كتبت لارا يزبك في "المركزية":
يبذل البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي جهودا كبيرة، لإبقاء الملفات اللبنانية حيّة وحاضرة في الاهتمامات الدولية بعد ان "طمرتها" او تكاد، المواجهاتُ الدامية الجارية في الاراضي المحتلة منذ 7 تشرين الجاري.
الاربعاء، زار الراعي رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني، وبحث معها الأزمة السياسية في لبنان، المتمثّلة بعدم انتخاب رئيس للجمهورية، إضافة إلى أزمة النازحين السوريين. وأشار الراعي الى "عدم انتخاب رئيس للجمهورية بشكل متعمّد خلافًا لمنطوق الدستور، وعدم تنفيذ اتفاق الطائف نصًّا وروحًا، فأصبحت البلاد من دون سلطة تحسم الخلافات والمخالفات، وكثرت الرؤوس، ودبّت الفوضى". كما تحدث عن "تحديات تفاقم الأعداد الباهظة للنازحين السوريّين إلى لبنان، الذين باتوا يشكّلون 41 % من سكّانه، وعبئًا اقتصاديًّا وماليًّا ثقيلًا، وخطرًا سياسيًّا وأمنيًّا وطائفيًّا يُنذر بالانفجار"، داعياً "الأسرة الدوليّة إلى العمل بمسؤولية لإعادتهم ومساعدتهم على أرض سوريا في إعادة بناء بيوتهم، واستئناف حياتهم في وطنهم على المساحات الشاسعة الخالية من حال الحرب". من جهتها أبدَت ميلوني اهتمامًا بالوضع في لبنان وخاصة لهذَين الموضوعَين، ووعدت بأن "تعمل ما في وسعها من أجل خلاص لبنان من معاناته وأزماته"، منوّهة بـ"قيمة هذا البلد ودوره المميز بين بلدان الشرق الأوسط".
قبل هذه الزيارة بأيام، كانت شؤون لبنان وشجونه في صلب بيان صدر من الفاتيكان. فقد وجه بطاركة الشرق الكاثوليك من روما نداء الى اللبنانيين والاسرة الدولية دعوا فيه الى انتخاب رئيس والاعتراف بحياد لبنان وتطبيق القرارات الدولية وتسوية الصراع الإسرائيلي والفلسطيني. وقالوا اثر اجتماع عقد بدعوة من الكاردينال بييترو بارولين، أمين سرّ دولة الفاتيكان: وطننا لبنان يواجه تحديات جدّية وخطيرة، قد تجعله يفقد هوّيته ودعوته ورسالته ودوره في المجتمع الدولي. إنّه يعاني من الانهيار الاقتصادي والنقدي والاجتماعي الذي أدى إلى تدهور اوضاع مواطنينا المعيشية.. يعاني أيضًا من دخول اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة، حتى باتوا يشكّلون عبئًا ثقيلًا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية لا يستطيع لبنان تحمّله. ولمعالجة الازمة اللبنانية المستفحلة والمستمرّة، نرى انّه من الضروري البدء بانتخاب رئيس للجمهورية يعمل على استعادة عمل المؤسسات الدستورية وتطبيق الإصلاحات المطلوبة. فنطلب من دولة رئيس مجلس النواب فتح أبواب المجلس ودعوة السادة النوّاب في اسرع وقت إلى جلسات نيابية متتالية. وندعو السادة النواب إلى القيام بواجبهم البرلماني والوطني وانتخاب رئيس وفق أحكام الدستور.
هذه الحركة الكنسية ضرورية سيما في وقت يبدو فيه حزب الله يختزل القرار اللبناني في الملفات كافة سياديا وسياسيا ورئاسيا، وهي ضرورية ايضا خاصة وأن ازمات لبنان على حالها وآخذة في التفاقم سيما اقتصاديا وسياسيا و"نزوحا"، لكن مع الاسف هي لن تتمكن لا من تبديل واقع مصادرة الحزب قرارات الدولة ولا تغيير حقيقة الانشغال الدولي الخارجي بمستجدات الاراضي المحتلة وتراجع لبنان الى المراتب الادنى في جدول اعمال العواصم الكبرى الا من بوابة حدوده الجنوبية التي تصر هذه العواصم على ضرورة ابقائها مضبوطة. وفي حال لم يبادر رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال منذ يومين "امام ما يجري في المنطقة وتصاعد العدوان الاسرائيلي على فلسطين وغزة ولبنان، نحن أمام فرصة لانتخاب رئيس للجمهورية فهل نتلقفها"؟ الى الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس وترك ابواب مجلس النواب موصدة، فإن الرئاسة ستبقى معلّقة على حبل الانتظار، ومعها المعالجة الجدية لأزمة النزوح والانهيار الاقتصادي، حتى إشعار آخر..
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك