"ولعانة"، قد تكون الكلمة الأفضل تعبيرا عن واقع المنافسة الانتخابية في دائرة كسروان- جبيل. ذلك أن المنازلات لكسب المقاعد الثمانية المخصصة لهذه الدائرة (5 موارنة لكسروان، واحد شيعي و2 موارنة لجبيل) ستضع كبريات الأحزاب المسيحية في مواجهة محتدمة، على رأسها التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب، إضافة إلى بعض الشخصيات المستقلة كالنائبين السابقين منصور البون وفريد هيكل الخازن ورئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمت إفرام.
غير أن هذه النقطة لا تختصر وحدها ضراوة المعركة في جبيل وكسروان. ذلك أن استحقاق 2018 سيشهد أول افتراق ذي طابع انتخابي بين الحليفين التقليديين التيار الوطني الحر وحزب الله، بعدما بادر الأخير إلى تأييد ترشيح الشيخ حسين زعيتر عن المقعد الشيعي في جبيل، في سابقة هي الأولى من نوعها منذ توقيع تفاهم مار مخايل في شباط 2006. وهو ما لم يتأخر رئيس التيار الوزير جبران باسيل في التعبير عن اعتراضه عليه، ما يفسر تشكيل الطرفين لائحتين منفصلتين يخوضان بها المعركة في مواجهة لائحة تدعمها القوات، وأخرى ألفّها حزب الكتائب والنائب السابق فريد هيكل الخازن، إضافة إلى لائحة لمكونات المجتمع المدني.
وفي وقت ينظر مراقبون إلى معركة الأحجام التي ستنبري إليها الأحزاب المسيحية في هذه الدائرة التي تسجل فيها كل منها حضورا لا يستهان به، فإن بعض العارفين في شؤون وشجون الدائرة يؤكدون أن العين الانتخابية ستكون أولا في اتجاه المرشح الشيعي حسين زعيتر، نظرا إلى المدلولات السياسية لفوزه المحتمل في استحقاق 6 أيار.
فعلى وقع الامتعاض الشعبي الذي أثاره نجاح حزب الله في تشكيل لائحة تحمل زعيتر إلى مجلس النواب، من بوابة منطقة اعتبرت طويلا معقلا للأحزاب السيادية، وعلى رأسها الكتلة الوطنية، يقرأ بعض المراقبين في فوز زعيتر رسالة قوية يوجهها حزب الله إلى خصومه، وحلفائه وعلى رأسهم التيار الوطني الحر. ذلك أن بحسب هؤلاء، يعتبر فوز زعيتر- إذا حصل- ردا مباشرا على إعلان عون في وقت سابق أن الاستراتيجية الدفاعية ستكون موضع بحث بعد الانتخابات، حيث أن الحزب سيؤكد قدرته على كسب الشرعية الشعبية التني يريد إضفاءها على سلاحه، إنطلاقا من المناطق التي تعد عرينا للقوى المسيحية.
غير أن مصادر مراقبة تلفت عبر "المركزية" إلى أن على رغم هذه الصورة التشاؤمية، والتي يعطفها كثيرون على كلام عن شرذمة بين أعضاء اللائحة العونية، تبدو اللوائح المنافسة للحزب متيقنة لهذا الواقع، بما يجعلها تصوب بوصلة المعركة. وفي السياق، تذكر المصادر بالموقف الذي أعلنه نائب رئيس حزب الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ من بلدة بجه الجبيلية الأسبوع الفائت، حيث لفت إلى أن المعركة اليوم بين حزب الله، واللوائح التي يحمل أعضاؤها نهجا مناوئا له. وهو موقف التقى فيه مع النائب السابق فارس سعيد الذي وجه رسالة شديدة اللهجة إلى زعيتر، مفادها أن القرار السياسي لكسروان- جبيل يحدده أبناء القضاءين حصرا في صناديق الاقتراع، في مؤشر إلى أن الأيام الفاصلة عن يوم الانتخاب ستشهد مزيدا من الحدة والحماوة في هذه الدائرة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك