اقتلاعهم واجب مقدس والسكوت عنهم عين الجريمة
15 Jul 202109:00 AM
اقتلاعهم واجب مقدس والسكوت عنهم عين الجريمة

كتب المهندس هادي كساب إسماعيل:


لو أُتيحت الفرصة للشعب اللبناني بأن يُحاسب مسؤُوليه بعيدًا من الإغراءات المادية أوالعصبيات الطائفية لحُكم على الطبقة السياسية مجتمعةً بالشنق حتى الموت وإزالتها من ذاكرة لبنان التاريخية جراء ما اقترفته من إجرامٍ سياسي وحرمان إجتماعي بحق اللبنانيين الذين يُصارعون الخناق المعيشي على حافة الإنهيار الأسود ويطرقون أبواب الهجرة هرباً من فراعنة السلطة الذين يرون في أنفسهم رموزًا وطنية. 


لم تخجل الأحزاب الحاكمة من النفاق الخطابي الذي اعتمدته كنهج لها في سياسة التسلق على أكتاف اللبنانيين طيلة العقود التي مرت على تزعمها حكم الطوائف، حيث لم تسعَ يومًا إلى تحقيق أي بند إصلاحي يُعطي الأمل بمستقبل واعد، علما بأن الثقة العمياء التي مُنحت من قبل القاعدة الشعبية قد تعدت المُهل القانونية وانحرفت عن الحدود الأخلاقية.
فالأزمة التي يمر بها لبنان لم تعد تحتمل إستعراض المواهب داخل الصرح البرلماني أو الوزراي أو حتى الجمهوري وقد خرجت عن سيطرة جميع القوى السياسية الحاكمة، حيث باتت تحت رحمة العناية الإلهية بعدما ثبت بالأدلة الواضحة تخاذل السلطة عن إيجاد الحلول وتآمرها على لقمة عيش ومستقبل الشعب اللبناني الذي هو حق مشروع وأقل الواجبات التي يجب تأمينها لمواطن يصر على التمسك بتراب أرضه رغم ضحالة حكامه الذين نقضوا العهد والميثاق وتخلوا عن مسؤولياتهم الإنسانية وواجباتهم الوطنية.
فبدلاً من إعطاء الجرعة الكافية التي يحتاجها لبنان من أجل تخفيف الأعباء عنه، تُكمل سياسة الإحتكار هيمنتها وهجمتها الشرسة على ما تبقى من الشعب اللبناني من طاقة شبه معدومة من دون رأفة أو رحمة مجتازةً كافة الوسائل الحياتية من غذاء ودواء ووقود بات أوكسيجين اللبنانيين في طوابير الذل والمهزلة.
رغم كل المخاطر المُحدقة لم بحرك رجال الدين ساكنًا في مُكافحة الأزمة إلا الأقلية القليلة منهم، تحارب بالكلمة وتُتهم بالعمالة، بينما يقف معظمهم متفرجًا على حال اللبنانيين، ُشاركونهم المحنة بالتضامن على المنابر في المساجد والكنائس وكأن المسألة لا تعنيهم وقد تناسوا بأنهم المؤتمنين على إحقاق الحق إذا ما اشتدت المحن، حيث لم يبذلوا قصارى جهدهم في تقديم أي خطوات فعلية تكبح شبح الغلاء المعيشي الذي أصبح يشكل خطرًا كبيرًا على سلوكيات المجتمع اللبناني إذا ما استمر الوضع سوءاً على هذه الحال حيث ستزداد نسبة الإنحراف الإجتماعي الذي بات مرهونًا بلقمة العيش الذليلة.

 

ما يحصل اليوم ليس حدثًا من أحداث لبنان العابرة بل هو قتل جيلٍ بأكمله يُقبل على الحياة من دون مقومات يعتمد عليها في بناء مستقبله، حيث أصبحت أحلام الشباب اللبناني لا تتعدى حدود محطات الوقود والمحال الغذائية والصيدليات بعدما كانت تطلعاته تلامس السحاب والنجوم.
إن الثقة تُمنح لمن هم أهلًا لها في المواقع وصنع القرار. أولئك الذين يُقدرون قيمتها ويبادلونها بالوفاء والبناء أما في وطني فقد أُعطيت الثقة إلى من سلبوا خيرات الوطن بالهيمنة والتسلط، وانشغلوا بالعنتريات التي تطفو جذورها على سطح المياه، فأغرقوا الوطن وحوّلوا شعبه إلى جياع. 
إن اقتلاعهم واجب مقدس والسكوت عنهم عين الجريمة.