راشيل علوان
نداء الوطن
تلقّى القادة العرب الدعوات الرسمية لحضور القمة العربية في بغداد بدورتها الـ 34، هذه القمة التي يعوّل عليها العراق لاستعادة دوره الفاعل في محيطه العربي، تنعقد وسط ظروف إقليمية شائكة ومعقدة، من ملف غزة، إلى اليمن واتفاق وقف النار بين الحوثيين والأميركيين، فالمحادثات الإيرانية - الأميركية، هذا فضلاً عن أزمة السودان وغيرها من الملفات.
تحضيرات بغداد جارية على قدم وساق لضمان نجاح هذه القمة في الشكل والمضمون، إلّا أن التحديات أمامها كثيرة، خصوصاً أنها ستأتي عقب زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج، زيارة تخطف بلا شك الأضواء من القمة مع ترقب ما سيحمله ترامب في جعبته من مواقف وقرارات جديدة.
في الشكل، أمام بغداد تحدّ يتصل بمن سيحضر القمة من الزعماء والقادة العرب، إذ إن الدعوات أُرسلت، لكن يُرجّح أن تؤثر زيارة ترامب المرتقبة الأسبوع المقبل على مستوى حضور بعض الزعماء العرب للقمة، خصوصاً قادة السعودية وقطر والإمارات.
في الشكل أيضاً، الدعوة وجّهت إلى الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع، الذي يشكّل حضوره موضوع انقسام في الداخل العراقي، إذ يعارض «الإطار التنسيقي» حضور الشرع للقمة، معتبراً أن إصرار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على دعوة الشرع سيدفع زعماء بعض الدول إلى مقاطعة القمة.
في المضمون، تتصدّر القضية الفلسطينية جدول أعمال القمة بوصفها القضية العربية المركزية. وفي حين كانت تبنت القمة العربية الطارئة في القاهرة خلال آذار الماضي الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة من دون تهجير، لا يتوقع من قمة بغداد أن تقدّم أي جديد في هذا الملف، فيما الأنظار كلّها شاخصة إلى ما سيعلنه ترامب قبيل توجّهه إلى الخليج، هو الذي تحدّث عن خبر مهمّ للغاية يعتزم الإعلان عنه، رجّحت التوقعات بأنه يتعلّق بالمساعدات الإنسانية إلى غزة. هذا فضلاً عن ترقب ما سيناقشه ترامب أيضاً خلال زيارته الخليجية حول غزة. وبالتالي، ماذا يمكن أن تقدّم قمة بغداد من جديد في ملف غزة، لن يسبقها إليه الرئيس الأميركي؟
وإلى جانب غزة، ملفات ساخنة متعلّقة باليمن وسوريا والسودان وليبيا على طاولة القادة العرب، تتطلّب تنسيقاً عالياً وتجاوزاً للخلافات والتباينات بين الدول الأعضاء للخروج برؤية استراتيجية، فلا تبقى مقرّرات القمة الـ 34 حبراً على ورق. ووفق تصريحات الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي، فإن القمة ستبحث أيضاً قضايا التنمية والتضامن العربي والتحديات الاقتصادية والاجتماعية. كلّها عناوين عريضة على جدول الأعمال، إلّا أن العبرة في التنفيذ وتقديم حلول عملية للأزمات، لا أن تكون هذه القمة كسابقاتها مجرّد فعالية بروتوكولية لا أكثر.
قمة بغداد تأتي في لحظة حاسمة حيث تتقاطع الأزمات الإقليمية مع تحديات داخلية عميقة في العالم العربي. وإذا كان العراق يراهن على تحقيق انطلاقة جديدة للعمل العربي المشترك من أراضيه، تفرض هذه التحديات والأزمات ضغوطاً متزايدة على الدول العربية للانتقال من التصريحات والبيانات والعناوين الرنّانة إلى الإجراءات الملموسة والعملية. فهل تحقق قمة بغداد ما عجزت القمم السابقة عن تحقيقه؟