"لا 8 لا 14"، وشكراً 14...

طارق حسون

Lebanese-Forces.com

آلة الدعاية الهدّامة لمحور الشرّ السوري-الإيراني، تسير بالتوازي مع آلة الإغتيال فيه. تحضير الأجواء الدعائية والسياسية يسبق الإغتيال، امّا السجال، والتشكيك والتسخيف والتشويه، فيتلوه.

 

لو لم يتمكّن الشهيد وسام الحسن من كشف شبكة سماحة-الأسد بالأمس القريب، لكانت آلة الدعاية تلك، تتهّم اليوم وسام الحسن نفسه، بتفجير العبوات الـ 24.

 

لو نجح وسام الحسن بفضح مخطط اغتياله قبل وقوع الجريمة في الأشرفية بالأمس، لكانت آلة الدعاية تُشكك اليوم بوجود مُخططٍ كهذا من اساسه!!

 

المعطيات والتحقيقات والوقائع اجمعت بأن الإغتيالات التي عصفت بلبنان منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وحتى اللواء وسام الحسن، تقع ضمن مسلسلٍ ارهابي مترابط، تقف خلفه جهةٌ ارهابية واحدة. اي بمعنى آخر، قاتل رفيق الحريري، هو نفسه قاتل بيار الجميّل،(...)، وهو نفسه قاتل وسام الحسن.

 

قبل عودة الجنرال ميشال عون من فرنسا في ايار 2005، كانت اتهّامات العونيين، في محاولة اغتيال الحريري، موجّهة ضد النظام الأسدي حصراً. بعد عودة عون من فرنسا، صارت الإتهامات في الإغتيالات التي تلت اغتيال الحريري، مُنصبّة باتّجاه أخصام النظام الأسدي، حصراً! هكذا بكل بساطة، نجحت آلة الدعاية بغسل الأدمغة العونية، وتحويل وجهة الإتهام العوني، من مسارها الحقيقي والبديهي والواقعي، الى مسارٍ ببغائي، لا عقلاني، استلحاقي. تعلم آلة الدعاية تلك ان استمالة فردٍ واحد من جمهور ثورة الأرز، المؤمن بقضيته، لم يعد بالأمر اليسير. محور عملياتها النفسية بات يستهدف، منذ مدّة، جمهور "قليلي الإيمان".

 

في خضم صراع الخير مع الشر، الحق مع الباطل، والنور مع الظلمة، ثمّة من يختلط عليه الأمر، فيرمي عن كاهله هذا الحمل الثقيل، معلناً رفضه للإثنين، واشمئزازه من هكذا صراعٍ ازليٍ سرمدي لا ينتهي. عند هذه النقطة يُصبح الشرّ مساوياً للخير، والظلمة شبيهةً بالنور، والباطل رديفاً للحق.

 

جمهور "قليلي الإيمان" هو من يرمي بسلاحه في منتصف الطريق، فينأى بنفسه عن الحق كما عن الباطل. هذا الجمهور اشدّ ضرراً على القضية، من "وقع الحسام المُهنّد"! جمهور "محور الشرّ" هو السّم الصافي، ولكن جمهور "قليلي الإيمان" هو السّم الممزوج بالعسل الصافي.

 

مساواة الباطل بالحق، هو طعنةٌ مسمومةٌ للحق، وجرعة اوكسيجين للباطل. ما يريده الباطل في صراعه مع الحقّ، هو المساواة، كخطوةٍ اولى باتجاه "النصر المبين". إذا كان جمهور "محور الشرّ" هم الجنود المُعلنون في معركة نصرة الباطل على الحقّ، فإن جمهور "قليلي الإيمان" هم الجنود المجهولون، في هذه المعركة.

 

 

آلة الدعاية لا تريد استقطاب مزيدٍ من المناصرين الى جمهور "محور الشرّ والباطل"، بقدر ما تريد خوض حروبها بالواسطة، من خلال الإستثمار في جمهور "قليلي الإيمان" ومضاعفة عديده وعتاده.

 

أن ترفع شعار "لا 8 ولا 14" يعني انك تُسخّر الديمقراطية التي تتمتّع بها في ظل "جمهورية 14 آذار الفاضلة"، لكي تطعن مبدأ الديمقراطية نصف طعنة، وتُغلّب مبدأ القمع في "دويلة 8 آذار"، نصف تغليب! قلوبهم مع 14، ونصف طعناتهم عليها! الديمقراطية متسامحة، حتى، مع من يطعنها، لكن القمع إذا ما تغلّب على الديمقراطية، فإنه لن يوفّر شعاراتٍ "محايدة"!

 

في "سوريا الــ 99،99%" الحياد ممنوع، امّا في الدول الديمقراطية فالحياديون هم من يصنع الرؤساء...

 

في دولة "حزب الله"، "لا 8" ممنوعةٌ من الصرف، حتى ولو اقترنت بـ "لا 14"، اماّ في دولة "14 آذار"، فـ "لا 14" هي الضمانة الفعلية للديمقراطية وحريّة التعبير والتنوّع، حتى ولو لم تُرفق بـ "لا 8"...

 

الحياد الإيجابي يكون في معارك متكافئة، ويهدف الى تأمين الإستقرار الحقيقي، لكن الحياد بين الضحّية والجلاّد، هو ترجيحٌ لكفّة الجلادّ، وتعميمٌ لمنطق القوة واللااستقرار.

 

لو كانت معركة 8 ضد 14 محصورةً بالشقّ السياسي والدعائي، لكان حياد "الحياديين" مُبرراً ومشروعاً، لكنها معركة عبواتٍ، وجرائم، ودعايةٍ، واغتيالٍ، بمواجهة سياسةٍ، وقلمٍ، وفكرٍ، وإعلام!

 

ان ترفع شعار "لا 8 ولا 14" يعني انك تتنعّم بحرية "الحياد" والتعبير، في وطنٍ تريده "لا 14" "مزرعة" للـ "نعم 8" بنسبة 99,99%، على غرار "النظام الحليف"!! لذلك، وانت ترفع هذا الشعار، لا تنسى ان تُذيّله بعبارة "شكراً 14"، والمجد والخلود لشهداء الحرية والسيادة والإستقلال...