم نعد نهتمّ بـ "الهناء" الذي وعدنا به الرئيس عون. نبحث الآن عن خشبة خلاص من الغرق في الفيروس. نريد أن ننجو قبل أن نستخرج النفط.
هذه المرّة أصابنا ما حصل مع من يُمنعون من العمل في الحكومات المتعاقبة. لقد أردنا أن نحتفل... "بس ما خلّونا".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك