داني حداد
Lebanon Files
لست أكتب في هذه السطور عن "الثورة" ولا عن "النظام". لست أكتب عن جهلة الدين الذين ينحرون الرؤوس ويقطّعون الأجساد، ولا عن الإبادات الجماعيّة التي ترتكب يوميّاً. لست أكتب عن البيانات والمؤتمرات والمؤامرات، وعن التسويات التي قد تأتي. لست أكتب عن معركة هنا، وسيطرة هناك، وعن بلدة تسقط في يد المعارضة وأخرى تستعاد على يد الجيش.
لن أكتب عن ذلك كلّه. لن أكتب عن سوريا التي تعود عشرات السنين الى الوراء. عن عشرات الآلاف الذين سقطوا حتى الآن، ودماؤهم أغلى من أيّ رئيس ومن أيّ "ثائر" ومن أيّ رجل دينٍ يرتدي عمامة الإرهاب و، خصوصاً، من أيّ حاكم يدفع المال ليتقاتل البشر.
لن أكتب بلساني، بل بلسان كبير من عندنا وبصوت يدخل الى عمق الأعماق. سأكتب، نقلاً عن الشاعر سعيد عقل ومن ألحان الأخوين رحباني، كلاماً يغني عن كلام كثير وعن أصوات كثيرة وعن تصريحات ومواقف وتفاهات...
سأنقل للقرّاء قصيدة "يا شام" التي غنّتها السيّدة فيروز، علّها تضيئ شمعة في هذا الليل السوري الطويل. عساني أوقظ حنين الذاكرة الى دمشق التي كانت، علّها تعود يوماً...
يا شام عاد الصيف متئداً وعاد بي الجناح
صرخ الحنين إليك بي أقلع ونادتني الرياح
أصوات أصحاب وعيناها ووعد غد يتاح
كل الذين أحبهم نهبوا رقادي واستراحوا
فأنا هنا جرحُ الهوى وهناك في وطني جراح
وعليك عيني يا دمشق فمنك ينهمر الصباح
يا حبّ تمنعني وتسألني متى الزمن المباح
وأنا إليك الدرب والطير المشرّد والأقاح
في الشام أنتَ هوى وفي بيروت أغنية وراح
أهلي وأهلك والحضارة وحّدتنا والسماح
وصمودنا وقوافل الأبطال من ضحّوا وراحوا
يا شام يا بوّابة التاريخ تحرسك الرماح