داني حداد
Lebanon Files
الى عزيزي المقاتل في تنظيم داعش،
تحيّة وبعد،
آمل أن تجد الوقت الكافي لتقرأ هذه السطور ولو أنّي أستهلّها بتقديم الاعتذار الشديد لأنّها ستلهيك ربما عن "تحرير" المزيد من المناطق، بعد أن تقطع رؤوس أهلها وتهجّر من نجا منهم وترفع أعلامك السوداء على ما طال سيفك من مواقع.
أو لعلّك، بدل التلهّي بقراءة سطور كتبها صاحبها على جهاز كمبيوتر محمول وهو يجلس في غرفة مكيّفة ويتابع "المونديال" مع ما فيه من سحر أقدام اللاعبين على أرض الملعب ومن حسناوات برازيليّات يرقصن بأجسادهن، وما أدراك أيّها "المجاهد في سبيل الله" ما تصنعه أجسادهنّ من فتوحات... بدل التلهّي بذلك كلّه ربما تتفرّغ لترسم مصير أرضٍ ليست أرضك ولتواصل ارتكاب المجازر في حقّ شعوب عانت من الجهل والاستبداد قبل أن تأتيها أنتَ لتنقذها من القمع بالذبح!
أحتار يا عزيزي بأيّ لغةٍ أحدّثك. أَبلغة الضاد وأنت لا تعرف إلا لغة الضرب. أَأفكّ لك الحروف بينما أنت تفكّك منطقةً وتبيد شعوباً. أَأرسم لك الإشارات بينما ترسم بالدم حاضر هذا الشرق البائس بحكّامه كما بمن يثور عليهم.
تعلّمنا أن ندير الأيسر إن ضربنا على الأيمن. هل كان صاحب القول يدرك أنّه سيأتي يومٌ لن يَضرب فيه أمثالك لا على الأيمن ولا على الأيسر بل سيقطعون الرأس من العنق؟
وقرأنا الكثير عن تفاعل الحضارات وحوارها وتنوّعها الى ما هنالك من مفردات الرياق، قبل أن تأتي أنتَ لتمسح الرماد عن عيوننا فنبصر حقيقة أنّنا بتنا نواجه اللاحضارة واللاإنسانيّة.
كنّا نقرأ في مراهقتنا عن تيّارات الإلحاد وتربّينا على الحذر منها، قبل أن نكتشف من يفرط في الدين حتى يدّعي امتلاكه من دون غيره والحكم باسمه على غيره، فبتنا نترحّم على الإلحاد ونستحسن الملحدين.
يا عزيزي "الداعشيّ"، ثمّة رجل كتب قبل قرابة الألفي سنة آيّةً صغيرة في كتاب، هي: "الله محبّة". فأيّ دينٍ هذا الذي تفرضه بالقوّة؟ وأيّ جهادٍ هذا الذي يقوم على قطع الرؤوس؟ وأيّ الله هذا الذي يقبل بما ترتكب؟
مع فائق اشمئزازي وقرفي، دمتَ في جهلك...