من تابع أمس وقائع استئناف غرفة الدرجة الاولى لدى المحكمة الخاصة بلبنان برئاسة القاضي دايفد راي، أعمالها مجددا في لاهاي (حيث بدأت بالاستماع الى المرافعات الشفوية الختامية تمهيداً لختم المحاكمة والانصراف الى التذاكر واصدار قرارها)، وما تخللها من كلام ومعطيات جدد فيه "الادعاء" اتهامه "حزب الله" والنظام السوري بالضلوع في الإعداد لعملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، من جهة، وما أعقبها من مواقف أطلقها الرئيس سعد الحريري، من جهة ثانية، خال نفسه في 17 كانون الثاني من العام 2014، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية"... يومها، أعلن "الادعاء" للمرة الاولى بوضوح، بعد سلسلة جلسات، أن 5 عناصر من "الحزب"، حضّروا لزلزال 14 شباط 2005، محدّدا هوياتهم وأدوارهم في الاغتيال. ويومها ايضا، خرج الرئيس الحريري من قاعة المحكمة وتحدّث الى الاعلاميين من امام الصرح القضائي الدولي قائلا "وجودنا هنا اليوم دليل الى أن موقفنا كان وسيبقى طلب العدالة، لا الثأر، وطلب القصاص، لا الانتقام. في قاموسنا، الرد على العنف لا يمكن أن يكون بالعنف، بل بمزيد من التمسك بإنسانية الإنسان، بالقانون وبالعدالة وبالإيمان بالله". وفي وقت أسف "لان اسماء الاشخاص الذين ارتكبوا هذه الجرائم اسماء لبنانية تنتمي الى احد الاطراف السياسيين"، أكد "انهم ابرياء حتى تثبت ادانتهم، وهذا ما نريده. نحن نريد العدالة لا الانتقام". وسئل عن شعوره الشخصي، فقال "الامر صعب، فهو مزيج بين رؤية العدالة تتحقق امامك من جهة، ومن جهة اخرى فان والدي لن يعود. لكننا اليوم في لبنان نرى اخيرا خطوة في الاتجاه الصحيح للقبض على الذين ارتكبوا هذه الجرائم. في السابق عندما كانت تتم عملية اغتيال، كان يوضع الملف طيّ النسيان، اما اليوم فاننا نقول للعالم كلا، فهذا لن يحدث بعد الان".
وما أشبه اليوم بالامس، تضيف المصادر. فالرئيس الحريري تحدث من لاهاي باللهجة العقلانية والتصالحية نفسها، مكررا "بالنسبة لي كنجل رفيق الحريري، اليوم يوم صعب، فرفيق الحريري لم يعد موجودا معنا، وهو كذلك يوم صعب للبنان، فالرئيس الحريري وجميع شهداء 14 آذار سقطوا من اجل حماية لبنان وليس من اجل خرابه، ومن هذا المنطلق طالبنا منذ البداية بالعدالة والحقيقة اللتين نؤمن بأنهما تحميان لبنان، ولم نلجأ يوما الى الثأر، فرفيق الحريري لم يكن يوما رجلا يسعى للثأر بل كان رجل عدالة ونحن على خطاه سائرون". واذ لفت ردا على سؤال الى "انني لا اعرف ماذا سيكون القرار النهائي، فلننتظر ولنر ولا نستبق الأمور. وفي النهاية نحن في بلد نعيش فيه مع بعضنا ونريد ان نعيش مع بعضنا لمصلحة البلد. أتيت الى لاهاي منذ سنوات وقلت كلاما استغربه البعض، ولكن في لبنان يجب ان يتمثل الجميع ودعونا لا نستبق الأمور"، قال ردا على سؤال عن مشاعره حين سمع عن علاقة حزب الله بالجريمة "عندما يكون الانسان في الموقع الذي انا فيه اليوم يجب عليه ان يضع مشاعره جانبا".
وفي وقت يكثر الحديث في بيروت، عن تداعيات ستتركها جلسات لاهاي والحكم الذي سيصدر عنها على الساحة المحلية، حرص الحريري نفسه على التأكيد ان "اثباتات الادعاء ظهرت في الماضي وتم التطرق اليها"، مشيرا الى ان الاولوية تبقى للاستقرار. وبين سطور كلامه، تمسّك بربط النزاع السياسي مع حزب الله وبتحييد مسار المحكمة عن اللعبة السياسية الداخلية، أي ان الحريري ليس في وارد الدخول في صدام مع الحزب ولا في وارد التصعيد في وجهه او رفض الشراكة معه حكوميا ونيابيا. لكن في المقابل، تضيف المصادر، يدل أداء اعلام فريق 8 آذار ومن يدورون في فلكه سياسيا الى اصرار على رفض الاعتراف بالمحكمة وبالتالي رفض لتسليم المتهمين بالاعداد للاغتيال... فهل هذا الموقف يساعد في التأسيس لمستقبل افضل في الداخل، أم يترك الفتنة السياسية والمذهبية نارا تحت الرماد قابلا للاشتعال عند أول خلاف.. وما أكثر الخلافات"!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك