باتريسيا جلّاد
نداء الوطن
مع اقتراب عيدي الميلاد ورأس السنة، يسير اللبناني بخطى متردّدة في الأسواق التجارية. يرفع رأسه نحو شجرة ميلادية تتلألأ في الساحة، ثم يعود ليحسب قدرته الشرائية الضعيفة وراتبه المتدني وفقاً لاحتياجته. رغم الترقب وعدم اليقين، والخشية أن يحمل الغد حربًا تتفوّق على فرحة العيد، تصرّ الأسواق التجارية في مختلف المناطق على فتح نافذة أمل في موسم أعياد يرجّح أن يكون أفضل من العام الماضي مع التعويل على أعداد المغتربين والسيّاح المرتقب أن يكون جيّدًا. يبقى السؤال: هل تكفي أجواء العيد لتحريك العجلة الاقتصادية؟ وماذا يروي التجّار عن حركة الأسواق؟
دخلت المناطق اللبنانية أجواء العيد، مع انطلاق المهرجانات الميلادية وإضاءة الأشجار العملاقة، في مشهدٍ يوحي وكأن لبنان يخوض سباقًا غير معلن على لقب "أجمل شجرة" للعام 2025. في جونيه، افتُتح المهرجان منذ يومين بعد جهدٍ وتعاون فعّال جمع جمعية تجّار جونية وكسروان – الفتوح مع مجلس بلدية جونية وسائر المجالس البلدية المنتخبة حديثًا في القضاء.
رئيس جمعية تجّار جونية وكسروان – الفتوح، جاك حكيّم، أكّد لـ "نداء الوطن" أنّ "المهرجانات التي انطلقت من شأنها أن تُسهم في تنشيط الأسواق التجارية وتحريك القطاعات الإنتاجية والسياحية في المنطقة". أضاف: "إن الحركة في أسواق جونيه مقبولة"، لافتً إلى أن مؤسسات كبرى وماركات عالمية معروفة تستعد لفتح أبوابها في جونيه على المدى الطويل، في إطار تعاون قائم مع رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير".
عن دور المغتربين اللبنانيين في تحريك العجلة التجارية، إلى جانب القطاع المطعمي، في ظلّ حتمية أن يجلبوا معهم الهدايا من الخارج، يؤكّد حكيّم أن "حضورهم يشكّل عاملًا أساسيًا في تنشيط الأسواق". ويقول: "المغتربون يفعّلون الحركة التجارية بوضوح، إذ يتوافدون بأعداد كبيرة وينتشرون في مختلف الأسواق، وهو ما لمسناه منذ أكثر من عام استنادًا إلى إحصاءات جمعية تجّار جونيه وكسروان – الفتوح".
يضيف حكيّم أن "الحركة التجارية سجّلت ارتفاعًا بنسبة 40 % خلال النصف الأوّل من شهر كانون الأوّل مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم الظروف الأمنية والسياسية والمعيشية الصعبةً، متوقّعًا أن تشهد أسواق جونيه حركة ناشطة ونهضة ملحوظة في المدى المنظور".
منطقة الأشرفية
كما في سائر المناطق، ارتدت الأشرفية حلّتها الميلادية. في وسط ساحة ساسين، علت شجرة العيد العملاقة، وافتُتح السوق الميلادي، فيما أُضيئت شوارع المنطقة في محاولةٍ متجدّدة لخلق أجواء العيد واستقطاب الروّاد، على غرار ما اعتادت عليه الأشرفية في مواسم الأعياد السابقة.
عن واقع الحركة التجارية، يروي رئيس جمعية تجّار الأشرفية – الرميل – الجميزة، طوني عيد، لـ "نداء الوطن"، أن "الأسواق كانت "ميتة" منذ منتصف شهر أيلول ولغاية تشرين الثاني، قبل أن تبدأ ملامح التحسّن بالظهور. ويشير إلى أن "زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان ساهمت في خلق مناخ إيجابي، تزامن لاحقًا مع تبدّل الطقس وانخفاض درجات الحرارة، ما أعاد بعض الحيوية إلى الأسواق، "إلّا أن الحركة لا تزال حذِرة مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة المالية".
يضيف عيد أن "الأسواق التي كانت تعتمد سابقًا على اللبناني المقيم لتحريك العجلة، باتت اليوم تواجه واقعًا مختلفًا، في ظلّ زوال الطبقة الوسطى التي أصبحت تكتفي بشراء الضروري فقط، فيما باتت الطبقة الميسورة تشتري بتأنٍ وحذر. من هنا، انتقل التعويل بشكلٍ أساسي إلى المغترب والسائح، على أمل أن يحقق شهر كانون الأوّل نتائج مشابهة لتلك التي سُجّلت خلال موسم الصيف".
ويُرجع عيد "إقبال المغتربين والسيّاح أيضًا كون أسعار السلع الاستهلاكية، من ملبس ومأكل ومشرب، "مناسبة وجيّدة مقارنة بدول عربية عدة كدبي والسعودية والكويت والعراق، ما يجعل لبنان وجهة جاذبة للتسوّق".
عن التوقعات، يقول إن "الحركة التجارية مرشحة للازدياد تدريجيًا ابتداءً من اليوم ولغاية عيد الميلاد، لافتًا إلى أن بدايتها هذا العام جاءت أعلى بنسبة تراوحت بين 25 و30 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، على أن تصل إلى نحو 35 % خلال عيدي الميلاد ورأس السنة".
نيو جديدة
بدورها تلألأت نيو جديدة بأضواء ميلادية معلنة اقتراب العيد، فيما سارع التجّار إلى استباق الموسم بحسومات ونشاطات احتفالية في محاولة لتحريك السوق. رئيس جمعية تجّار نيو جديدة، جورج يزبك، أوضح لـ "نداء الوطن" أن الجمعية أعلنت عن تنزيلات وأقامت أنشطة ميلادية عدّة، شملت تقديم الهدايا ، بهدف بث الحيوية في الأسواق. وأشار إلى أنّ "بداية شهر كانون الأوّل جاءت بطيئة"، آملاً أن تتسارع وتيرة الحركة اعتبارًا من منتصف الشهر الجاري.
ويعتبر يزبك أن "شهر كانون الأول هو «"الأهمّ في العام"، إذ ترتفع المبيعات عادة بنسبة تتراوح بين 70 و80 %، معربًا عن أمله بأن تصل الزيادة خلال الأيام المقبلة إلى نحو 50 %". فمبيعات عيدي الميلاد ورأس السنة تشكّل ما يقارب 25 % من إجمالي مبيعات العام".
وعن المنافسة التي تواجهها الأسواق التجارية، يلفت يزبك إلى أن "المشكلة الأساسية ليست في المراكز التجارية الكبرى"، بل في البيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ بات بإمكان أي شخص عرض المنتجات من منزله عبر "إنستغرام" و "فايسبوك»، ما ينعكس سلبًا على المتاجر التقليدية وحركتها.
في الجبل
في عاليه، شهدت المنطقة حدثًا يُعدّ سابقة، مع إضاءة شجرة ميلادية عملاقة، وافتتاح مغارة الميلاد ومعرض يضمّ نحو 40 "ستاند" تعرض كل ما يتصل بمستلزمات العيد، في مسعى لإضفاء أجواء إيجابية وجاذبة للتسوّق. رئيس جمعية تجّار عاليه، سمير شهيب، يشرح لـ "نداء الوطن" أن "السوق الكبير في عاليه يشكّل مقصدًا لأكثر من 70 بلدة مجاورة، نظراً لما يوفره من اكتفاء ذاتي، فضلاً عن كون المدينة منطقة سياحية تضم فنادق ومطاعم وتقدّم كل ما يحتاجه الزائر".
ورغم الأزمات المتراكمة وتراجع القدرة الشرائية، يتوقع شهيب أن تكون الحركة "جيدة"، مؤكّدًا أن "اللبناني يحب الحياة مهما كانت الظروف، ويشتري ضمن قدرته المادية ليعيش أجواء العيد". ويشير إلى أن "الأسواق تعتمد أساسًا على السياحة الداخلية وعلى الموظفين الذين يرزحون تحت وطأة الرواتب المتدنية، لكن في حال عدم حدوث أي تطوّر أمني مفاجئ، "ستستفيد الأسواق والمطاعم من حضور المغتربين، إضافة إلى الخليجيين الذين يُعدّون أبناء البلد إذ هم ملاّكون ولديهم منازلهم الخاصة خصوصًا الكويتيين والسعوديين والقطريين والإماراتيين"، ما يشكّل قيمة مضافة للموسم.
بين القلق الأمني والترقب السياسي، تحاول إذًا الأسواق التجارية في مختلف المناطق اللبنانية اقتناص فرصة الأعياد لإعادة ضخ بعض الحياة في شرايينها. على أمل أن ينسحب تحسّن المزاج الاقتصادي إيجابًا على العام الجديد فتتحسّن رواتب اللبنانيين وترتفع القدرة الشرائية وننتهي من المعضلة الأمنية القائمة، ومن مخاطر الحرب وويلاتها.
دخلت المناطق اللبنانية أجواء العيد، مع انطلاق المهرجانات الميلادية وإضاءة الأشجار العملاقة، في مشهدٍ يوحي وكأن لبنان يخوض سباقًا غير معلن على لقب "أجمل شجرة" للعام 2025. في جونيه، افتُتح المهرجان منذ يومين بعد جهدٍ وتعاون فعّال جمع جمعية تجّار جونية وكسروان – الفتوح مع مجلس بلدية جونية وسائر المجالس البلدية المنتخبة حديثًا في القضاء.
رئيس جمعية تجّار جونية وكسروان – الفتوح، جاك حكيّم، أكّد لـ "نداء الوطن" أنّ "المهرجانات التي انطلقت من شأنها أن تُسهم في تنشيط الأسواق التجارية وتحريك القطاعات الإنتاجية والسياحية في المنطقة". أضاف: "إن الحركة في أسواق جونيه مقبولة"، لافتً إلى أن مؤسسات كبرى وماركات عالمية معروفة تستعد لفتح أبوابها في جونيه على المدى الطويل، في إطار تعاون قائم مع رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير".
عن دور المغتربين اللبنانيين في تحريك العجلة التجارية، إلى جانب القطاع المطعمي، في ظلّ حتمية أن يجلبوا معهم الهدايا من الخارج، يؤكّد حكيّم أن "حضورهم يشكّل عاملًا أساسيًا في تنشيط الأسواق". ويقول: "المغتربون يفعّلون الحركة التجارية بوضوح، إذ يتوافدون بأعداد كبيرة وينتشرون في مختلف الأسواق، وهو ما لمسناه منذ أكثر من عام استنادًا إلى إحصاءات جمعية تجّار جونيه وكسروان – الفتوح".
يضيف حكيّم أن "الحركة التجارية سجّلت ارتفاعًا بنسبة 40 % خلال النصف الأوّل من شهر كانون الأوّل مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم الظروف الأمنية والسياسية والمعيشية الصعبةً، متوقّعًا أن تشهد أسواق جونيه حركة ناشطة ونهضة ملحوظة في المدى المنظور".
منطقة الأشرفية
كما في سائر المناطق، ارتدت الأشرفية حلّتها الميلادية. في وسط ساحة ساسين، علت شجرة العيد العملاقة، وافتُتح السوق الميلادي، فيما أُضيئت شوارع المنطقة في محاولةٍ متجدّدة لخلق أجواء العيد واستقطاب الروّاد، على غرار ما اعتادت عليه الأشرفية في مواسم الأعياد السابقة.
عن واقع الحركة التجارية، يروي رئيس جمعية تجّار الأشرفية – الرميل – الجميزة، طوني عيد، لـ "نداء الوطن"، أن "الأسواق كانت "ميتة" منذ منتصف شهر أيلول ولغاية تشرين الثاني، قبل أن تبدأ ملامح التحسّن بالظهور. ويشير إلى أن "زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان ساهمت في خلق مناخ إيجابي، تزامن لاحقًا مع تبدّل الطقس وانخفاض درجات الحرارة، ما أعاد بعض الحيوية إلى الأسواق، "إلّا أن الحركة لا تزال حذِرة مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة المالية".
يضيف عيد أن "الأسواق التي كانت تعتمد سابقًا على اللبناني المقيم لتحريك العجلة، باتت اليوم تواجه واقعًا مختلفًا، في ظلّ زوال الطبقة الوسطى التي أصبحت تكتفي بشراء الضروري فقط، فيما باتت الطبقة الميسورة تشتري بتأنٍ وحذر. من هنا، انتقل التعويل بشكلٍ أساسي إلى المغترب والسائح، على أمل أن يحقق شهر كانون الأوّل نتائج مشابهة لتلك التي سُجّلت خلال موسم الصيف".
ويُرجع عيد "إقبال المغتربين والسيّاح أيضًا كون أسعار السلع الاستهلاكية، من ملبس ومأكل ومشرب، "مناسبة وجيّدة مقارنة بدول عربية عدة كدبي والسعودية والكويت والعراق، ما يجعل لبنان وجهة جاذبة للتسوّق".
عن التوقعات، يقول إن "الحركة التجارية مرشحة للازدياد تدريجيًا ابتداءً من اليوم ولغاية عيد الميلاد، لافتًا إلى أن بدايتها هذا العام جاءت أعلى بنسبة تراوحت بين 25 و30 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، على أن تصل إلى نحو 35 % خلال عيدي الميلاد ورأس السنة".
نيو جديدة
بدورها تلألأت نيو جديدة بأضواء ميلادية معلنة اقتراب العيد، فيما سارع التجّار إلى استباق الموسم بحسومات ونشاطات احتفالية في محاولة لتحريك السوق. رئيس جمعية تجّار نيو جديدة، جورج يزبك، أوضح لـ "نداء الوطن" أن الجمعية أعلنت عن تنزيلات وأقامت أنشطة ميلادية عدّة، شملت تقديم الهدايا ، بهدف بث الحيوية في الأسواق. وأشار إلى أنّ "بداية شهر كانون الأوّل جاءت بطيئة"، آملاً أن تتسارع وتيرة الحركة اعتبارًا من منتصف الشهر الجاري.
ويعتبر يزبك أن "شهر كانون الأول هو «"الأهمّ في العام"، إذ ترتفع المبيعات عادة بنسبة تتراوح بين 70 و80 %، معربًا عن أمله بأن تصل الزيادة خلال الأيام المقبلة إلى نحو 50 %". فمبيعات عيدي الميلاد ورأس السنة تشكّل ما يقارب 25 % من إجمالي مبيعات العام".
وعن المنافسة التي تواجهها الأسواق التجارية، يلفت يزبك إلى أن "المشكلة الأساسية ليست في المراكز التجارية الكبرى"، بل في البيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ بات بإمكان أي شخص عرض المنتجات من منزله عبر "إنستغرام" و "فايسبوك»، ما ينعكس سلبًا على المتاجر التقليدية وحركتها.
في الجبل
في عاليه، شهدت المنطقة حدثًا يُعدّ سابقة، مع إضاءة شجرة ميلادية عملاقة، وافتتاح مغارة الميلاد ومعرض يضمّ نحو 40 "ستاند" تعرض كل ما يتصل بمستلزمات العيد، في مسعى لإضفاء أجواء إيجابية وجاذبة للتسوّق. رئيس جمعية تجّار عاليه، سمير شهيب، يشرح لـ "نداء الوطن" أن "السوق الكبير في عاليه يشكّل مقصدًا لأكثر من 70 بلدة مجاورة، نظراً لما يوفره من اكتفاء ذاتي، فضلاً عن كون المدينة منطقة سياحية تضم فنادق ومطاعم وتقدّم كل ما يحتاجه الزائر".
ورغم الأزمات المتراكمة وتراجع القدرة الشرائية، يتوقع شهيب أن تكون الحركة "جيدة"، مؤكّدًا أن "اللبناني يحب الحياة مهما كانت الظروف، ويشتري ضمن قدرته المادية ليعيش أجواء العيد". ويشير إلى أن "الأسواق تعتمد أساسًا على السياحة الداخلية وعلى الموظفين الذين يرزحون تحت وطأة الرواتب المتدنية، لكن في حال عدم حدوث أي تطوّر أمني مفاجئ، "ستستفيد الأسواق والمطاعم من حضور المغتربين، إضافة إلى الخليجيين الذين يُعدّون أبناء البلد إذ هم ملاّكون ولديهم منازلهم الخاصة خصوصًا الكويتيين والسعوديين والقطريين والإماراتيين"، ما يشكّل قيمة مضافة للموسم.
بين القلق الأمني والترقب السياسي، تحاول إذًا الأسواق التجارية في مختلف المناطق اللبنانية اقتناص فرصة الأعياد لإعادة ضخ بعض الحياة في شرايينها. على أمل أن ينسحب تحسّن المزاج الاقتصادي إيجابًا على العام الجديد فتتحسّن رواتب اللبنانيين وترتفع القدرة الشرائية وننتهي من المعضلة الأمنية القائمة، ومن مخاطر الحرب وويلاتها.