فرملت عقد كثيرة الاندفاعة الايجابية التي أعطى إشارة قوية إليها تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة العهد الأولى، كما يصفها المقربون من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فإلى جانب "حرب الأحجام" التي انبرى إليها شريكا المصالحة المسيحية، من باب نتائج انتخابات أيار الفائت، برزت العقدة الدرزية التي خلفها خلاف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال إرسلان، إضافة إلى مطب تمثيل النواب السنة غير الدائرين في الفلك الأزرق.
أمام هذه الصورة، وانطلاقا من شعار "السرعة من دون تسرع " الذي يسير بهديه في رحلة تشكيل حكومته الثالثة، انكب الحريري على تفكيك الألغام التي تعيق ولادة حكومية سلسة ينادي الجميع بها، إنطلاقا من الوعي لحجم التحديات الماثلة أمام لبنان، في محيط اقليمي ملتهب.
وغداة زيارته إلى قصر بعبدا، حيث قدم إلى الرئيس عون تصورا أوليا لشكل الفريق الوزاري العتيد، علمت "المركزية" أن الرئيس المكلف أحرز تقدما في تذليل العقبة المسيحية التي وضعت حليفيه القواتي والعوني وجها لوجه، في إطار الكباش على الحصص والحقائب الوزارية. وعلم في هذا الاطار أن الحصة الوزارية المخصصة للمسيحيين باتت ، وفي إطار الترجيحات الأولية القابلة للتغيير بفعل المفاوضات المستمرة، على الشكل الآتي: 10 وزراء لتكتل لبنان القوي ورئيس الجمهورية، 3 +1 للقوات، على أن يعطى وزير لحزب الكتائب، صاحب الكتلة النيابية الثلاثية، و1 لتيار المردة، الممثل هو الآخر بثلاثة نواب. غير أن مصادر مطلعة أشارت عبر "المركزية" إلى أن هذه الصيغة تواجه فيتو قواتيا، ذلك أن معراب، بحسب المصادر نفسها، تطالب بـ4 وزراء (على أن تعطى وزارة العدل أيضا)، منطلقة من حجمها النيابي الجديد ومن التقدم الذي أحرزه الحريري لجهة تفكيك اللغم المسيحي الذي يمنع ولادة الحكومة العتيدة.
لكن، على رغم هذه الصورة (التي يضاف إليها تمسك رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بحقه في المقاعد الدرزية الثلاثة في تشكيلة ثلاثينية)، تبدو المصادر متفائلة بولادة حكومية بعد أسبوع من عيد الفطر، مذكرة بأن الجميع يريد تأليف الحكومة سريعا، بدليل أن حزب الله لم يعلق على الكلام الأخير لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، معتبرة أن الحزب أكد بصمته هذا أن الأولوية راهنا لتشكيل الحكومة، ولا يجوز أن تحرف أي ملفات أو مواقف هامشية الأنظار عن هذا المسار.
في المقلب الآخر، تؤكد مصادر سياسية مطلعة لـ "المركزية" أن المسؤولين السعوديين الذين التقاهم النائب السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور اغتنموا فرصة زيارة الوفد لتأكيد تمسكهم بضرورة تأليف الحكومة العتيدة في أقرب وقت ممكن، مشددين على أن الرياض لا تتدخل في الشأن الداخلي اللبناني. غير أن هذا لا ينفي بحسب المصادر الأهمية التي تعلقها المملكة على صون الاستقرار في لبنان، بدليل أنها أكدت أمام جنبلاط والوفد المرافق استعدادها لتقديم المساعدات وتنفيذ المشاريع التي من شأنها إنعاش الاقتصاد اللبناني، على أن يكون أول الغيث توافد السياح السعوديين إلى بيروت خلال فصل الصيف.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك