سلسلة هجمات في كابول تستهدف مراكز دبلوماسية ومواقع حكومي

شنت حركة طالبان الأفغانية، الأحد، هجمات عدة على 7 مواقع في أنحاء العاصمة كابول و3 في مدن شرقية أخرى، باستخدام فرق من المفجرين الانتحاريين والمسلحين الذين احتلوا المباني بعد ساعات من الانفجارات، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن اثنين من المهاجمين وجرح 5 أشخاص آخرين، حيث ظل القتال مستعرا لساعات، وذلك في إطار موجة من العمليات المتتالية على المراكز الدبلوماسية والحكومية في العاصمة الأفغانية، فيما أعلن المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، في رسالة نصية للصحافيين، مسؤولية الحركة عن الهجمات.

وأكد متحدث باسم حلف شمال الأطلسي، أن الهجمات النوعية وقعت في جميع أنحاء كابول، فيما يحتمل ألا يقل عن سبعة مواقع، وأن الهجمات بدأت في حوالي الساعة 1:35 واستمرت لحوالي ثلاث ساعات، فيما قالت الشرطة في كابول إن الهجمات تركزت في منطقتين، واحدة بالقرب من مدخل ميدان زانباك المؤدي إلى القصر الرئاسي، والثانية قرب مقر البرلمان.
وتم الإبلاغ عن إطلاق نار ووقوع انفجارات عدة، في المنطقة القريبة من السفارات الألمانية والبريطانية، ومعسكر كبير لقوات حلف شمال الأطلسي، التي تقع في مناطق عادة ما تخضع لحراسة مشددة في المدينة، وبعد ساعات اندلعت نيران أسلحة صغيرة بشكل مستمر هناك مرة أخرى، مما يشير إلى أن المهاجمين كانوا لا يزالون يحتفظون بالمواقع التي احتلوها، وسقطت أيضًا صواريخ بالقرب من السفارات البريطانية والكندية ومكتب البنك الدولي.
وقال شهود عيان، إن الشرطة في وزير أكبر خان "الحي السكني الراقي"، هرعت إلى جوار سوبر ماركت يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من الطريق المؤدي إلى السفارة الألمانية ومعسكر حلف شمال الأطلسي "إيغرز"، الذي يضم العديد من كبار المسؤولين العاملين في المهام التدريبية، كما سُمع دوي صفارات الإنذار في السفارات المجاورة، وجرى تحذير الناس ومطالبتهم "باتخاذ سواتر والابتعاد عن النوافذ"، ومع كل انفجار، كانت نوافذ المنازل المجاورة تهتز، كما تصاعد الدخان من بعض المباني، من مكان يبدو أنه السفارة الألمانية.
وذكر قائد الشرطة في ننغهار، الواقعة في جلال أباد شرق أفغانستان، أن مسلحين يحملون أحزمة ناسفة أطلقوا الرصاص داخل مقر فيلق الجيش الوطني الأفغاني، الواقع بالقرب من المطار، فيما أفاد مسؤولون في ولاية لوغار شرق كابول، بأن أربعة انتحاريين دخلوا مبنى وزارة التعدين، في حين احتل اثنين آخرين مبنى آخر في محاولة لاستهداف مكتب المحافظ والمديرية الوطنية لمكتب الأمن في إدارة الاستخبارات الأفغانية، المجاورين.
كما أعلنت الشرطة الأفغانية، الأحد، أن "انتحاريين تسببا في إصابة عدد كبير من الأشخاص بجروح، عندما فجرا نفسيهما خلال هجوم على مطار جلال أباد، الذي يعد قاعدة مهمة لحلف شمال الأطلسي في المدينة الواقعة شرق أفغانستان"، وتزامن الهجوم على جلال أباد مع هجمات في كابول والجنوب.
وأوضح قائد شرطة المطار، جهانغير عظيمي، في تصريح له، أن "أربعة انتحاريين مزودين بعبوات ناسفة، أوقفوا عند مدخل المطار، وأن اثنين منهم تمكنا من تفجير أنفسهما، بينما أُصيب الاثنان الآخران بجروح واعتقلا".
من جهة أخرى، شن عدد من مسلحي طالبان هجومًا على مركز للشرطة في مدينة غارديز، شرق أفغانستان التي تشهد عاصمتها إطلاق نار وانفجارات.
وقال الناطق باسم حكومة الولاية روح الله سمعون، إن "عددًا غير محدد من مسلحي الحركة، يرتدون سترات ناسفة احتلوا مبنى يطل على مركز لتدريب الشرطة، وأطلقوا النار من رشاشاتهم، مما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص من بينهم طالبان في جامعة قريبة، ومدنيان في حين لا يزال إطلاق النار مستمرًا".
من جانبه، أعلن المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد، في رسالة نصية للصحافيين، مسؤولية الحركة عن الهجمات، وقال في بيان عبر البريد الإلكتروني، إن "عشرات المهاجمين الانتحاريين كانوا ينفذون هجمات في العاصمة وغيرها من المقاطعات ـ باكتيا ولوغار ونانغارهار، إنهم يستولون الآن على البرلمان، والسفارة الأميركية وجميع المباني الدبلوماسية"، مضيفًا إن "الهجمات كانت تستهدف مقرات حلف الأطلنطي والسفارتين البريطانية والألمانية ومبنى البرلمان الأفغاني وفنادق سيرينا وكابول ستار ومواقع بطول طريق دارولامان، حيث تقع السفارة الروسية، وفي الوقت نفسه شن مقاتلو طالبان اعتداءات على منشآت لحلف شمال الأطلنطي ومنشآت أفغانية في ننغارهار ولوغار باكتيا"، مشيرًا إلى أن "في كل هذه الهجمات، تجهز عشرات المقاتلين المجاهدين بألسحة خفيفة وثقيلة ومتفجرات انتحارية وصواريخ (آر بي جي)، ورشاشات ثقيلة وقنابل يدوية لمهاجمة أهدافهم، وأن المجموعة خططت للاعتداء منذ شهرين لإظهار مدى قوتهم، بعدما وصفوا بأنهم ضعفاء من قبل الناتو"، وتابع "نحن أقوياء ويمكننا الهجوم في أي مكان نريده، والهجوم يأتي قبل هجوم الربيع للتمرد، الذي سيعلن عنه قريبًا".
وأضاف مجاهد "هذه الهجمات هي بداية هجوم الربيع، وقد خططنا لها لأشهر، وتأتي الهجمات ردًا على حرق مصاحف في قاعدة تابعة لحلف شمال الأطلسي، ومقتل 17 مدنيًا أفغانيًا اتهم جندي أميركي بإطلاق النار عليهم، وكذلك ردًا على مقطع مصور ظهر فيه جنود من مشاة البحرية الأميركية يتبولون على جثث مقاتلين من طالبان".
من جانبه، قال نائب محافظ باكتيا عبد الرحمن مانجال، إن "ثلاثة مسلحين يرتدون أحزمة ناسفة اقتحموا المبنى المقابل لمركز تدريب الشرطة في غارديز، أحد أحياء المحافظة، وقاموا بإطلاق النار في الأكاديمية من أسلحة خفيفة وثقيلة، وهو ما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص على الأقل.
وبدأ الهجوم في كابول بعد ظهر الأحد بانفجارات في المنطقة المركزية من وزير أكبر خان، حيث قاعدة لحلف شمال الأطلنطي وعدد من السفارات، بما في ذلك سفارة أمريكا، واندلع إطلاق النار عقب الانفجارات مباشرة، مما أجبر الناس على التدافع في الشارع من أجل الاختباء، حيث هز ما يزيد على 10 انفجارات المدينة، وتردد إطلاق نار كثيف عبر أسطح المنازل لعدة ساعات، فيما ارتفعت ألسنة الدخان في الأفق ودوت صافرات الإنذار.
وقالت السفارة الأميركية في بيان، إنه "كانت هناك هجمات بالقرب من السفارة"، وفيما أفادت وزارة الخارجية الألمانية بأنه "كانت هناك بعض الخسائر في أرضية السفارة، لكن يبدو أن أحدًا لم يتأذى"، ذكر مراسل وكالة الاسوشيتد برس في موقع الحادث، أن "مسلحين يتحصنون بمبنى مرتفع لا زال قيد الإنشاء، كان يطلقون الصواريخ في اتجاهات مختلفة، ولم يتضح على الفور ماذا كانوا يستهدفون، لكن يبدو أن طلقات النار كانت تركز على قرب السفارة البريطانية، ولم تتمكن وزارة الخارجية البريطانية من تقديم تفاصيل حول الهجوم".
وقالت متحدثة رفضت ذكر اسمها، تمشيا مع سياسة الحكومة، "يمكن أن نؤكد أن هناك حادثا مستمرا في المنطقة الدبلوماسية في كابول، ونحن في اتصال عن قرب مع طاقم السفارة"، فيما أفاد سكان في جميع أنحاء المدينة بانفجار قرب البرلمان، فيما استولى المسلحون على مبنى قريب وأطلقوا النيران.
وقال محمد نهيم لالاي حميدزاي، نائب من قندهار، "أطلقت ما بين 400 إلى 500 طلقة من الكلاشينكوف الخاص بي على المهاجمين، وقاموا هم بإطلاق قذيفيتن صاروخيتين على البرلمان، وكان القتال حول البرلمان والسفارة الروسية ومنزل نائب الرئيس محمد كريم".
كما أطلق المسلحون قذائف مورتر على قواعد عسكرية دولية في طريق جلال آباد على مشارف كابول، فيما تعرضت قاعدة يونانية تركية مشتركة لإطلاق نار كثيف، وكانت القوات ترد بمدافع رشاشة ثقيلة، وقال ضابط في الشرطة، إن مهاجمًا انتحاريًا احتل مبنى بالقرب من القواعد، وكان يطلق النار على مركز كابول للتدريب العسكري، فيما أفاد رئيس مستشفيات المدينة، كبير أمير، بأن 5 أشخاص على الأقل جرحوا في العنف في أنحاء كابول.
وفي جلال آباد عاصمة نانغارهار، شن مسلحون هجمات منفصلة على مطار عسكري تستخدمه قوات الناتو والقوات الأفغانية، فضلاً عن قاعدة صغيرة للناتو مجاورة، وقال نائب رئيس شرطة المدينة أمير خان ليوال، إن "قوات الناتو قتلت 3 مهاجمين كانوا يرتدون أحزمة ناسفة، حاولوا اقتحام مدخل المطار، وأن أحد المسلحين قد فر".
وقالت وزارة الداخلية الأفغانية، إن "المعلومات المبدئية بشأن موجة الهجمات في أنحاء البلاد، تشير إلى مشاركة شبكة حقاني المتحالفة مع طالبان، وأحد أخطر الجماعات المسلحة التي تقاتل القوات التي تقودها الولايات المتحدة في أفغانستان"، واذا صحت الأنباء بشأن مشاركة شبكة حقاني فمن شأن ذلك ان يزيد من التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية الافغانية صديق صديقي "ما زال الوقت مبكرًا جدًا للقول بذلك، لكن النتائج الأولية تظهر تورط شبكة حقاني."، مضيفًا أن "مهاجمين انتحاريين قتلا، أحدهما كان يطلق النار من مبنى تحت الإنشاء خلف فندق كابول ستار، والآخر في القتال قرب البرلمان، وفي لوغار لا زال الهجوم مستمرًا والمنطقة محاطة بالشرطة، وفي باكتيا المنطقة محاطة بالشرطة، لكن معركة بالبنادق مستمرة".
وحثت الولايات المتحدة، أكثر من مرة، الجيش الباكستاني على مطاردة شبكة حقاني، التي يعتقد أنها تتمركز في منطقة وزيرستان الشمالية على الحدود بين باكستان وأفغانستان، فيما أفاد الناتو بأنه على علم بالتقارير حول الانفجارات قرب منشأة للتحالف قرب جلال آباد، لكنه لم يتمكن من تقديم تفاصيل حول الانفجار.
وكان آخر هجوم كبير على منشأة دبلوماسية في كابول، من قبل مفجرين انتحاريين، قد وقع على السفارة الأميركية واستمر لمدة 19 ساعة في أيلول/سبتمبر، وألقى باللوم في هذا الحادث على شبكة حقاني، وحملت هجمات الأحد العديد من السمات المميزة لتلك الحادثة، بما في ذلك فرق المهاجمين التي قامت بالاستيلاء على المباني، وخلق ظروف حصار في بعض أكثر الأحياء أمانًا في العاصمة، وأظهرت تصميم طالبان على التوجه إلى فصل القتال الربيعي، عندما يأتي الطقس الدافيء بشكل نموذجي بهجمات متزايدة، وأكد حجم ومجال العنف كفاح القوات الأفغانية أيضًا لحماية قلب السلطة الوطنية، بينما تسرع القوات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة من نقل مسئولية الأمن قبيل نهاية مهمة الناتو في العام 2014.