نايف عازار
نداء الوطن
أحدث طلب العفو الذي تقدّم به رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى رئيس البلاد إسحاق هرتسوغ، زلزالًا قضائيًا، مطلقًا العنان لسجال سياسي حاد، ومحدثًا انقسامًا عموديًا عميقًا، في بلاد تخوض غمار الحروب اللامتناهية مع جيرانها.
طلب "بيبي" العفو من رئيس الدولة لم يأتِ من عدم، بل يندرج ضمن مسار شق طريقه قاطن البيت الأبيض، عندما حض من الكنيست في تشرين الأوّل المنصرم، الرئيس الإسرائيلي، على المضي قدمًا في العفو عن نتنياهو، قبل أن يبعث له لاحقًا برسالة تضمّنت طلبًا رسميًا لمنح رئيس الحكومة عفوًا ووقف محاكمته في تهم فساد، تتضمّن الاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة.
أحزاب الائتلاف الحكومي اليميني سارعت بطبيعة الحال إلى التهليل لطلب العفو، معتبرة أن نتنياهو ضحية ملاحقة سياسية في ملفات فساد مفبركة، وقد تصدّر واجهة الداعمين وزراء المال بتسلئيل سموتريتش والدفاع يسرائيل كاتس والأمن القومي إيتمار بن غفير، الذين دعوا هرتسوغ إلى الاستجابة السريعة للطلب، باعتبار أن الأمر في غاية الأهمية بالنسبة إلى أمن الدولة العبرية القومي، وكونه ينهي الشرخ الذي يعصف بالمجتمع الإسرائيلي منذ نحو عقد من الزمن، في ظلّ تحديات أمنية جمة تحاصر الدولة العبرية من كل حدب وصوب.
في المقابل، وبعدما كانت المعارضة الإسرائيلية قرأت في رسالة ترامب إلى هرتسوغ، تدخلًا خارجيًا نعتته بالسافر، واعتبرت أنه يرمي إلى انتشال نتنياهو من كبوته السياسية، رأت في طلب نتنياهو العفو شرعنة للفساد، ونسفًا لمبدأ المساواة أمام القانون، جازمة أن خطوة "بيبي" نحو العفو، إنما ترنو من جهة إلى تأمين مظلّة قضائية تقيه المساءلة القانونية، ومن جهة ثانية توفير حصانة سياسية تبقي حكومته المتأرجحة على قيد الحياة.
كذلك، يرى الخبراء أن خطوة نتنياهو سدّدت ضربة قوية لهيبة السلطة القضائية في الدولة العبرية، كما سلطة إنفاذ القانون، معتبرين أنها تكرّس ثقافة الإفلات من العقاب، وهو ما من شأنه زعزعة أعمدة النظام الدستوري في البلاد. وحذر الخبراء من مغبة إصدار أي عفو لا يقترن بابتعاد "بيبي" عن الحياة السياسية، وباعترافه العلني بالتهم المُساقة ضدّه.
ولا يغيب عن البال أيضًا، أن مضي رأس الحكومة اليمينية المتطرّفة بطلب العفو من الرئيس، في هذا التوقيت بالذات والذي بدأت فيه الحروب الإسرائيلية تضع أوزارها على بعض الجبهات، يؤكد خشية نتنياهو من ألا تكون خواتيم محاكمته سعيدة، لذلك هو يبحث عن مخرج سياسي دستوري، يبقيه وحكومته على قيد الحياة السياسية، عوض أن ينتهي به المطاف متقاعدًا سياسيًا في غياهب سجون بلاده.
بعض الإعلام العبري صبّ جام غضبه على خطوة نتنياهو. الصحافي الاستقصائي غيدي فايتس، الذي كان أوّل كاشفي ملفات الفساد المنسوبة لرئيس الحكومة، اعتبر طلب العفو المقدّم مخططًا فاسدًا يشكل ذروة الهجوم الذي مارسه نتنياهو على منظومة إنفاذ القانون طوال العقد الأخير. ووجّه فايتس في صحيفة "هآرتس"، انتقادات لاذعة لهرتسوغ، متهمًا إياه بالتماهي مع نتنياهو في سعيه الدؤوب للتهرّب من المحاكمة والاستمرار في البقاء على رأس السلطة "إلى ما لا نهاية" حتى لو كان الثمن، على حد تعبيره، اندلاع حرب أهلية بين الإسرائيليين. وأضاف فايتس أن طلب العفو يكشف بوضوح أن نتنياهو لا ينوي الانسحاب من الساحة السياسية، بل يخطّط للعودة مجدّدًا إلى ما وصفه بـ "مسرح الجريمة" أي السيطرة على جهاز القضاء والإعلام.
بدورها، رأت مراسلة الشؤون السياسية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" موران أزولاي أن طلب العفو شكل صدمة واسعة داخل النظامين القضائي والسياسي، رغم الاستعدادات الأولية والتنسيق الملحوظ مع الرئيس الأميركي. وأضافت أزولاي أن المؤسسة القضائية فوجئت بأن نتنياهو يتقدّم بطلب يعكس ضعفًا وخشية، وكأنه يلوّح بأن المعركة المحتدمة بينه وبين القضاء يمكن أن تنتهي بـ "تعادل". واعتبرت المراسلة أن نتنياهو يطلب تبرئة كاملة من دون تقديم أي مقابل، لا اعتراف، لا ندم، ولا حتى استقالة من منصبه، وذلك قبل أن يخضع لأي اختبار حقيقي أمام الرأي العام بعد "أحداث 7 أكتوبر"، وقبل أن يحسم ما إذا كان لا يزال يتمتع بشرعية تمكّنه من الاستمرار في قيادة الحكومة. وبحسب قراءة أزولاي التحليلية، إذا قبل الرئيس الإسرائيلي هذا الطلب، فسيكون نتنياهو حقق أكبر اختراق في معركته مع القضاء. أمّا إذا رفض الطلب، فسيعود رئيس الحكومة إلى موقعه المعتاد، مطلقًا حملة انتخابية هجومية، وفي هذه الحال ستكون الانتخابات المقبلة أكثر توترًا واشتعالًا مِمّا كان متوقعًا.
طلب "بيبي" العفو من رئيس الدولة لم يأتِ من عدم، بل يندرج ضمن مسار شق طريقه قاطن البيت الأبيض، عندما حض من الكنيست في تشرين الأوّل المنصرم، الرئيس الإسرائيلي، على المضي قدمًا في العفو عن نتنياهو، قبل أن يبعث له لاحقًا برسالة تضمّنت طلبًا رسميًا لمنح رئيس الحكومة عفوًا ووقف محاكمته في تهم فساد، تتضمّن الاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة.
أحزاب الائتلاف الحكومي اليميني سارعت بطبيعة الحال إلى التهليل لطلب العفو، معتبرة أن نتنياهو ضحية ملاحقة سياسية في ملفات فساد مفبركة، وقد تصدّر واجهة الداعمين وزراء المال بتسلئيل سموتريتش والدفاع يسرائيل كاتس والأمن القومي إيتمار بن غفير، الذين دعوا هرتسوغ إلى الاستجابة السريعة للطلب، باعتبار أن الأمر في غاية الأهمية بالنسبة إلى أمن الدولة العبرية القومي، وكونه ينهي الشرخ الذي يعصف بالمجتمع الإسرائيلي منذ نحو عقد من الزمن، في ظلّ تحديات أمنية جمة تحاصر الدولة العبرية من كل حدب وصوب.
في المقابل، وبعدما كانت المعارضة الإسرائيلية قرأت في رسالة ترامب إلى هرتسوغ، تدخلًا خارجيًا نعتته بالسافر، واعتبرت أنه يرمي إلى انتشال نتنياهو من كبوته السياسية، رأت في طلب نتنياهو العفو شرعنة للفساد، ونسفًا لمبدأ المساواة أمام القانون، جازمة أن خطوة "بيبي" نحو العفو، إنما ترنو من جهة إلى تأمين مظلّة قضائية تقيه المساءلة القانونية، ومن جهة ثانية توفير حصانة سياسية تبقي حكومته المتأرجحة على قيد الحياة.
كذلك، يرى الخبراء أن خطوة نتنياهو سدّدت ضربة قوية لهيبة السلطة القضائية في الدولة العبرية، كما سلطة إنفاذ القانون، معتبرين أنها تكرّس ثقافة الإفلات من العقاب، وهو ما من شأنه زعزعة أعمدة النظام الدستوري في البلاد. وحذر الخبراء من مغبة إصدار أي عفو لا يقترن بابتعاد "بيبي" عن الحياة السياسية، وباعترافه العلني بالتهم المُساقة ضدّه.
ولا يغيب عن البال أيضًا، أن مضي رأس الحكومة اليمينية المتطرّفة بطلب العفو من الرئيس، في هذا التوقيت بالذات والذي بدأت فيه الحروب الإسرائيلية تضع أوزارها على بعض الجبهات، يؤكد خشية نتنياهو من ألا تكون خواتيم محاكمته سعيدة، لذلك هو يبحث عن مخرج سياسي دستوري، يبقيه وحكومته على قيد الحياة السياسية، عوض أن ينتهي به المطاف متقاعدًا سياسيًا في غياهب سجون بلاده.
بعض الإعلام العبري صبّ جام غضبه على خطوة نتنياهو. الصحافي الاستقصائي غيدي فايتس، الذي كان أوّل كاشفي ملفات الفساد المنسوبة لرئيس الحكومة، اعتبر طلب العفو المقدّم مخططًا فاسدًا يشكل ذروة الهجوم الذي مارسه نتنياهو على منظومة إنفاذ القانون طوال العقد الأخير. ووجّه فايتس في صحيفة "هآرتس"، انتقادات لاذعة لهرتسوغ، متهمًا إياه بالتماهي مع نتنياهو في سعيه الدؤوب للتهرّب من المحاكمة والاستمرار في البقاء على رأس السلطة "إلى ما لا نهاية" حتى لو كان الثمن، على حد تعبيره، اندلاع حرب أهلية بين الإسرائيليين. وأضاف فايتس أن طلب العفو يكشف بوضوح أن نتنياهو لا ينوي الانسحاب من الساحة السياسية، بل يخطّط للعودة مجدّدًا إلى ما وصفه بـ "مسرح الجريمة" أي السيطرة على جهاز القضاء والإعلام.
بدورها، رأت مراسلة الشؤون السياسية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" موران أزولاي أن طلب العفو شكل صدمة واسعة داخل النظامين القضائي والسياسي، رغم الاستعدادات الأولية والتنسيق الملحوظ مع الرئيس الأميركي. وأضافت أزولاي أن المؤسسة القضائية فوجئت بأن نتنياهو يتقدّم بطلب يعكس ضعفًا وخشية، وكأنه يلوّح بأن المعركة المحتدمة بينه وبين القضاء يمكن أن تنتهي بـ "تعادل". واعتبرت المراسلة أن نتنياهو يطلب تبرئة كاملة من دون تقديم أي مقابل، لا اعتراف، لا ندم، ولا حتى استقالة من منصبه، وذلك قبل أن يخضع لأي اختبار حقيقي أمام الرأي العام بعد "أحداث 7 أكتوبر"، وقبل أن يحسم ما إذا كان لا يزال يتمتع بشرعية تمكّنه من الاستمرار في قيادة الحكومة. وبحسب قراءة أزولاي التحليلية، إذا قبل الرئيس الإسرائيلي هذا الطلب، فسيكون نتنياهو حقق أكبر اختراق في معركته مع القضاء. أمّا إذا رفض الطلب، فسيعود رئيس الحكومة إلى موقعه المعتاد، مطلقًا حملة انتخابية هجومية، وفي هذه الحال ستكون الانتخابات المقبلة أكثر توترًا واشتعالًا مِمّا كان متوقعًا.