ماذا يقول نواب الطائف في التقسيمات الانتخابية؟

تختلف التفسيرات الدستورية والسياسية لما جاء في وثيقة الوفاق الوطني في الطائف بالنسبة للتقسيمات الانتخابية، والتي جاء في نصها أن «الانتخابات النيابية تجري على أساس المحافظة بعد اعادة النظر في التقسيمات الادارية وبما يؤمن اشراك كل الفئات اللبنانية على اساس مراعاة العيش الوطني المشترك»، لكن لم يرد في الدستور اي نص حول التقسيمات الادارية.وإذا كانت البطريركية المارونية قد جعلت المسيحيين ينضوون تحت سقف رفض إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، على أساس «قانون الستين» الاكثري، فإن هذا الموقف الأول من نوعه، أدى الى خلط الأوراق، بحيث صار لزاما على أي مشروع قانون انتخابي على أساس الأقضية أو الدوائر المتوسطة او الكبرى (المحافظة) أن يأخذ في الحسبان مراعاته للهواجس المسيحية التي تختصر بمعادلة أن ينتخب المسيحيون معظم نوابهم وليس كما هو الحال وفق قانون الستين الأكثري.وتنطلق كل المشاريع المقترحة ـ ما عدا مشروع الحكومة ـ من مخالفة صريحة لاتفاق الطائف والميثاق الوطني، الذي نص على «اعتماد المحافظة دائرة انتخابية بعد اعادة النظر بالتقسيمات الادارية».غير أن السؤال المطروح هل ان التقسيم الاداري الذي نصّ عليه الطائف يمكن ان يكون ذاته التقسيم الانتخابي؟ وهل ينص الطائف على النسبية ام يُبقي على نظام الاقتراع الاكثري؟«قوى 14 اذار» تؤكد ان النسبية غير واردة في الطائف، وان التقسيم الاداري ليس بالضرورة ان يكون ذاته التقسيم الانتخابي، بينما تعتبر «قوى 8 آذار» أن الدوائر الكبرى هي في اساس نص وروح الطائف، وان اعتماد النسبية من عدمه متروك لقانون الانتخاب. فماذا يقول نواب الطائف في هذا المجال؟
رزق: الاقضية هي المحافظات
يقول النائب السابق ادمون رزق لـ«السفير»: «لقد كتبت التعديلات بيدي بعد تكليفي من قبل مجلس الوزراء في العام 1990 (حكومة سليم الحص) واقر المجلس النيابي وقتها التعديلات كما كتبتها، وكانت نيتنا وقتها ان اعادة النظر بالتقسيم الاداري يعني انشاء محافظات جديدة بتحويل الاقضية التي كانت موجودة الى محافظات، اي نحو 36 محافظة انطلاقا من تطبيق مبدأ الانماء المتوازن واللامركزية الادارية الموسعة التي توافقنا عليها، لكن بكل اسف كل من تعاقب على الحكم من وقتها لم يفهم دستور الطائف ولم يطبقه كما نصت وثيقة الوفاق الوطني، وهم اليوم يفصّلون قوانين انتخابية على قياس مصالح كل طرف منهم لتطويب النيابة لهم الى ما شاء الله، وكلهم يتاجرون بحجج مصالح المسيحيين والمسلمين».اضاف رزق ان روحية الطائف «تقضي بوضع قانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل لشتى فئات الشعب وبما يحفظ العيش المشترك، هذه هي فكرة الطائف وروحه، بغض النظر عن تقسيم الدوائر الانتخابية اكانت صغرى ام كبرى. فالمهم هو صحة التمثيل. لذلك كنا ولا زلنا نقول ان الطائف هو نص وروح، وقد تحدث الطائف مثلا عن الغاء طائفية الوظيفة واعتماد الكفاءة، فمن طبق ذلك؟ ونص على العمل لالغاء الطائفية السياسية فمن يعمل على ذلك؟ وكيف تلغى الطائفية السياسية وهناك احزاب دينية مسيحية واسلامية؟ لقد توافقنا في الطائف على اقامة دولة مدنية لأنه كان بذهننا تطوير الدولة وجعلها نموذجا في المشرق العربي. وما يحصل اليوم هو بازار انتخابي لضمان البقاء في المقاعد النيابية.وردا على سؤال قال رزق: لم نحسم في الطائف التقسيمات الانتخابية، بل تركنا ذلك للحكومات التي ستأتي وللمجلس النيابي، لكن على اساس الروح التي سادت في الاجتماع النيابي في الطائف فلم ندخل في التفاصيل المتعلقة بقانون الانتخاب، بل وضعنا عناوين عامة حول هوية لبنان ودوره وكيف نريده واي دولة نريد، لإزالة كل الالتباسات والمخاوف التي كانت قائمة.وعما اذا يمكن اعتبار ان التقسيمات الادارية المحكي عنها تقسيمات انتخابية؟ قال رزق: طبعا، فنحن لا نريد مجموعات نيابية في الدائرة الواحدة الكبيرة ، بل نوابا يمثلون الناس، ورأيي ان ذلك يحصل بالدائرة الفردية او بقاعدة صوت واحد لمرشح واحد.
حرب: لم نحسمالتقسيمات الانتخابية
وقال النائب بطرس حرب لـ«السفير» ان موضوع التقسيم الاداري «لم يحسم في الطائف وبقي معلقاً، نظرا لتعدد الاراء، لكن الاكثرية النيابية وقتها رأت ان اعادة النظر بالتقسيم الاداري تعني تصغير المحافظات بحيث يصبح القضاء او القضاءان على الاكثر محافظة وليس استحداث محافظتي عكار وبعلبك الهرمل فقط ، لأن الكثيرين من النواب في الطائف اعتبروا أن التوجه الفعلي لما أقر هو إنشاء محافظات جديدة مكان الاقضية، فتكون المحافظة الجديدة بحجم القضاء أو أصغر».وبرأي حرب «ان هذا التفسير يعود بنا الى ان الدائرة الصغرى التي يجب ان تعتمد، عدا عن ان النسبية لم ترد إلاّ في توزيع النواب الطائفي والمذهبي والمناطقي ضمن المناصفة الاسلامية المسيحية، وليس في نظام الانتخاب كما هو مطروح الان».منصور: العيش المشترك الاساسويتفق النائب السابق البير منصور مع النائب بطرس حرب في ان اتفاق الطائف لم يحسم الدوائر الانتخابية ولم يتكلم عن نظام تمثيل نسبي، وان المقصود بإعادة النظر بالتقسيمات كان بنظر البعض تصغير المحافظة لأن الهم الاساسي كان بالنسبة لنا هو امران: الحفاظ على العيش المشترك ضمن الدوائر الانتخابية وضمان صحة التمثيل لكل الطوائف، ولكن تركت التقسيمات الانتخابية الى حسن تدبير الحكومات او المجلس النيابي ليقرها بناء لهذين الأمرين الاساسيين.ويضيف منصور: لذلك أعتقد شخصيا ان مشروع الحكومة بتقسيم لبنان الى 13 دائرة او 15 هو الاقرب الى جوهر وروحية اتفاق الطائف لانه يراعي مبدأي العيش المشترك وصحة التمثيل الى الحدود القصوى. اما مشروعا الدوائر الصغرى و«اللقاء الارثوذوكسي» فهما يحملان الكثير من المخالفات لجوهر وروح اتفاق الطائف لأنهما يكرسان الانقسام الطائفي والمذهبي ولا يضمنان حسن التمثيل. كما ان اعتماد التمثيل النسبي بغض النظر عن تقسيم الدوائر هو ايضا اقرب الى روحية الطائف، شرط مراعاة العيش المشترك في الدوائر، اي ان تكون مختلطة.ويشير منصور الى «ان قانون الستين كان يمكن ان يكون اقرب الى جوهر الطائف لو لم تدخل عوامل كثيرة اخلّت بروحية التمثيل والعيش المشترك ، مثل ازدياد عدد الناخبين في كل قضاء والتمحور المذهبي خاصة السني والشيعي والدرزي في بعض المناطق، بينما بقي الخلاف المسيحي ـ المسيحي عامل ضعف وتأثير سلبي على الناخبين المسيحيين. ويختم «الاقضية اللبنانية جميعها باستثناء قضاء بشري مختلطة طائفيا، لذلك فالدوائر الوسطى مع النسبية هي الافضل تمثيلا، والا يبقى قانون الستين برغم علاته افضل بالنسـبة لمبـدأ العيش المشترك، لكنه ليس الافضل لحسن التمثيل، خاصة المسيحي».
واكيم: الدوائر الصغرىمخالفة للدستور
ويقول رئيس «حركة الشعب» النائب السابق نجاح واكيم «ان افكارا كثيرة طرحت حول قانون الانتخاب في الطائف، لكن ما تم البت به بشكل قاطع هو اجراء الانتخابات على اساس المناصفة في عدد النواب بين المسلمين والمسيحيين والنسبية بين المذاهب لطمأنة المسيحيين، على ان تجري الانتخابات التي تليها خارج القيد الطائفي، بعدما افترض الجميع ان الاصلاحات اللازمة اقرت في المجلس النيابي في العام 1990، لكن الحقيقـة ان كل ما جرى ويجري الان هو خارج اتفاق الطائف».اضاف واكيم: الطائف قال باعتماد المحافظة دائرة انتخابية من باب مراعاة العيش المشترك، يعني ان تضم كل دائرة مختلف الطوائف، والبعض طالب باعادة النظر بالتقسيمات الادارية لكن ذلك لا يعني ان التقسيمات الادارية هي ذاتها الدوائر الانتخابية، واقترح النواب الكثير من الافكار منها تصغير المحافظات، ولكن البعض اقترح تكبيرها لتوسيع العيش المشترك، الا ان الثابت في كل الاقتراحات كان مراعاة العيش المشترك، خاصة بعد التهجير الواسع الذي حصل خلال الحرب بحيث تكون الدائرة الانتخابية هي المحافظة المختلطة.وقال واكيم: هذه المسائل واردة في الفقرة ياء من مقدمة الدستور، وهناك محاولات لعب على الكلام، وما يُعتد به فقط وفق الطائف هو العيش المشترك، يعني ان الدوائر الصغرى هي خارج منطق الطائف وروحه وكل ما يقترحونه مخالف للدستور.