أصدر قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا قراره الظني باتهام الفار من وجه العدالة هشام ضو (مواليد 1977) والموقوف إيلي ضو (مواليد 1988( بقتل المقدّم ربيع كحيل، الذي يملك سيرة عسكريّة مشرّفة، في بلدة بدادون بتاريخ 26 آب الماضي، وذلك بعد الاستماع إلى الموقوف وثلاثة شهود كانوا في مكان وقوع الجريمة بالإضافة إلى اطلاعه على التقارير الطبيّة. ولكن، كيف حصلت الجريمة؟
وفق القرار الظني، الذي نشرته "السفير"، فإنّ المقدم كحيل كان متوقفاً بسيارته إلى جانب الطريق في محلّة بدادون ويجري مكالمة هاتفية من جهازه الخلوي. حينها، مرّت بقربه سيارة رباعية الدفع من نوع "تويوتا برادو" يقودها السائق ايلي ضو ويجلس إلى جانبه صاحبها هشام ضو، وبعد تجاوزها مسافة قصيرة، عاد بها السائق إلى الوراء، وتوقف بمحاذاة سيارة كحيل. وتوجّه بالحديث إلى الضابط كحيل قائلاً: "شو عم تعمل هون؟"، فأجاب الأخير أنّه على وشك المغادرة.
ولكنّ هشام لم يقتنع بهذه الإجابة ليطلب من السائق الذهاب على الفور والذي عاد وأكّد أنّه ضابط. فقال هشام: "إذا أنت ابن دولة، راح دق للدرك واعرف إنت مين"، ثم طلب من السائق ايلي الترجّل، والتقاط صورة للسيارة. حينها ترجّل كحيل من سيارته قائلاً: "حبيبي ليش بدّك تعمل مشكل"، ليجيب الثاني: "ما تقلي حبيبي".
وفي هذه الأثناء، وصلت سيارة الشاهد الشيخ ي. س. الذي كان متوجّها من القماطية إلى بيروت ليجد الطريق مقفلة بالاتجاهين بسيارتين متوقفتين وأشخاص يتبادلون الصراخ. فنزل الشيخ من السيارة طالباً فتح الطريق من دون أن يستجيب إيلي ضو. وما إن رأى كحيل الشيخ حتى بادره إلى القول: "مولانا أنا ابن القماطيّة ولا يحقّ لأي كان أن يقول لي ماذا تفعل هنا".
محاولات الشيخ تهدئة الطرفين باءت بالفشل بعد أن تطوّر الإشكال إلى عراك بالأيدي وتدخّل إيلي، مع ترداد الشتائم، فلم يستطع الشيخ أن يبقى ليعود إلى سيارته ويكمل طريقه.
وإثر الإشكال، أصيب إيلي بعدة لكمات وركلات، أصابت إحداها خصيته فوقع ارضاً من شدة الألم. ثم صعد الى السيارة وقادها حوالى العشرة أمتار وسمع خلالها أصوات طلقات نارية، فيما كان كحيل يقع أرضاً ويرفع يديه مردداً: "ما بقى تقوّص" من دون أن يتوقّف القاتل عن ذلك.
وقبل أن يتحقّق إيلي من مصدر إطلاق النار، جاء هشام مسرعاً وجلس إلى جانبه حاملاً مسدسه، وطالباً منه المغادرة على الفور.
لم يعرف إيلي ماذا حصل إلا على الطريق عندما تواصل هشام مع شقيقه وأخبره بما حصل معه قائلاً: "اخترب بيتي"، التي ردّدها أيضاً عند اتصاله برئيس بلديّة بليبل جو أبي خليل. ثم اتصل بشخص من سوريا يدعى ماهر غصن طالباً منه إرسال سيارة إلى العريضة في الشمال لنقله إلى سوريا. وبرغم ذلك، سهّل إيلي عمليّة الفرار وأوصل القاتل إلى الدورة الذي توجّه إلى الشمال بسيارة أجرة، فيما عمل إيلي على تخبئة سيارة القاتل في منتجع "سمايا" لدى جو أبي خليل.
أما في بدادون، فقد بقي المقدّم كحيل يسبح بدّمه بعد أن أصيب بأربع طلقات ناريّة بفخذه الأيسر. فيما حاولت الشاهدة س. ح. أن تنقذ حياة الضابط، ووقفت بوسط الطريق لإيقاف سيارة تنقله إلى المستشفى. وبعد مدّة، حضرت سيارة يقودها العسكري ف. ع. الذي سمع الفتاة تصرخ: "وقفوا.. قوّصوه.. قوّصوه".
عندها، ترجّل العسكري من السيارة ليشاهد شخصاً مضرجاً بالدماء والفتاة تردّد: "دخيلك ما تفلّ". فطلب ف. ع. من زوجته الاتصال بالصليب الأحمر والدرك عبر الرقم 112، فيما قام هو بالاتصال بالضابط المسؤول عنه لإخباره بالواقعة. وما إن سمع كحيل العسكري يقول لمحدّثه: "احترامي سيدنا"، حتى صرخ: "أنا ضابط".
وقبل أن يعمد العسكري إلى نقل الضابط، كانت سيارة الصليب الأحمر قد وصلت لتنقل كحيل إلى المستشفى، حيث تبيّن أنّه مصاب بأربع رصاصات بالثلث السفلي الجانبي للفخذ الأيسر وبالثلث الوسطي الجانبي وبالثلث السفلي الأمامي، التي سبّبت له كسوراً متعدّدة وتمزقات بالشرايين والأوردة الأساسيّة. وهذا ما أدّى إلى نقص حاد وفادح بالدورة الدمويّة وقصور بالكلى ثم توقف في عمل القلب واشتراكات أدت إلى وفاته في المستشفى رغم العمليات والعلاجات التي خضع لها.