في واحدة من أضخم حفلات صيف 2025، أحيا الفنان نادر الأتات حفلاً استثنائياً على مدرّج قلعة بعلبك التاريخية، أمام الآلاف من الأشخاص الذين توافدوا من مختلف المناطق اللبنانية.
لم يكن الحفل مجرّد مناسبة فنية، بل ليلة مشبعة بالرمزية والحب والانتماء، حملت توقيع ابن بعلبك الذي عاد ليغنّي بين أهله، وسط مدينته، وعلى مسرح لطالما حلم بالوقوف عليه.
من بين الحضور، لفت الأنظار وجود والد ووالدة نادر الأتات، حيث خصّهما نادر بترحيب لافت ومؤثر، دلّ على عمق العلاقة بينهم ومدى حبّه الكبير لهما. المشهد العاطفي ترك أثراً كبيراً في الجمهور، خصوصا عندما أشار نادر إلى والدته وسط تصفيق حار، في لحظة تجسّدت فيها كل معاني الفخر والدعم العائلي.
نادر الأتات غنى في مسقط رأسه، وبين جمهوره الحقيقي، في أجواء وطنية وإنسانية مفعمة بالانتماء. لم يكتفِ الجمهور بالغناء، بل تفاعل مع الأغاني على إيقاع الدبكة البعلبكية الأصيلة، التي أضافت لمسة فولكلورية ساحرة إلى السهرة. وبين الأغنيات والدبكات، ارتدى نادر العباءة البعلبكية التقليدية، التي تحمل رمزية قوية في المنطقة، تعبيراً عن اعتزازه بهويته البقاعية ووفائه لجذوره.
منذ لحظة صعوده إلى المسرح، انفجرت مدرجات القلعة بالتصفيق والهتاف، ليبدأ نادر حفله وسط تفاعل جماهيري لافت، تحوّل معه الحفل إلى ما يشبه العرس الشعبي. الجمهور غنّى ورقص وتفاعل مع كل كلمة، ما عكس حجم المحبة والاحترام الذي يكنّه الناس لهذا الفنان الذي لم يخذلهم يوماً.
وفي لحظة وُصفت بأنها الأكثر شاعرية في الحفل، كشف نادر عن مفاجأة الأمسية، مقدّماً أغنية جديدة مهداة لمدينة بعلبك، من كلمات الشاعر الكبير طلال حيدر وألحان هشام بولس. الأغنية، التي صدحت بين أعمدة القلعة، كانت بمثابة تحية وجدانية للمكان الذي يحتل مكانة خاصة في قلب نادر، ورسالة حب صادقة إلى المدينة التي شكلت حاضنة لإبداعه منذ بداياته.
"ليلة من العمر"، هكذا وصف نادر هذه الأمسية، التي جاءت تتويجاً لمسيرة فنية طويلة، تخللتها محطات نجاح متواصلة. وقوفه على مسرح بعلبك لم يكن مجرد عرض فني، بل تحقيق لحلم الطفولة، وإعلان عن وصوله إلى مصاف كبار الفنانين الذين سبقوه إلى هذا الصرح العريق.