عن فيروز ونصرالله
18 Dec 201318:53 PM
عن فيروز ونصرالله
نقل زياد الرحباني عن والدته فيروز أنها تحب الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله. قال ذلك في مقابلة مع موقع العهد التابع أيضاً لـ"حزب الله".

 

هذا الأمر أثار حفيظة خصوم "حزب الله"، فامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقاتهم. بعضهم سخر من زياد الرحباني، وآخرون شملت تعليقاتهم فيروز. تساءل كاتب على صفحته عما إذا كان زياد ما زال على قيد الحياة، فعلق آخرون على هذا التساؤل متسائلين أيضاً ما اذا كانت فيروز نفسها على قيد الحياة. لم يعترف أحد لنصرالله بمكسب في هذا الاعلان، وهذا دأب خصوم "حزب الله" منذ نشأت هذه الخصومة.

 

والحال إن كشف زياد الرحباني عن مشاعر والدته حيال نصرالله ليس تفصيلاً لا قيمة له على ما حاول خصوم الحزب تصويره. فالأمر يُضيف الى رصيد الرجل شئنا ذلك أم أبينا. لفيروز موقع في الوجدان اللبناني، والرحابنة كانوا جزءاً ممن أنشأ الخرافة اللبنانية، وأن تقول فيروز، أو أن ينقل عنها ابنها أنها "تُحب السيد" فلهذا الأمر قيمة يجب التوقف عندها، والهرب منها عبر تسخيفها هو نوع من دفن الرأس في الرمل على ما دأبت النعامة على فعله.

 

شخصياً، لا تُخاطب فيروز في أكثر من ميل للسخرية، وأنا على يقين بأن زياداً يُقدس أمه على الرغم من تقديمه نفسه بصفته خارجاً عن العباءة الرحبانية. هذا أمر، وأن نعترف بمكاسب حققها نصرالله جراء كسبه فيروز أمر آخر. ولعل فاجعة مستهولي حب فيروز لنصرالله ستتضاعف عندما تكون الخرافة الرحبانية هي ضائقتهم الداخلية، وهي ما استعانوا فيه في خصومتهم لنصرالله.

 

أن تُحب فيروز نصرالله، يعني أن تهديه "الضيعة والجرة والمختار". هذه عناصر الإيديولوجيا الرحبانية، فإذا أضفنا إليها ميشال عون وسعيد عقل وأنسي الحاج، فسيكون في حوزة السيد مفاتيح قرطاج والثوب الأرجواني لأليسار.

 

ألم تُهدِ السيدة فيروز "المفاتيح" للرئيس الراحل رفيق الحريري عندما افتتحت زمن "سوليدير" بحفلة في الوسط التجاري عزف خلالها زياد؟

 

قد يميل البعض الى السخرية جراء انعقاد هذه المعادلة، لكنها معادلة حقيقية للأسف. ففي جعبة نصرالله اليوم أكثر مما في جعبة خصومه من عناصر الخرافة اللبنانية. والأمر الأكثر مأسوية هو أن خصومه منجذبون الى هذه الخرافة أكثر من انجذابه هو إليها. ففي نفس المقابلة التي كشف فيها زياد الرحباني حب أمه للسيد، هاجم قائد القوات اللبنانية سمير جعجع. هذا الأمر سيكون قاسياً على الحكيم من دون شك. ان يتعرض لهجوم من ممثل الخرافة اللبنانية، الخرافة نفسها التي يؤمن بها فهذا أمر مؤلم حقاً، والرد عليه سيكون مربكاً.

 

"ثورة الأرز" عبارة تنتمي من دون شك الى القاموس الرحباني، أو أنها قريبة منه على الأقل. وهنا مرة أخرى سطا نصرالله على قاموس خصومه. فكيف يضيق بحب فيروز لنصرالله من سمى ثورته ثورة الأرز؟

في السياسة يُمكن بسهولة رد مشاعر فيروز الى ما يُمثله نصرالله من عمق أقلوي، وهو لطالما نهلت منه الرحبانية، مع فارق جوهري هو أن الأقلوية التنويرية التي نشأ عليها لبنان الكبير تشهد اليوم انتكاسة انتقال شعلتها من يد ميشال شيحا الى يد ميشال عون.