شهدت محافظة جبل لبنان يوم الأحد 4 أيار 2025 إنتخابات بلدية واختيارية تاريخية، تجلّت فيها بوضوح علامات التغيير الملحوظ في العديد من المدن والبلدات الكبيرة.

الرسالة التي يمكن قراءتها هي أن الشعب قد عبّر عن سخطه من الطبقة السياسية التقليدية، وأكّد رغبته في التغيير. إذ يمكن إعتبار هذه الانتخابات بمثابة إستفتاء شعبي على صعيد البلديات، التي لطالما اتُّهمت بالفساد والإهمال والتراخي في تحمّل المسؤوليات وعدم الاهتمام بمداخيلها من وزارة المالية.
بلغت نسبة الاقتراع 45.08%، وهي نسبة تعتبر مرتفعة بالنظر إلى الأزمات الاقتصادية والتحديات التي مرّت بها البلاد، والتي تسببت في العديد من أهالي هذه المحافظة إلى العمل خارج البلاد أو الهجرة، ما يعكس في الأصل تراجعاً محتملاً في نسبة الاقتراع. هذا الإقبال الشعبي عكس الإصرار على المشاركة في صنع مستقبل الإنماء للبلدات. إن هذا التحوّل الملفت هو بمثابة صحّوة جماعية بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة وتأثيرها على التحالفات ضمن الطائفة الواحدة. ويبدو أن إرادة الشعب قد منحت الفرصة لوجوه جديدة وبرامج إصلاحية قد تبدو جادة في نواياها وإرادتها لبلدات كبيرة مثل جديدة المتن، البوشرية، جونية وجبيل...
لا يسع الشعب اللبناني في هذا الاستحقاق الراقي إلا أن يتقدم بالشكر والتقدير إلى الدولة اللبنانية، ورئيس جمهوريتها، ورئيس حكومتها، وبشكل خاص إلى وزير الداخلية والبلديات والقوى الأمنية اللبنانية على جهودهم المبذولة في تأمين سير هذه العملية الانتخابية الضخمة بكل شفافية وديمقراطية.

لقد كانت إنتخابات محافظة جبل لبنان بمثابة زلزال سياسي هزّ أركان الطبقة التي كانت "تستقوي" بجهات مسلحة خارجة عن الشرعية اللبنانية وذات انتماءات خارجية. وتبقى نسبة معيّنة من إشكالية الانتماءات العائلية الضيقة ومحسوبياتها، بما يُعرف بالإقطاع السياسي الذي لا يزال موجوداً للأسف الشديد، مثل هواجس عدم التمثيل العائلي الني تعتبر مخاوف يجب معالجتها والتخلي عنها مع مرور الوقت ومع تطوّر الدولة والازدهار الاقتصادي، على أمل أن تكون هذه التجربة مقدمة للأسابيع المقبلة في باقي المحافظات ولكي تفتتح صفحات جديدة مشرقة من تاريخ لبنان.