كتب بيار بو عاصي:
١٣ نيسان ١٩٧٥، كنت طفلاً يومها. عشرةُ أعوامٍ لم أتممها بعد. عشرات الأعوام سوف تأتي بين انهيار الدولةِ والاحتلال والمقاومة والتمزق والمقاومة من جديد والنكسة والهجرة والعودة وخطر الانهيار من جديد.
١٣ نيسان ١٩٧٥، سقط ابن قريتي، ابن عائلتي، شهيداً يوم أشاحت الدولة بناظرها عن خطرٍ داهمٍ يتربص بالوطن.
لماذا سقط جوزف بوعاصي يومها؟
أما كان حريٌ ان يقف في مكانه شرطي او جندي يفرض هيبته باسم هيبة الدولة وشعبها، فيعمُّ الانتظام العام والسلام؟
في طفولتي عرفت جوزف رجلاً شجاعاً، وكان في نظرته وفي احترامه للغير كثير من الحنان.
وفي كل مرة رأيته زادت فيه الشجاعة وزادت في نظرته القسوة وشيءٌ من التأمل.
كأنه كان عالماً بما كُتب له، بما كُتب لنا.
سقط جوزف. استشهد. اصبح رمزاً.
انهمرت زخات الرصاص، انهمرت الدموع، زخات رصاص ودموع، من كل حدب وصوب.
قاتَل المقاتِلون وقُتِلوا.
حاولوا، نجحوا وفشلوا في إنقاذ دولة ووطنٍ، موطِنٍ لأبنائه، كل أبنائه.
انضمّيت الى القافلة وما زلت.
حلمتُ وما زلتُ بوطنٍ، بدولةٍ عادلة، قادرة، ومطمئنةٍ لجميع اولادها.
نظرتُ لرفاقي ورأيتُ في نظراتهم فرح المصمم على البناء.
رأيتُ في نظراتهم شيئاً من القساوة، شيئاً من التأمل، شيئاً من القدر ولا يستسلمون.
٤٥ سنة مرت على استشهاد جوزف بوعاصي، على اندلاع شرارة الحرب. تلك الحرب اليتيمة لم يدَّعِ البطولة فيها سوى الجبناءالذين اشاحوا بوجههم عنها.
ان لم نبنِ تلك الدولة المنشودة، عبثاً يحاول البناؤون وسوف يعود ١٣ نيسان كما في كل عام حاملاً معه شبح مأساة لم نعرف تداركها، علنا ندرك فنتدارك ذلك اليوم.