حتى نيسان 2013 كان تنظيما "جبهة النصرة" و"داعش" يشكلان تنظيماً واحداً، حيث لم تكن "جبهة النصرة" إلا الذراع السوريّة لما كان يعرف بـ "الدولة الإسلامية في العراق" في وقته، وهذا ما صرح به أبو بكر البغدادي لدى إعلانه عن حلّ "جبهة النصرة" كما "الدولة الإسلامية في العراق" ودمجهما تحت لواء "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام". إلا أن أبو محمد الجولاني، المسؤول العام لجبهة النصرة في وقته، رفض هذا الدمج مبايعاً أيمن الظواهري وتنظيم القاعدة، على الرغم من تأكيده على حقيقة ما ورد في بيان البغدادي.
بعد أشهر قليلة تبنى الظواهري "جبهة النصرة" التي أصبحت ممثل تنظيم القاعدة في سوريا، ودعا "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الى الانكفاء إلى العراق. وهذا ما رفضه البغدادي كونه لا بيعة أو علاقة هرميّة تربطه بتنظيم القاعدة. وجاءت التطورات الميدانية الأخيرة لتمكن "الدولة الإسلامية" في العراق كما في محافظة دير الزور شرقي سوريا وصولاً الى إعلان "الخلافة" وأبو بكر البغدادي "خليفة". علماً أنّ الشرق السوري، ومنطقة دير الزور تحديداً، كانت تعتبر مركز ثقل بشري ومادي لجبهة النصرة التي اضطرت مُكرهة للتخلي عن المنطقة بعد أشهر من القتال مع "الدولة الإسلامية".
لكن المواجهات على أرض الواقع كانت توازيها المواجهات على مواقع التواصل الاجتماعي. حيث مؤيدو الطرفين وحتى أمراؤهم وجنودهم في بعض الأحيان يتواجهون عبر الاتهامات المتبادلة. وهكذا يصبح "إعلان الخلافة مهزلة" بالنسبة الى مؤيّدي "القاعدة" و"جبهة النصرة" تصبح "جبهة الخسرة" لمؤيدي "الدولة الإسلامية".
أما أبرز المواجهات على مواقع التواصل الاجتماعي فتناولت مقتل أمير جبهة النصرة لمدينة دير الزور. بعد أن أعلنت "الدولة الإسلاميّة"عن مقتل أبي حازم على أحد حواجزها على مدخل مدينة ديرالزور، مؤكدة أنّه "تم إطلاق النار عليه قبل أن يتمكن من تفجير حزامه الناسف عندما كُشف أمره لدى محاولته الفرار من المدينة متنكراً بزيّ امرأة وحليق الذقن". لم يتأخر ردّ مؤيّديها في تداول صورة تُظهر أبو حازم مرتديا زيّاً وقفازات نسائيّة، حليق الذقن ومع كميّة من المال وحزام ناسف ملقاة على جثته بجوار كرسي متحرك للمعوقين.
إلا أنّ مؤيّدي "جبهة النصرة" لم يتأخروا بالردّ بدورهم مؤكدين أنّه تمّ "اغتيال أبو حازم وتمّ حلق ذقنه ووضعه بهذا المظهر لإهانته وتشويه صورة جبهة النصرة". ولكن، بغض النظر عن مصداقيّة الطرفين، فإن الصور التي نُشرت تُظهر فرار قادة "جبهة النصرة" أمام "الدولة الإسلاميّة" وهذا بحدّ ذاته نوع من إنجاز دعائي ومعنوي الهدف منه زرع الرعب في قلب مؤيّدي وجنود "جبهة النصرة".