هنادي دياب
قُبيل اللحظة التي "يطلّ" خلالها وائل كفوري في عمل غنائيّ جديد، سواء أكان ألبوماً كاملاً أو أغنية منفردة، لا يعيش جمهوره إلاّ حال انتظار بفارغ صبره مترقّباً ما سيكون عليه مضمون عمله الجديد. وجود وائل وحده كفيل بإحداث أكبر "ضجّة" إعلاميّة. والأمر عينه ينطبق على فنّانة مرهفة بالإحساس مثل يارا. فكيف إن "أطلّ" الإثنان سوياً في عمل واحد؟
أغنية "بعيوني" التي غنّاها كلّ من الفنانَين وائل كفوري ويارا بصوتيهما بأسلوب الـ "ديو" هي التي ستكون في هذه السطور، مناسبة الكتابة. ولعلّ هذا العمل المشترك بين يارا ووائل لم يحقّق الأصداء الإيجابيّة بقدر ما يستحقّ. لكن، يكفي الاستماع إلى هذا الحوار الرومانسي الذي دار بينهما للقول إنّ حال انسجام كانت واضحة تماماً في أدائهما الأغنية، وإنّ الأخيرة شكّلت تعاوناً ناجحاً بينهما.
غير أنّ ثمّة ما لفت سمعَنا في الأغنية و"حرّض" تفكيرنا على التوقّف عنده كتابةً. لدى الاستماع إلى "بعيوني" يصبح واضحاً أنّه كان بحوزة يارا امتيازات غنائيّة أكثر من وائل وأنّ المساحة الأكبر في الأغنية أتيحت لها أكثر منه وخصوصاً عندما لجأت الأخيرة إلى استخدام طريقة "الآهات" أو "الرَنْدَحات" لمرّتين: الأولى بعد المقطع الأوّل المغنّى والثانية بعد الانتهاء من المقطع الثاني أو الأخير. في وقت كنّا ننتظر من وائل أن "يردّ" على يارا بالأسلوب نفسه أي بـ "الآهات" و"الرندحات الوائليّة" التي لطالما اشتهر بها وأحبّها مستمعوه، بيد أنّه لم يفعل. فمَن أراد ذلك يا ترى؟ وائل نفسه؟ أو الملحّن؟
لا يمكننا أن ننكر أنّ ما يميّز وائل، إلى جانب الإحساس الذي يتمتّع به في أدائه الغنائي والعُرَب الخاصّة به، هو تلك القدرة الكبيرة التي يملكها في صوته والتي تخوّله الوصول إلى تأدية النوتات العالية عندما تأتي على شكل "جواب" لـ "القرار" في صوته. أمّا يارا فلا تقلّ عن وائل من حيث الإحساس المرهف والعُرَب القريبة إلى السهل - الممتنع التي تميّزها عن غيرها من الفنانات والظاهرة بوضوح في الأغنية (عند "القَفْلات" أي في نهاية جملها الغنائيّة)، إذ أنّها موقّعة باسمها لناحية التميّز بها. إلاّ أنّ ما تفتقد إليه يارا ربما هو قدرتها على تأدية "نوتات وائل" العالية. ولا يسجَّل أبداً هذا الأمر لها على أنّه نقطة ضعف أو "ذنب"، فرومنسيّة أدائها تكفي وبحّة خامتها "بتكفّي وبتوفّي". ولعلّه يجوز الاعتبار هنا، أنّ وائل رغب في أن يكون ذاك الرجل الـ Gentleman أو "المهذّب" مع يارا بحيث أنّه لم يقدّم كلّ ما في وسعه غناءه وتخلّى عمّا اشتهر به من تأدية "الجوابات" متيحاً لها فرصة الظهور أكثر منه.
فهل حصل كلّ ذلك عن سابق تصوّر وتصميم سواء من وائل أو من ملحّن الأغنية؟ وهل يمكن اعتبار أنّ هذه الأغنية هي هدف تمّ تسجيله لصالح يارا؟ الإجابة على هذين السؤالين هي في رسمكم بعد الاستماع إلى "بعيوني"...