برغم أنها الأقرب الينا بعد سوريا، في المعتاد لا نهتم اهتمامًا كافياً بما يحصل في جزيرة قبرص. وما يحصل على بُعد نحو مئتي كيلومتر من شواطئنا، ملآن بالعبر والتشابهات. في زمن متقارب انفجر البلدان التوأمان في ازمتهما الوجودية، الى أن تكيفت الجزيرة مع تقسيم اتاح دورة الحياة والاستقرار على شطريها، مع بقاء جمر الأزمة تحت رماد ستاتيكو مثمر.
اليوم، نصف الجزيرة "الرومي"(هكذا تدعوه تركيا) أصبح في الاتحاد الأوروبي. لقد أصبح لبنان عربي الهوية في الوقت الذي بدأ أفول اي شكل من اشكال الاتحاد العربي. واليوم، لبنان لا هو في حرب دائمة ولا في سلم أكيد. لا هو منقسم، ولا موحد. القبارصة كانوا أصدق منا. وقعت الواقعة فأعلنوا الانفصال الواضح، واحتفظوا بحق العودة الى دستور يعيد وصل ما انقطع. وتركوا الزمن يلعب لعبته. اليوم الشطران المسلم التركي والارثوذكسي اليوناني، أقرب الى حل نهائي. لم يصلا بعد الى الحل، لكنهما أقرب الى حل سيكون أثبت وأصدق من "طائف" يناهز سبعة وعشرين عاماً ولا يزال مهتزاً.
يعتبر الحمار من معالم قبرص التراثية، ويُحكى أن ريمون اده التقى أحد وجهاء آل الخازن بعد زيارته الى قبرص، وبادر صديقه الخازني: برمت قبرص وما شفت ولا حمار. فرد الخازني: إنتا ما شفت بس هني شافو! متى "سنرى"؟