إدغار قبوات
كتب المحامي إدغار قبوات في موقع mtv:
إن إعتماد الفدرالية ممكن في لبنان لإعتبارات عدة، لا سيما بفضل وجود المنتظم القانوني والتشريعي لذلك، والمكرس في الفدرالية الشخصية المعمول بها منذ دهور، وبفضل توافر جزء كبير من الشروط السالفة الذكر اعلاه.
إذا، لا تتمتع كل مكوّنات الشعب اللبناني بقانون واحد وموحّد صادر عن السلطة التشريعية المركزية، وذلك في مسائل عدّة، الأمر الذي يساهم واقعا في تكريس الخصوصيات الثقافية المختلفة بين الطوائف كافة، لا سيما في الميدان القضائي، الديني والتعليمي. فاسبغ القانون اللبناني للطوائف اللبنانية المعترف بها شخصية حقوقية، وخصّ سلطاتها ببعض الصلاحيات المتعلقة بتنظيم وإدارة شؤونها الداخلية، خاصة الدينية، منها الأوقاف والجمعيات الخيريّة والأحوال الشخصية.
تأسيسا على ذلك، تعترف قوانين الطوائف في الفدرالية الشخصية بحق إدارة شؤونها الخاصة. ففي لبنان مثلا، توفر القوانين المتعلقة بتنظيم الطوائف إستقلالا ذاتيا فعليا لها، فيما يختص بتنظيم شؤونها الدينية والإجتماعية والإدارية والمالية، كما تحافظ على تنوّع قوانين الأحوال الشخصية، لأنها تضعها على عاتق السلطات الروحية. فغالبية الطوائف في لبنان، تتحلّى بمحاكمها وقوانينها الخاصة في مجال الأحوال الشخصية.
يستفاد من ذلك، ان تطبيق الفدرالية الشخصية، من ضمن الدولة المركزية، يتناقض مع الهدف المرجو من هذا النظام، الا وهو تامين العيش المشترك والإنصهار الوطني بين المكوّنات الطائفية كافة. إن الفدرالية الشخصية، غير المقترنة بالنظام الفدرالي، تؤدي إلى تقاسم مغانم، وصراع سلطوي طائفي حادّ، اثبتت عبر التجربة عن مدى فشلها لعقود على الصعيد الوطني. تأسيسا على ذلك، المحافظة على الفدرالية الشخصية المتجذّرة في لبنان، بعد تطبيق نظام فدرالي جغرافي او إقليمي مقترن بالحياد، من شأنه ان يؤمن العبور الراقي إلى دولة الموحّدة الحقيقية، الغنية بتعدديتها وبإنصهار مكوّناتها الطائفية والثقافية.
ختاما، إن اسس ومداميك الدولة الفدرالية قائمة في لبنان، ولا حاجة إلى إبتكار اسس جديدة كمدخل لإعتماد النظام الفدرالي. إنّ اعتماد الأقضية بعد تعديلها قليلا عند الحاجة من جهة، والإنطلاق من الفدرالية الشخصية وتثبيتها من جهة اخرى، هما ثابتتان تشكلان العمود الفقري للنظام الفدرالي الجديد، كونهما معمول بهما منذ سنوات جمّة، وإعتاد اللبنانيون عليهما.