لم يعد يشكّ اثنان أنّ الإنتخابات النيابية ستجري في 6 أيّار المقبل، وإن كان ثمّة من يتحدّث عن أنّ حصول أي أمر طارىء قد يؤدّي الى تأجيلها. غير أنّ دول الخارج التي أخذت على عاتقها دعم لبنان سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومساعدته على حلّ تداعيات الأزمة السورية عليه أي النزوح السوري، أظهرت أخيراً ثقتها بهذا البلد وبإنجاز الإستحقاقات الدستورية فيه. وبناء على طلب من الحكومة اللبنانية، بدأ الإتحاد الأوروبي بنشر بعثة مراقبة الإنتخابات في لبنان التي يضمّ جهازها 70 مراقباً من مختلف دول الإتحاد الأوروبي بهدف مراقبة نزاهتها وشفافيتها، الى جانب المراقبين المحليين التابعين لهيئة الإشراف على الإنتخابات وبعض الجمعيات المحلية غير الحكومية.
وكشفت أوساط ديبلوماسية أنّ الفريق الأساسي لبعثة مراقبة الإنتخابات والمؤلّف من 9 خبراء محلّلين قد وصل الى بيروت في 27 آذار المنصرم، وكان يُفترض أن يصل قبل هذا الموعد بنحو أسبوعين، موضحة أنّه سيواكب العملية الإنتخابية وسيبقى في البلاد الى حين انتهائها، والى حين إعداد التقرير النهائي الشامل عنها.
فالإتحاد الأوروبي يُظهر مرة جديدة، التزامه الطويل الأمد بدعم مصداقية وشفافية الإنتخابات النيابية الشاملة في لبنان، سيما وأنّه قام بمراقبة الإنتخابات السابقة في عامي 2005 و2009. ولهذا فقد عيّنت الممثلة العليا للإتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية فيديريكا موغيريني أخيراً، على ما أفصحت الأوساط، الإسبانية إيلينا فالنسيانو، عضوة في البرلمان الأوروبي، بصفة رئيسة المراقبين لبعثة الإتحاد الأوروبي لمراقبة الإنتخابات في لبنان. وربما تقصّدت موغيريني، على ما ألمحت، تعيين امرأة لهذه المهمة بعد أن علمت أنّ عدد المرشّحات قد ازداد خلال هذه الدورة الإنتخابية، فمن أصل 976 مرشّحاً (قبل انسحاب عدد من المرشّحين من المعركة)، ترشّحت 111 امرأة لبنانية لخوض الإنتخابات. وقامت موغيريني بتعيين فالنسيانو لثقتها بأنّها ستتمكّن من المساهمة بشكل فعّال في هذه العملية الإنتخابية، كونها متمرّسة في الحياة السياسية تقلّبت في مناصب عدّة، ونائبة أوروبية منذ العام 1999.
وفي أول تصريح لها بعد تعيينها قالت فالنسيانو: «أشعر بالفخر لقيادة بعثة مراقبة الانتخابات الأوروبية في لبنان. ستجري هذه الإنتخابات بموجب إطار إنتخابي جديد تمّ إقراره في العام 2017 ، وهي فرصة لتعزيز الديموقراطية اللبنانية بدعم من الإتحاد الأوروبي. لقد أثبتت التقارير والتوصيات السابقة للإتحاد الأوروبي لبعثة مراقبي الإنتخابات حوافز مهمة لتحقيق التوافق السياسي بين الأحزاب السياسية في لبنان وقد جرى دمج بعضها في القانون الجديد. وأنا على ثقة من أنّ بعثة الإتحاد الأوروبي لعام 2018 ستقدّم مساهمة قيّمة لتعزيز جودة العملية الإنتخابية».
ومع بداية شهر نيسان، على ما أشارت الأوساط، سينضمّ الى الفريق الأساسي من المراقبين، 24 مراقباً على المدى الطويل، أي أنّه يتمّ نشرهم في أنحاء البلاد قبل نحو شهر من الإنتخابات لمراقبة ما قبل العملية الإنتخابية حتى يوم الإنتخاب وما بعده، فهم يبقون بعد إعلان النتائج رسمياً لمراقبة حلّ النزاعات الإنتخابية. ويقوم هؤلاء بمراقبة مسائل معيّنة منها استخدام الموارد العامة من قبل المرشحين وغير ذلك من المراقبة الميدانية، ويرفعون تقارير منتظمة ويعدون برنامج المراقبة الخاصة بمراقبي المدى القصير ضمن منطقتهم.
كذلك سيصل الى لبنان 36 مراقباً، على المدى القصير، في بداية أيّار المقبل، سيجري نشرهم في فرق من اثنين في المناطق اللبنانية، وذلك بعد مراقبة اقتراع اللبنانيين المقيمين في الخارج في 27 و29 نيسان الجاري. وتنحصر مهمّة هؤلاء المراقبين، على ما أوضحت، بمراقبة يوم الإقتراع والفرز المبكر للأصوات.
ويتطلّع المراقبون الأوروبيون الـ 70 للتعاون مع بعثات المراقبة الدولية والمحلية الأخرى بهدف تأمين وصول الممثلين الفعليين عن الشعب الى الندوة البرلمانية.
وبعد وقت قصير من يوم الإنتخابات، على ما تابعت، ستقوم البعثة بإصدار بيان أولي عن نتائج الإنتخابات خلال مؤتمر صحفي تعقده في بيروت. على أن تقدّم في مرحلة لاحقة، تقريراً نهائياً يتضمّن توصيات للعمليات الإنتخابية المستقبلية، موجّهة الى السلطات اللبنانية كما الى جميع المعنيين بهذه الإنتخابات، وذلك بعد الإنتهاء من العملية الإنتخابية. وبناء عليه، سيواصل الإتحاد الأوروبي العمل مع المسؤولين اللبنانيين بشأن تنفيذ توصيات بعثة المراقبة في لبنان.
وشدّدت على أنّ الإتحاد الأوروبي يُعلّق أهمية كبيرة على الإنتخابات المقبلة التي هي الأولى خلال عقد من الزمن تقريباً، فضلاً عن زيادة عدد المرشّحات فيها، آملاً أن تكون المفتاح لمستقبل أفضل للبنان. كما يتطلّع الى انتخاب مجلس النوّاب الجديد للقيام بعدد من الإصلاحات السياسية التي لا بدّ وأن تسير بلبنان قدماً الى الأمام، انظلاقاً من أنّ استقرار لبنان ونمو اقتصاده يُشكّلان مفتاح المنطقة بأكملها والإتحاد الأوروبي كذلك.
وقبل وصول المراقبين الأوروبيين الى بيروت كانت بدأت الشكاوى من قبل بعض المرشّحين والمواطنين عن مخالفات لقانون الإنتخاب الجديد يرتكبها المرشّحون للإنتخابات النيابية التي ستجري في 6 أيّار المقبل إمّا بحقّ بعضهم البعض أو بحقّ بنود القانون الذي وضع سقفاً للإنفاق الإنتخابي، ومنع الوزراء المرشّحين من استخدام المؤسسات العامة لحملتهم الإنتخابية، وما الى ذلك.
وتقوم هيئة الإشراف على الإنتخابات، على ما نصّ عليه القانون الجديد، بحسب المعلومات، بتسطير هذه المخالفات وفرض الغرامات على المخالفين واتخاذ كلّ الإجراءات المناسبة بحقّهم التي تصل بحدّها الأقصى الى درجة السجن لمدة 6 أشهر. كما أرشفت «الجمعية اللبنانية من أجل الديموقراطية» شكاوى كثيرة في تقريرها الأول التمهيدي عن الإنتخابات تحت عنوان «عيني عَ الديموقراطية». وأشارت الأوساط الى أنّ كلّ هذه المخالفات ستكون موضع بحث ونقاش مع المراقبين الأوروبيين الذين لا بدّ وأن يطّلعوا على كلّ ما جرى حتى الآن من مخالفات للقانون خلال الحملات الإنتخابية للمرشّحين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك