هناك لحظات نادرة في عالم التسويق، تتجاوز لغة الأرقام، وتتخطى حدود الحملات، لتلامس جوهر العلاقة بين العلامة التجارية والناس. لحظات لا تُصنع في غرف الاجتماعات، بل تنبض في الشوارع، على الشاشات الصغيرة، وفي تفاصيل الحياة اليومية.
في لبنان، حيث يعاني الناس من تغييرات لا تنتهي في كل شيء، من تسعيرة الرغيف والمحروقات إلى اسم التطبيق الذي يبيعون عبره أدواتهم المستعملة، ظهرت ظاهرة غريبة، ولكن مألوفة: تطبيق معروف، يستخدمه الجميع، لكن لا أحد متأكد من اسمه.
هل هو OLX؟ أم Dubizzle؟ ولماذا تغيّر مرارًا وتكرارًا؟
صار الاسم مادة مزاح، وحالة ارتباك جماعي، وربما تعبيرًا صامتًا عن حاجة الناس لثباتٍ ما في بيئة لا تعرف الاستقرار.
ولعلّ ما فعله فريق OLX في لبنان لم يكن مجرد "حملة تسويقية"، بل لحظة استسلام واعٍ.
لحظة قرّرت فيها العلامة التجارية أن تتخلى عن كبريائها، وتفتح يدها، وتقول للناس: أنتم تقررون.
أن تعطي جمهورك الحق في اختيار اسمك، ليس عبر استبيان مغلق، بل عبر تصويت علني مفتوح للجميع، هو أكثر من خطوة جريئة. هو فعل نادر في صناعة تبني نفسها على فرض الانطباعات، لا على مشاركتها.
لكن الجمال في ما حصل لم يكمن فقط في الفكرة، بل في ما كشفته هذه الفكرة.
حين تُنزل العلامة التجارية نفسها من برجها، وتتصرّف بصدق، وتُظهر هشاشتها، لا تنهار كما قد يتوقّع البعض. على العكس، تكتسب هيبة جديدة، هيبة لا تُشترى بالميزانيات، بل تُبنى بالثقة.
في شهر واحد، شارك 100 ألف لبناني في التصويت. لم تكن الحملة ترويجًا لمنتج جديد، ولا عرضًا موسمياً. كانت ببساطة سؤالًا صادقًا: هل تفضّلونOLX أم Dubizzle؟
وجاء الجواب صريحًا: 87٪ اختارواOLX.
لكن الأهم من النتيجة هو ما كشفه الطريق إليها.
الناس لا يريدون فقط أن يُخاطَبوا، بل أن يُستشاروا.
لا يريدون أن يُقال لهم من هم، بل أن يُسألوا عمّن يريدون أن يكونوا.
في لحظة التصويت، لم يكن المستخدم "زبونًا" أو "مستهلكًا"، بل أصبح شريكًا في القرار.
وما يحدث عندما يصبح الناس شركاء في الرواية، هو أنهم يدافعون عنها. ينتمون إليها. يحمونها من التشكيك، ويحبّونها ليس فقط لأنها مفيدة لهم، بل لأنها تُشبههم.
في هذا السياق، لم يكن اختيار OLX مجرد عودة إلى اسم سابق. بل كان استعادة لهوية رُسمت من جديد بأصوات الناس، لا بأقلام المصمّمين.
وما بين السطور، يمكننا أن نقرأ رسالة أكبر:
أن تُصغي بصدق في زمن الضجيج، هو أعظم ما يمكن لعلامة تجارية أن تفعله.
أن تعترف بارتباكك، وتسخر من نفسك قليلًا، وتسمح للناس بأن يضحكوا معك لا عليك، هو شكل جديد من الذكاء.
وحين تُبنى العلاقة مع الجمهور على الصراحة لا الوهم، على الحوار لا الإملاء، تتحوّل العلامة التجارية من "خدمة" إلى "قيمة"، ومن "شعار" إلى "رابط إنساني" يصعب تفكيكه.
في زمن تتسابق فيه العلامات لتُثبت أنها الأقوى، ربما آن الأوان أن ندرك أن القوة الحقيقية لا تأتي من السيطرة... بل من الجرأة على التخلّي عنها.
في لبنان، حيث يعاني الناس من تغييرات لا تنتهي في كل شيء، من تسعيرة الرغيف والمحروقات إلى اسم التطبيق الذي يبيعون عبره أدواتهم المستعملة، ظهرت ظاهرة غريبة، ولكن مألوفة: تطبيق معروف، يستخدمه الجميع، لكن لا أحد متأكد من اسمه.
هل هو OLX؟ أم Dubizzle؟ ولماذا تغيّر مرارًا وتكرارًا؟
صار الاسم مادة مزاح، وحالة ارتباك جماعي، وربما تعبيرًا صامتًا عن حاجة الناس لثباتٍ ما في بيئة لا تعرف الاستقرار.
ولعلّ ما فعله فريق OLX في لبنان لم يكن مجرد "حملة تسويقية"، بل لحظة استسلام واعٍ.
لحظة قرّرت فيها العلامة التجارية أن تتخلى عن كبريائها، وتفتح يدها، وتقول للناس: أنتم تقررون.
أن تعطي جمهورك الحق في اختيار اسمك، ليس عبر استبيان مغلق، بل عبر تصويت علني مفتوح للجميع، هو أكثر من خطوة جريئة. هو فعل نادر في صناعة تبني نفسها على فرض الانطباعات، لا على مشاركتها.
لكن الجمال في ما حصل لم يكمن فقط في الفكرة، بل في ما كشفته هذه الفكرة.
حين تُنزل العلامة التجارية نفسها من برجها، وتتصرّف بصدق، وتُظهر هشاشتها، لا تنهار كما قد يتوقّع البعض. على العكس، تكتسب هيبة جديدة، هيبة لا تُشترى بالميزانيات، بل تُبنى بالثقة.
في شهر واحد، شارك 100 ألف لبناني في التصويت. لم تكن الحملة ترويجًا لمنتج جديد، ولا عرضًا موسمياً. كانت ببساطة سؤالًا صادقًا: هل تفضّلونOLX أم Dubizzle؟
وجاء الجواب صريحًا: 87٪ اختارواOLX.
لكن الأهم من النتيجة هو ما كشفه الطريق إليها.
الناس لا يريدون فقط أن يُخاطَبوا، بل أن يُستشاروا.
لا يريدون أن يُقال لهم من هم، بل أن يُسألوا عمّن يريدون أن يكونوا.
في لحظة التصويت، لم يكن المستخدم "زبونًا" أو "مستهلكًا"، بل أصبح شريكًا في القرار.
وما يحدث عندما يصبح الناس شركاء في الرواية، هو أنهم يدافعون عنها. ينتمون إليها. يحمونها من التشكيك، ويحبّونها ليس فقط لأنها مفيدة لهم، بل لأنها تُشبههم.
في هذا السياق، لم يكن اختيار OLX مجرد عودة إلى اسم سابق. بل كان استعادة لهوية رُسمت من جديد بأصوات الناس، لا بأقلام المصمّمين.
وما بين السطور، يمكننا أن نقرأ رسالة أكبر:
أن تُصغي بصدق في زمن الضجيج، هو أعظم ما يمكن لعلامة تجارية أن تفعله.
أن تعترف بارتباكك، وتسخر من نفسك قليلًا، وتسمح للناس بأن يضحكوا معك لا عليك، هو شكل جديد من الذكاء.
وحين تُبنى العلاقة مع الجمهور على الصراحة لا الوهم، على الحوار لا الإملاء، تتحوّل العلامة التجارية من "خدمة" إلى "قيمة"، ومن "شعار" إلى "رابط إنساني" يصعب تفكيكه.
في زمن تتسابق فيه العلامات لتُثبت أنها الأقوى، ربما آن الأوان أن ندرك أن القوة الحقيقية لا تأتي من السيطرة... بل من الجرأة على التخلّي عنها.