"صوتك حلو" بسّ... "أوعا تغنّي"!
03 Aug 201509:23 AM
"صوتك حلو" بسّ... "أوعا تغنّي"!
هنادي دياب

هنادي دياب

هل حاولْتَ أن تتخيّلَ المذيعة ريما نجيم واقفةً على أحد المسارح تعطي الفرقة الطبقة المناسبة لتغنّي موالاً؟ أو هل حاولت أن تتخيّل النّجم وائل كفوري جالساً وراء "ميكرو" إحدى الإذاعات اللبنانيّة مستعدّاً لانطلاق الحلقة الجديدة لبرنامجه الإذاعي؟

 

تبدو هذه الصورة كسراً للرّوتين. ومَنْ منّا لا يعشق كسر الرّوتين؟ ولكن، فلنفترض أنّنا سألنا ريما ووائل السؤال نفسه الذي يعكس دورَيْهما، فهل كانت ريما لترى مكانها المناسب على المسرح؟ وهل كان وائل ليرى نفسه في المكان الصحيح وراء المذياع؟

 

ليس لكلّ مَنْ تمتّع بصوت إذاعيّ مميّز مقوّمات تفصّل عليه ثوب المغنّي الذي يُتقن "قول" النّوتات ويعرف كيف يوصل المستمعين إلى حال "النشوة" الموسيقيّة. كما ليس لكلّ من امتلك حنجرة صوتيّة غنائيّة جميلة القدرة على أَسْر جمهور الإذاعة وعلى جذبه ليُبقي على الأثير نفسه لحوالي ساعة أو ساعتين من الوقت.

 

 

من هنا، فُصلَتْ عناصر الصوت الغنائي عن تلك التي تميّز الصوت الإذاعي. بالنسبة إلى الإعلاميّة والأستاذة في الإلقاء د. نعمت عازوري، على كلّ من يطمح إلى النجاح في العمل الإذاعي المتميّز بتكوين "علاقة متينة" مع "الميكرو" الإذاعي، أن يتحلّى صوته بشيء من الدّفء والرّصانة، إلى حدّ ما. فهذان العنصران يشكّلان الشرطين الأساسيّين اللّذين يدفعان المتلقّي إلى تصديق ما سمعته أذناه ويضفيان مصداقيّةً على ما قاله المتحدّث دافعان إيّاه إلى الاستمرار في الإصغاء. لم ينحصر كلام د. عازوري بقراءة العناوين أو إذاعة نشرة الأخبار أو أيّ مادّة إعلاميّة سياسيّة أخرى، بل شمل كلّ الموادّ الإذاعيّة حتّى المنوّعات منها وتقديم أيّ برنامج كان. "الصوت في الإذاعة يأتي بمقام النّظرة التي تخرج من عينيّ المرء والتي تستطيع أن تأسر قلب مَنْ وصلت إليه وضمرت له معنًى جميلاَ. هو البوّابة التي يجتاز عبرها المذيع عتبة الآخر أو بيته أو حرمته، لذا عليه أن يكون قريباً من القلب". كما تعتبر د. عازوري أنّ الصوت الجميل فطريّاً ليس كافياً ليكون صوتاً إذاعيّاً جاهزاً لأنّ التحدّث هنا هو عن أداء إذاعيّ مكتمل ومتمثّل بالإلقاء السليم، بمخارج الحروف السليمة التي تعطي وقعاً للكلمة، بتبطين الصوت وتغليفه، بالتقطيع، بالنفس السليم وباختيار طبقة صوتيّة هادئة ومرافَقة بعزم واندفاع.

 

 

أمّا أستاذة الغناء د. غادة شبير، فترى أنّ بعض الأشخاص يتمتّعون في طبيعة صوتهم بأماكن رنين حيث ترنّ حنجرتم في أوقات معيّنة وعلى وتيرة محدّدة فتنعكس إيجابيّاً على الصوت وتعطيه جمالاً خلال تحدّثهم. لكن، هؤلاء الأشخاص أنفسهم ليس باستطاعتهم الغناء بتاتاً ولا إتقانه نظراً إلى أنّ المنطقة التي يكون فيها صوتهم رنّاناً هي منطقة محدودة جدّاً لديهم تعكس جمالاً في مكان محصور فقط في الكلام. ولعلّ السبب الأبسط الذي يدحض هذا الواقع هو عدم امتلاك جميع المذيعين الأُذُن الموسيقيّة التي تأتي بمثابة الكلمة – الفصل هنا.

 

يبقى أنّ على المغّنين الذين ملّوا ممّا هي عليه حياتهم أن يقرأوا مليّاً ما كُتبَ في هذه السطور لألاّ يقعوا ضحية "شَغَب" ربّما يفكّرون في افتعاله "فداءً" لكسر "رُوتينهم" اليوميّ. أمّا المذيعون، فعليهم أيضاً النّظر مليّاً في السطور نفسها، رغم أنّ أصوات البعض منهم، وإنْ لم تصلح للغناء، تبقى أفضل من "حبال" أولئك الذين لم يُفلحوا في امتهان شيء فعاقبوا آذاننا...