زملاء من الصحيفة يكتبون لموقعنا: يومٌ أوّل بلا "السفير"
05 Jan 201706:17 AM
زملاء من الصحيفة يكتبون لموقعنا: يومٌ أوّل بلا "السفير"
خاص موقع Mtv
شيءٌ ما تغيّر هذا الصباح. لن يمرّ أحدنا بمكتبةٍ قريبة ليشتري عدد اليوم. لن يستفيق أيٌّ منّا ليتصفّح موقع الجريدة. هو يومٌ أوّل بلا "السفير". حقيقة يجب أن نعتاد عليها. حقيقةٌ سنعتاد عليها. أسوأ من الموت ليس فقدان من نحبّ بل احتمال أن ننساه.
ابتداءً من اليوم، ستدخل "السفير" التاريخ، والتاريخ تجميل لكلمة الماضي. وفي هذا اليوم، وتحيّةً لـ "السفير" والزملاء فيها، وهم الخسارة الأكبر من المؤسّسة، كانت هذه السطور التي خطّها زملاء من الجريدة التي فارقت بالأمس حياة الحبر والورق...

فاتن حموي
ليست حبرًا على ورق، هي قضايا دافعت عنها بالعرق والدم. رائدة في صوتها وصورتها وقضاياها وآرائها وفي محلياتها وثقافتها وتحقيقاتها في صفحات الرياضة وقسمها العربي والدولي وصفحات شبابها ومنبرها في البيئة والاقتصاد... وملحقاتها من لبنان إلى العالم وقلب بوصلتها فلسطين... سفيرتنا تعبت فآثرت الابتعاد متشحة بالاحترام لموظفيها وقرائها...

كلير شكر
لن أكتب عن اقفال "السفير" وعن احتضار الصحافة الورقية ولا عن تلك الأسباب المعلومة وغير المعلومة التي أدت الى انتقالها المبكر الى كتاب التاريخ لتصير مادة تدرّس لمهنة قد تصبح من التاريخ، مجرد ذكرى بحلاوتها وقساوتها... سأكتب عن صانعي تلك الأوراق الجميلة. 
تلك الأقلام التي تعشق الكتابة بقدر عشقها للصحافة وأخبارها وتقاريرها. تدوزن الأحرف والكلمات وترونق تعابيرها. في تحدّ مستمر مع ذواتها. تلك الأفكار الباحثة دوماً عن تجددها، عن انتصارات حتمية بوجه الرتابة والروتين. عن ثورات متنقلة بين المكاتب في بحث دائم عن مادة تليق بـ"السفير" وناسها وتجربتها وقرائها. عن مجموعة قد تختلف حول الكثير من القضايا والمسائل لكنها قادرة على الالتقاء في مكان ما يصعب تحديده.
"السفير" لم تكن يوماً وظيفة ولا مكتباً ولا منبراً. كانت روحاً جميلة تبثها تلك المجموعة، اما تعشقها واما تعجز عن التأقلم معها فتنفر منها. 
"السفير" صارت من الماضي، لكن "السفيريين" باقون.

ملاك عقيل
اختفت "السفير" وصارت ذكرى ونحن نسأل لماذا؟ لم نقتنع بما سمعناه من تبريرات. صحيفة عريقة كـ "السفير" ارتبط اسمها بالنضال سيصعب ان تختفي بينما البقيّة تناضل حتى الرمق الاخير. ليست المسألة فنجان القهوة الصباحي الذي سيرتشف مع غصّة، وتكرار الحديث عن "الادمان" على رائحة الورق. "السفير" صارت ذكرى دفنّاها قبل أن نتحوّل الى رثائية على صفحاتها حين نغيب عن هذه الدنيا. كان يفترض ان يكون هذا المسار الطبيعي للصحيفة وليس ان نسير نحن في "جنازتها" مهما كانت الصعوبات. كل ما أعرفه ان الصحافة خسرت جزءاً من روحها. المشكلة اننا، كما السائد في بقية الصحف، لا نُسأل عن رأينا في "مصيرنا". ثمة من يأخذ القرار عنّا مع ان العلم أنّ "السفير" كما "النهار" وغيرهما من الصحف، بالمفهوم المهني والانساني والاخلاقي، "ملك" للناس ولموظفيها وليس فقط لمالكيها. 
بمطلق الاحوال أفضل ما يمكن أن أقوله في صحيفة، حلمت يوماً ان أكون من كتّابها: كما الحبيب تنتزعين جزءاً من قلبي في يوم الرحيل.

زينة برجاوي
دخلت "السفير" في العام ٢٠٠٥ بعدما تخرجت من الجامعة. انا ابنة هذه المؤسسة التي ازورها منذ طفولتي بحكم ان والديّ قد تعرفا على بعضهما فيها قبل زواجهما.
حتى الساعة اقرأ تعليقات الناس والقراء وانا غير قادرة على استيعاب فكرة صباح عام جديد من دون "السفير".
اشعر بحزن كبير واسال كيف على ٤٣ عاماً من العمل الصحافي أن تنتهي بهذه الطريقة؟
بالنسبة إليّ "السفير" حلم وتبخّر، ونحن اليوم مع توقف "السفير" عن الصدور ننعي الصحافة المكتوبة، ولا ادري على من يقع اللوم في ذلك.
أعيش على أمل العودة يوما ما، لذلك لم أقل وداعا "السفير" بل الى اللقاء.
في العام ٢٠١٥ اطلقت "السفير" حلمها للعام ٢٠٤٠، وهي عبارة عن مجموعة احلام عبّر عنها كتاب "السفير". ماذا سيحصل في العام ٢٠٤٠؟ توقعنا امورا كثيرة منها انقراض الصحافة الورقيّة، لكن لم يتوقع احد الا يكون هناك "السفير"، بل نحن كنا دائما نحلم ونحلم بأن تبلغ الجريدة المئة عام.

 

أدهم جابر
لا يمكن وصف ذاك اليوم وانا أغادر مبنى "السفير". ذات مساء تغيّر كل شيء. العام الجديد سيكون بلا واحدة من اهم صحفه الورقيّة. دموع تغسل كل شيء الا عار الاهمال. نحن الان بلا امل. بلا ايمان بأيّ شيء. نعانق مكاتبنا، ننحي على اكتاف بعضنا بعضاً، نجرب ان نكون. لا شيء سوى نسر يحطّ بعد عناء وتعب. مكاتب خاوية. أُطفِئت الأنوار وأسدل الستار. لن نبني بعد اليوم بالكلمة، سقف سماء من الحريّة، لم نعد بعد الان سوى ذكريات نُعلّق على جدران...

باسكال صوما
أن تغادرنا "السفير"، يعني أن ينقص عمر بيروت وردة. أن تغادرنا "السفير" ببساطة ومن دون أن يوقفها أحد يعني أننا في عصر النهايات، حيث كلّ شيء جميل آيل للسقوط من دون أن يتحرّك من أجله أحد. كل من مرّ في أروقة هذه الجريدة لا بدّ من أنّه تعلّم شيئاً. نحن كتّاب "السفير" وتلاميذها بقمّة حزننا، لم يكن أحدٌ منّا يرغب في أن يكون من الجيل الذي يودّع الصحافة ويتفرّج على أوراقها تتساقط. سنشتاق إلى "السفير" كثيراً في زمن الصحافة الفوضويّة واللا مسؤولة واللا مهنيّة. سنفتّش عن "السفير" ولن نجدها، وهذا قصاص لن ننجو منه.