كتب جان نخول في موقع mtv:
منذ أن أعاد قانون النسبية بيروت الأولى إلى غالبيتها المسيحية، أصبحت المعركة فيها تختزل المعارك كلّها في لبنان، لما تحمله العاصمة من بُعد وحدوي وجامع. ولكن انتخابات ٢٠١٨ فاجأت الجميع عندما أتت نسبة الاقتراع في هذه الدائرة قرابة ٣٣ ٪ بنسبة هي الأدنى في لبنان بكامله!
نسبة الاقتراع هي المرشح الأول في انتخابات ٢٠٢٢. كلما ارتفعت نسبة الاقتراع، كلما دخل عاملان جديدان على خط المعركة في هذه الدائرة. العامل الأول هو رفع الحاصل الانتخابي، الذي كان بحدود ٥٥٠٠ صوت تقريبا، والعامل الثاني هو هوية الناخبين الجدد إن صح القول، وإمكانية أن يكون صوتهم باتجاه لوائح المجتمع المدني التي تستفيد من هذه الدائرة بالذات من أجل تحقيق الخرق الذي أحدثته في الانتخابات الماضية.
ملعب المجتمع المدني
في الانتخابات الماضية، نجحت بولا يعقوبيان، وكانت اللائحة تريد الاستفادة من الكسر الأكبر، بعدما شكت من تلاعب في النتائج لإيصال جمانة حداد عن مقعد الأقليات. هذه المرة، ستجيش لائحة المستقلين كل قواها في هذه الدائرة من أجل كسب الرهان، وإيصال مرشح آخر على الأقل، خصوصا أن نوعية الناخبين في هذه الدائرة قادرة على التحكم بالتغيير أكثر، فلا عوامل مناطقية وجبلية وعشائر وما إلى ذلك، والروحية التقدمية لبيروت تحرر كثيرين من الالتزامات العائلية أو غيرها.
إذا بقيت نسبة الاقتراع على حالها، يحتاج المجتمع المدني إلى ١٥٠٠ صوت إضافي فقط من أجل إحراز الكسر الأكبر. هنا تكون معركته مع لائحتين على الأرجح بدل لائحة واحدة كما في عام ٢٠١٨، واحدة للكتائب بشخص نديم الجميل أو من يمثل إرث بشير الجميل بالتحالف مع مستقلين، يرجح أن يكونوا مدعومين من أنطون صحناوي، صاحب النفوذ والشعبية الكبيرة في الأشرفية خصوصا. أما اللائحة الثانية، فتكون للقوات اللبنانية وحلفائها، ومن المرجح أن يكون الأرثوذكسي عليها الوزير السابق غسان حاصباني. بهذه الطريقة، ستحاول اللائحتان الحصول على حاصل وكسر كبير. وبدل ثلاثة مقاعد كما في الانتخابات الماضية، ستكون لكل لائحة مقعدان، على قاعدة أن انقسامهما حوّل الحاصل العام من ٣.١ إلى ١.٧ و١.٨ فتحولت اللعبة إلى تنسيق غير بريء لحيازة نصف المقاعد.
العامل المقرر في هذه المعادلة هو النائب السابق ميشال فرعون. له من الشعبية ما يكفي لفرض وزنه، ولكن تعثر وصوله لاصطدامه بالكاثوليكي العوني نقولا صحناوي. لميشال فرعون خياران لا يلتقيان انتخابيا: القوات أو المستقبل. يمكن أن يحصل على دعم القوات فيكون الفائز الثاني من لائحتها، ويمكن أن يتحالف مع المستقبل لكسب الأصوات السنية التي تتخطى ١٠ آلاف ناخب في الدائرة، يقترع ثلثهم تقريبا. خيار فرعون يحدد وجهة وعدد اللوائح.
الأرمن في حيرة!
اعتاد الأرمن والطاشناق خصوصا أن يكونوا على حلف دائم مع العهود الرئاسية. لكن العهد العوني يصل إلى نهاية، وبالتالي، قد لا يتحالف الطاشناق مع التيار الوطني، إلا إذا حصل تفاهم بينهما يشمل المتن وزحلة، لأن الطاشناق يحسبون معركتهم وطنيا دائما. في حال عدم تحالف الطاشناق مع التيار، سيكون المستقبل أو ميشال فرعون الوجهة الأخرى لتوزيع أصواته في المدور تحديدا وضمان مقعدين من أربعة، نسبة لترؤس بولا يعقوبيان على الأرجح لائحة المستقلين، وترؤس جان طالوزيانالمدعوم من صحناوي لائحته، ما لم يطرأ تغيير على التوزيع الطائفي والأسماء.
العونيون الخاسر الأكبر في الدائرة...
سيعاني التيار الوطني من انتكاسات عدّة من هذه الدائرة تحديدا. رحيل مسعود الأشقر سيحرر كثيرين من محبيه من التزام التصويت له على اللائحة البرتقالية، مصير الطاشناق غير المعروف في الدائرة، والأهم، حجب الأصوات السنية التي أعطت مرشحي التيار في المرة السابقة.
هذه العوامل كلّها تضاف إلى النقمة الشعبية على التيار الوطني الحر بعد انفجار ٤ آب. فالمجتمع المدني كان فاعلا جدا عبر جمعيات عدّة، والقوات اللبنانية كلفت الوزيرة السابقة مي شدياق بإدارة الأزمة. أما "التيار"، فلم تتعد مبادراته في الدائرة مبادرة بيض الفري عند بدء الأزمة الاقتصادية. في هذه الحال، قد يقتصر وجود "التيار" على حاصل واحد، ولكن هوية الفائز به غير معروفة، وفي حال غياب التوازن في توزيع الأصوات، قد يذهب المقعد إلى حليف له، وليس لأحد مرشحيه!