جيسيكا حبشي
يزدحم صيف لبنان بالاعياد والاعراس وشتّى أنواع الاحتفالات والمهرجانات حيث يطلق اللبنانيّون العنان لفرحتهم، فيعبّرون عنها بكل ما يعرفونه من مظاهر إبتهاج وسعادة.
هرجٌ ومرجٌ وزفّات وأسهم نارية ومفرقعات وحتى إطلاق عيارات ناريّة. إلا أنّ هذا الواقع يطرح تساؤلات عدة حول شرعية مظاهر الاحتفال في لبنان وخطرها، خصوصاً المفرقعات والاسهم النارية التي قد تحوّل مناسبة فرح الى مأساة، في حال اندلاع حريق أو التسببّ بأضرار جسديّة لمن يستخدمها.
كانت الـ mtvالسبّاقة في إثارة هذا الموضوع، عبر إلقاء الضوء على قصّة طفل انفجرت فيه مفرقعات بعد إشعالها بلحظات، ما أدّى الى إصابته بحروق في الوجه، كما تحرّت عن الموضوع، كاشفة عن أن المتجر الذي باع والدة الطّفل الالعاب النارية لا يملك رخصة لبيع هذه المواد.
وفي متابعة لهذا الملف المهمّ، خصوصاً في شقّه القانوني، يتبيّن أنّ هناك 4 شركات فقط مرخّصة لاستيراد الاسهم الناريّة، أما باقي الشركات فهي شركات غير شرعية.
وأكد رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي المقدّم جوزف مسلّم لموقع الـmtv الالكتروني أنّ "الأسهم النارية فقط يسمح باستيرادها، أما ما يعرف بـ"المفرقعات" فهي غير مرخّصة نهائيا"، مشدّداً على ضرورة مراقبة إستيراد هذه المواد، وأنواعها، فهذا الامر، وفق المقدّم مسلّم، قد يحدّ بشكل كبير من هذه المشكلة التي يُنبّه اليها في فصل الصيف، إنما متابعتها يجب أن تحصل على مدار السنة.
ورأى أنّ التوعية مهمّة جدا، خصوصا من قبل رجال الدين، الذين يقع على عاتقهم منع الاحتفال بالمفرقعات والاسهم الناريّة أمام المقامات الدينيّة في خلال الاعياد، وإرشاد المواطنين، كما اعتبر أنّ "للسلطات المحليّة، أي البلديّات، الدور الاساس في ضبط المخالفات ومنع مظاهر الابتهاج غير المرخّصة والخطيرة".
ولكن، ماذا عن التزام المواطنين بالقوانين؟ ومن يتحمّل مسؤولية الاضرار؟
أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان أنه "لمناسبة اقتراب الأعياد لدى مختلف الطوائف، وبسبب تفشي ظاهرة المفرقعات النارية، مما قد يؤدي أحياناً إلى إصابات جسدية وأضرار مادية كبيرة، مع ما يرافق ذلك من تجاوزات يتعرض لها المارة فضلاً عن الحرائق التي تلحقها بالممتلكات والأحراج، أصدر المدير العام لقوى الأمن اللواء إبراهيم بصبوص أمراً إلى القطعات العملانية بالتشدد بقمع هذه الظاهرة لجهة البيع والإستعمال وبخاصة تفشي ظاهرة البسطات على الطرقات والساحات وفي المحلات واتخاذ التدابير القانونية اللازمة بحقهم، وذلك استناداً إلى قانون الأسلحة والذخائر والتعاميم الصادرة عن وزارة الداخلية والبلديات بهذا الخصوص".
ولفتت المديرية إلى أن قوى الأمن "مستمرة بحملتها (#عيش_الفرحة) للتعبير عن مظاهر الإبتهاج بصورة حضارية على مواقع التواصل الإجتماعي @lebISF / lebISF".
من جهتها، نبّهت المديرية العامة للدفاع المدني في وزارة الداخلية والبلديات، في بيان، من "استخدام المفرقعات والأسهم النارية، وذلك تداركاً للأخطار المحتمة التي تنجم عن استعمالها، من إصابات بشرية، إلى نشوب حرائق تطال الأحراج والممتلكات وتنتج عنها خسائر مادية فادحة".
وكانت "حركة السلام الدائم"، ومنظمة "اليازا"، واللجنة اللبنانية للوقاية من الحرائق، بالتعاون مع وزارة الداخلية، أطلقت حملة لرفع الوعي على خطورة الاسهم النارية والمفرقعات على السلامة العامة للمواطنين.
وفي هذا السيّاق، أشار مصدر رفيع في وزارة الداخليّة لموقعنا الى أن "بعض المؤسسات الكبرى تأخذ إذنا ورخصة قبل استعمال الاسهم النارية، ويتم التدقيق والتشديد والمتابعة للتأكد من اتخاذ التدابير القانونية اللازمة لمواكبة إطلاق الاسهم النارية، إلا أنّ المشكلة أننا في بلد "كل من إيدو إلو"، حيث لا هيبة للدولة ولا مواطنيّة ولا احترام للقوانين".
وأضاف المصدر، في حديث لموقع الـ mtv الالكتروني، أنّ "القوى الامنيّة تعمل على ضبط المخالفات، وتعاقب المخلّين، لكن عند المحاسبة يقول البعض "جايين تحاسبونا على المفرقعات ليش ما بتحاسبوا يلي حاملين سلاح"، مضيفا "لا يجب دائما انتقاد الدولة فالمسؤوليّة مشتركة، والتوعية هي الاساس من مخاطر المفرقعات والاسهم النارية مع ضرورة الاحتكام الى القوانين الواضحة في هذا الشأن".
ولفت المصدر الى أنّه "في حال وقوع أضرار جسديّة أو حرائق، يلاحق الفاعل أو المسؤول مباشرة عن الاذى، كما يلاحق بائع هذه المواد".
قد يسأل البعض عن أولويّة طرح هذا الموضوع في ظلّ وجود ملفّات أكثر أهميّة وخطورة على الساحة الداخليّة، كموضوع السلاح غير الشّرعي، ومختلف مظاهر العنف التي ترافق اللبنانيّين وتطبع يوميّاتهم من الشمال حتى الجنوب... إلا أنّ الجواب أنّ أيّ مسألة تتّصل بسلامة المواطن وبالخطر الذي يتهددّ حياته مهما كان مصدره، تشكلّ أولوية، والتحذير واجب، أما المسؤولية فلا تقع دائما على كاهل الدّولة، إنما اللّبناني الذي يستعلم دائما على حقوقه ويدّعي أنه يتعرّض للغبن، يتحمّل جزءاً كبيراً من سلامته ومن سلامة المجتمع الذي يعيش فيه. وكما نردّد دوماً "وينيّي الدولة؟"، قد يجوز السؤال أيضاً "وينوّي المواطن؟!"