يمكنك أن تكتب عن إسم وصورة تتداول بهما حسابات وصفحات التواصل الإجتماعي يومياً بالطريقة التي تقرأها على هذا التواصل. إمّا أن تمدح بشير الجميّل وتتمسّك بشعاراته العريضة حتى مع رياح "سياسة آخر زمن"، وإمّا أن توجّه السهام والإتهامات الرنانة. سهلٌ وسريع.
تزامنت ذكرى انتخاب "بشير" رئيساً للجمهورية هذا العام مع تطوّرات جارفة، في الأمن والسياسة والإقليم. رُميت الى الواجهة بلبلة التنسيق الرسمي بين لبنان وسوريا وتصدّرت كلمة "التطبيع" المشهد. تدافعت الإطلالات وتتالت إعلانات الإنتصارات إن من حدب الجيش أو من صوب "حزب الله". "بشّر" المدير العام للأمن العام الشعب اللبناني باستشهاد العسكريين المخطوفين لدى "داعش" قبل سنتين. عادت ماكينة التخوين إلى عملها بحق مسؤولين سابقين على خلفية مقولة "القرار". أوقف "حزب الله" "شعر" الحلفاء قبل الخصوم ببيان يعبّر فيه عن قلقه على مصير "الدواعش" المرحَّلين إلى دير الزور.. فصحّ به "آب اللهاب" عن جدارة.
إلى هنا، السياسة في لبنان ظروف. الميدان "يوم إلك ويوم عليك". الأسماء تتبدّل، ليس بسرعة الديموقراطية "المُفترضة"، لكنها تتبدّل.
في الأمس القريب، كان مؤسس وقائد "القوات اللبنانية" متحكماً بالأرض. يدعو ويحذّر وينبّه ويأمر ويمهل ويتوعّد على طريقته. يحيط نفسه بأشخاص يفهمونه و"يتفهمونه" من المقاتلين كما من أصحاب الحنكة. ينجح في فرض شروطه تارةً، ويمشي بين الألغام تارة أخرى. يتخذ قرارات "ليست الأفضل بالنسبة إليه" لكن الواقع "العسكري" يفرضها. يُراكم انتصارات ويستثمرها حيث يتطلع.. ويصل.
يقول قيادي عسكري سابق في "الكتائب" إنّ "الشيخ بشير فرض شخصيّته الثائرة على الشواذ في الداخل والمتمرّدة على الوصايات الآتية من الخارج، محتذياً بالجنرال الفرنسي شارل ديغول، وهو بذلك حاكى ذهنية الشارع ونال ثقة شريحة واسعة من الشباب في فترة قياسية، ومع ذلك لم يفكّر يوماً بالترشح إلى النيابة أو أن يشغل مقعداً وزارياً". والأهم بالنسبة إليه أنّه "لم يقلّد أحداً بل أتى بعده من يسعى لارتداء وجهه".
يتنهّد ولا يوافق على مقارنة البعض بين بشير وأمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله (كون الرجلان قادا ما سمّياه بـ"مقاومة")، فـ"خيار السلاح في تلك المرحلة كان نتيجة الشعور بأن الحرب آتية لا محالة، وهذا ما حصل وليس تلاقياً مع امتداد لمشروع نفوذي في المنطقة".
وعما يحكى عن تشبيه الترسانة العسكرية لـ"حزب الله" بتلك التي امتلكتها "القوات اللبنانية"، يندفع "الشاف" إلى القول أنّه "لا يمكن قراءة هذا الموضوع من منظار واحد إذ بين الإثنين ثلاثين عاماً من التطوّر السريع في الأسلحة والعتاد لكن من الجدير الذكر أنّ "القوات" شكّلت القوّة العسكرية الأولى في "المنطقة الشرقية" وتفوّقت على الجيوش المحيطة وحصدت انجازات أكبر من حجمها حيث واجهت الجيش السوري وما ارتبط به من حركات ومنظمات على جبهات عديدة. لم تخرج منها إلاّ منتصرة ما لاقى صدىً واسعاً على مستوى الشرق الأوسط".
ويحرص على التذكير بأنّ نصرالله اعترف "بالإسم والشعار"، أكثر من مرة، بمقولة "لبنان 10452 كلم مربع" ويجاهر بأنّه مقبل على "العودة" إلى مواقف أخرى.
يثير اهتمامك عندما ينحو بالحديث عن جمهور "حزب الله" ويفاجئك عندما يلحظ "تأثراً كبيراً لدى بيئة "الحزب" بأسلوب التعبئة التي انتهجتها "القوات" مع صعودها، إن عبر الأناشيد أو عناوين معيّنة. وإن كانوا شديدي التعارض مع خط بشير في مرحلة معيّنة إلاّ أنهم لا ينكرون إعجابهم بالـ"كاريزما" التي أصبحت "ماركة مسجّلة" في تاريخ الحكام".
الظروف لا تُقارَن ببعضها طبعاً. بدأنا بالسهل، بما أنّ "كل ما هو خلافي" صعب ومكلف في هذه الأيام.. بشير الجميّل في الجانب الآخر!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك