السفير
اكد مصدر بارز في "التيار الوطني الحر" ان "العلاقة الاستراتيجية مع "حزب الله" ما زالت متينة"، منبها في الوقت ذاته الى ان "تراكم التفاصيل والجزئيات، موضع التباين، قد يؤدي شيئاً فشيئاً الى إحداث "اشتراكات" في جسم هذه العلاقة، ولذلك المطلوب معالجتها وعدم إهمالها، حتى لا يؤدي تكدسها الى أي مضاعفات".
ويجزم المصدر ان "لا نيات سيئة تكمن خلف سلوك "حزب الله"، وهو بالتأكيد ليس جزءاً من منظومة الفساد ولا جزءاً من شبكة حمايتها، ولكن ترتيب أولوياته في هذه المرحلة يجعله يركز بالدرجة الاولى على حماية الحكومة والحفاظ عليها، في سياق خدمة الهدف الاستراتيجي والمتمثل في حماية ظهر المقاومة، وهو هدف يشاركه فيه "التيار"، ولكن يختلف معه حول تكتيكات تحقيقه".
ويرى المصدر في في خلال حديث لصحيفة "السفير" أنه "وانطلاقاً من هذه الاولوية يساير "حزب الله" جميع مكونات الاكثرية والحكومة، وأحياناً يفعل ذلك على حسابه وعلى حساب اتخاذ الموقف الصلب في مواجهة ما يفتح من ملفات، كما حصل على سبيل المثال لا الحصر، بالنسبة الى خطة الكهرباء ومطلب تصحيح الأجور، بل ان التسهيلات التي يقدّمها "حزب الله"، تشمل ايضاً المواضيع الآنية واليومية المتصلة بعمل الحكومة، وذلك على قاعدة وجوب تسيير الأمور بالتي هي أحسن وبأقل الأضرار الممكنة، في حين يعتبر "التيار" ان المهم هو ليس فقط ان تمشي الامور، ولكن كيف تمشي، ومدى مقاربتها بالطريقة الصحيحة ووفقاً للأصول".
ويشدد المصدر القيادي في "التيار الوطني الحر" على ان "رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون يرى ـ وهو أبلغ هذا الموقف الى «حزب الله» - ان المقاومة لا يمكن ان تكون في مأمن، ومحصنة بالقدر الكافي على الخطوط الأمامية، إذا كان الفساد ينخر الداخل، الظهير الحيوي للمقاومة، وبالتالي هي لا تستطيع ان تنأى بنفسها عن مواجهة هذا الفساد، لان تركه يستفحل يشكل خطرا مباشرا عليها". ويشير المصدر الى ان "التمايزات في القراءة بين الجانبين موجودة منذ أيام حكومة الرئيس سعد الحريري، ولكن بنسبة ضئيلة، لأن الحريري كان يقول نعم او لا، وهذا ما كان يسهل على "حزب الله" تحديد مواقفه بشكل قاطع، أما مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فقد تراكمت التفاصيل والجزئيات، على خلفية الـ"لا" والـ"نعم"، وهي اللعبة التي يجيدها ميقاتي، وتؤدي الى توسيع المساحة الرمادية بحيث تختلط فيها الأشياء وتمر عبرها القرارات كيفما اتفق، من دون فرز حقيقي".
ويلفت المصدر انتباه "حزب الله" الى محاذير سياسة "تقديم التسهيلات"، خصوصاً انها جربت في حقبة رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري الذي ترك للحزب ان يتفرغ للمقاومة فيما راحت تنبت في الداخل الصناديق والمجالس والسياسات المالية والاقتصادية الخاطئة، حتى أصبحت هناك دولة داخل الدولة، او على هامشها، داعياً الى عدم تكرار هذه التجربة مع الرئيس نجيب ميقاتي".
ويعرب المصدر البارز عن اعتقاده بانه "إذا كان تكتيك "حزب الله" ينطلق من حرصه على بقاء الحكومة التي يملك ائتلاف الحزب والتيار وحركة "أمل" الأكثرية الوزارية فيها، فان هذا العامل بحد ذاته يجب ان يكون حافزاً للضغط في اتجاه تفعيل إنتاجية الحكومة وتصويب مسارها، لانها محسوبة بالسياسة على هذا الائتلاف ومصنفة في خانته، وهذا ما يحمل أطرافه مسؤولية ان يثبتوا انهم قادرون على إحداث تغيير جذري في نهج الحكومة، وان شعارات الاصلاح والمحاسبة ومكافحة الفساد التي كانوا يرفعونها خلال وجودهم في المعارضة لم تكن للاستهلاك".
ويشير المصدر القيادي الى ان "حزب الله" متفق مع التيار على أهمية الاصلاح ومحاربة الفساد ويوافقه على ضرورة ان تنجز الحكومة ما يفترض انها جاءت من أجله، ولكن يبدو ان لكل منهما دروبه للوصول الى الهدف المشترك، علما ان كليهما يتطلع الى تجاوز الفوارق الموضعية وتوحيد خريطة الطريق". ويكشف المصدر أن "اللقاء الأخير الذي عقد بين السيد حسن نصرالله والوزير جبران باسيل، حدد بدقة مكامن التطابق ومكامن التمايز في مقاربة الشأن الداخلي، وهو انتهى الى توافق على وجوب بذل جهد أكبر لدفع الحكومة نحو تحقيق إنجازات إصلاحية، تتلاءم مع الشعارات التي يرفعها "حزب الله" و"التيار الوطني الحر".
ويتطلّع المصدر إلى أن "يستعيد "حزب الله" جذريته في الإصلاح، كما هو جذري في المقاومة، أما "التيار الحر" فهو يدرك أنه لا يمكن حرق المراحل في ما خص الإصلاح والتغيير، وبالتالي لا بدّ من تناولهما جرعة تلو الأخرى".
ويتوقف المصدر القيادي بإيجابية عند موقف نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الذي طالب فيه باللجوء الى التصويت داخل الحكومة إذا تعذّر التوافق، في إشارة الى استحقاق تمويل المحكمة الدولية، لافتاً الانتباه الى ان "هذه النوعية من المواقف الواضحة والحاسمة هي ما ينتظره التيار من الحزب".