هل من حرب وشيكة بين إسرائيل وإيران؟
20 Aug 202506:22 AM
هل من حرب وشيكة بين إسرائيل وإيران؟
أبلغ رئيس الجمهورية العماد، جوزاف عون، أمين المجلس الأعلى في الأمن القومي للأمن في الجمهورية الإسلامية في إيران، علي لاريجاني، الرغبة في التعاون مع إيران ضمن حدود السيادة. وبحسب بعض المصادر، عبّر عون أمام لاريجاني رفضه تصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين في ما يتعلق بلبنان، مؤكداً رفضه أن تكون الصداقة عبر مكوّن لبناني واحد.

هذا ووصل لاريجاني، الأربعاء 13 آب الجاري، إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، حيث كان في استقباله مناصرو حزب الله الذين تجمهروا على دراجاتهم النارية في محيط المطار. وفي كلمة له، عند وصوله قال الزائر الإيراني إننا «سنقف إلى جانب الشعب اللبناني في مختلف الظروف ونسعى لتحقيق مصالح هذا البلد».

بين المطلب الرسمي اللبناني بتوسيع دائرة الصداقات الإيرانية مع مختلف الطوائف اللبنانية بدل حصرها مع الثنائي الشيعي، يصرّ الإيراني على تركيز دعمه لحزب الله لما تتضمنه المرحلة القادمة من تحدّيات تحتاجها طهران للوقوف في وجه الضغوطات الغربية عليها.

على طريقه إلى لبنان، عرّج لاريجاني على بغداد، الإثنين 11 آب الجاري، حيث أبرم مع الحكومة العراقية اتفاقاً أمنياً بين البلدين، في أول زيارة رسمية له خارجية بعد تعيينه، وسط تصاعد الجدل حول نفوذ الحشد الشعبي ومخاوف من صدام لبناني رسمي مع حزب الله في لبنان بعدما تصاعد التوتر بينهما.
ردّ العراق على الانتقادات الأميركية بعد ساعات من توقيع الاتفاق الأمني مع إيران، وأكد أن هذا الاتفاق يأتي في إطار التعاون الثنائي لحفظ الأمن وضبط الحدود. وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس أعربت مساء الثلاثاء 12 آب الجاري، عن رفضها لهذه المذكرة مؤكدة رفضها لأي تشريع يتعارض مع أهداف واشنطن ويتناقض مع جهود تعزيز المؤسسات الأمنية القائمة في العراق.

كما في العراق كذلك في لبنان، فإن الأميركي يهدف إلى الدفع نحو سحب سلاح الحزب على اعتبار أن وجوده يقوّض جهود الدولة لتعزيز المؤسسات خارج إطار الدولة ومؤسساتها هذا في الشكل. أما في المضمون فالمطلوب إقصاء النفوذ الإيراني ومنعه من العودة إلى المنطقة على اعتبار أنّها دخلت تحت المظلة الأميركية.

أدركت إيران أن المنطقة تتغيّر وإن ما قبل 7 تشرين الأول عام 2023 ليس كما بعده، خصوصاً مع سقوط النظام السوري وهروب بشار الأسد، فما كان عليه النفوذ الإيراني لم يعد اليوم. تسارع إيران الخطوات نحو إعادة ترتيب أوراقها في المنطقة، بعدما شدّت الولايات المتحدة الخناق على حلفاء المحور الممانع. فكما حزب الله العراقي كذلك الأمر عند حزب الله اللبناني، حيث الورقة الأميركية تطالب بحصرية السلاح، على اعتبار أن المنطقة يجب أن تكون خالية من الأسلحة الاستراتيجية التي تهدّد المشروع الأميركي القائم على بناء الممرات الاقتصادية بعيداً عن النفوذ الإيراني.

كان حازماً الرئيس عون أمام ضيفه في الطلب بعدم التدخّل في الشأن اللبناني، على اعتبار أن التصاريح للمسؤولين الإيرانيين هي تدخّلية في الشأن اللبناني خصوصاً في رفض المواقف الأخيرة للحكومة اللبنانية في شأن حصرية السلاح. فهذا الموضوع تحديداً يأخذ انقساماً عامودياً في الداخل اللبناني، بين المؤيد لقرار الحكومة وبين الرافض على اعتبار أن هذا القرار هو إملاء أميركي بالتوافق مع المملكة العربية السعودية.

سمع الكثير لاريجاني في موضوع السيادة، ولكن الرجل الذي أتى إلى لبنان بمهمة خاصة، لا شأن له بهذه التصاريح فالمطلوب ليس تقديم الدعم للشعب اللبناني والوقوف إلى جانبه بل الإبقاء على نفوذ بلاده في لبنان. لهذا تتضمن زيارته رفضاً واضحاً للقرار المرتبط في سحب السلاح، على اعتبار ان للحزب دور لم ينتهِ بعد، خصوصاً وإن إيران تشعر إن خسارتها لأوراقها في المنطقة سيضيّق عليها الخناق ويفقدها الكثير من أوراق القوة في الوقت الذي لم تزل الدول الأوروبية تفرض عليها المزيد من العقوبات. إذ إفادة صحيفة «فايننشال تايمز»، بأن فرنسا وألمانيا وبريطانيا، أبلغت الأمم المتحدة باستعدادها لإعادة فرض العقوبات على إيران، إذ لم تعد للمفاوضات بشأن برنامجها النووي بحلول نهاية آب.

هواجس الإيراني دفعت بلاريجاني لاستعجال زيارته إلى كل من بغداد وبيروت في سبيل لإعادة ترتيب أوراق حزب الله في كلا البلدين، وقد أتت بعدما شعرت طهران أن السياسة الغربية تمارس خطة لتطويقها. إذ صعّدت طهران من لهجتها تجاه اتفاق السلام الذي توسط فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الهادف إلى طي صفحة الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، عبر إقامة ممر «زينغور» في جنوب القوقاز، هذا ما دفع إيران للرفع مستوى التهديد على اعتبار أن هكذا اتفاق سيجلب الولايات المتحدة وحلف الناتو إلى حدودها.

لم تأخذ إيران ضمانات جديّة من حلفائها الدوليين، روسيا والصين، في ظلّ حربها الـ12 يوما مع إسرائيل، وإن الدعم لم يكن على قدر المستوى والحدث. كما وإن طهران باتت تستشعر الخطر من اللقاء المنتظر بين الرئيسين الأميركي ترامب والروسي فلاديمير بوتين في مقاطعة ألاسكا الأميركية، الجمعة 15 آب الجاري، على اعتبار أن منطقة الشرق الأوسط ستكون تحت المجهر والنقاش. لقد باتت على يقين طهران أن واشنطن تريد وقف حرب غزة على قاعدة تسليم حماس سلاحها، وهذا الأمر يتطلب من الأميركي تقديم تنازلات إلى الجانب الروسي الذي سيكون حتماً في اعتراف أميركي بسيطرة موسكو على أراضي في أوكرانيا في مقابل تخلّي روسي عن أوراق في المنطقة لا سيما المتعلقة بمحور إيران.

تحدّيات كثيرة تواجه طهران مع ارتفاع الحديث الإسرائيلي على جولة ثانية من الحرب مع طهران، حيث ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حلف تأبين رسمي لزئيف جابوتنسكي، في 4 آب الجاري، من أن بلاده على الاستعداد الكلي لمواجهة هجوم إيراني مرتقب على كافة الجبهات. لهذا يتصاعد الحديث عن لعبة «شدّ للحبال» بين الأميركي والإيراني، وما الجولات الدبلوماسية بين لاريجاني وتوم باراك المبعوث الأميركي إلّا دليل أن لا تراجع أحد طرفي الصراع عن أهدافهما في المنطقة ما بات بنذر بحرب وشيكة جديدة بين إيران وإسرائيل على أن تشترك فيها هذه المرة الأطراف الداعمة لطهران من حزب الله اللبناني إلى العراقي فيها.