فالنتينا سمعان
أخبار اليوم
كتبت فالنتينا سمعان في "أخبار اليوم":
لا تزال صورة المواطن علي الهق في شارع الحمرا في ذاكرة اللّبنانيين، حين قرّر أن ينهي حياته بطلق ناري في رأسه، كاتبًا على سجله العدلي الذي يثبت أنّه "غير محكوم عليه" عبارة "أنا مش كافر".
الحادثة تزامنت مع حادثة انتحار أخرى للمواطن سامر حلبي الذي وجد مشنوقًا في منزله، ومنذ ذلك اليوم توالت حوادث الانتحار، وعادت نسبتها إلى الارتفاع بحسب ما نشرت "الدولية للمعلومات"(تراجع الانتحار في النصف الأول من سنة 2020، بينما شهدت ارتفاعًا في النصف الثاني).
ضحايا كثر قرّروا اللجوء إلى الانتحار هربًا من سبب لا يعيه إلا هم أنفسهم، فكان بلال ابراهيم، عبد الملك مطر، شربل فرح وإيلي عازرية من بينهم.
ولكن مهما كانت الأسباب، فهي تندرج إمّا في الإطار النفسي أو الاجتماعي أو كليهما، بحسب المعالجة النفسية آيفي كرم، التي أكّدت أن التوجه نحو هذا الفعل يكون مصطحبًا بهيكلية قابلة للتوجه إليه، كأن يكون لدى الفرد نسبة قلق عالية، "ثنائية القطب"، ضغوط، "سيزوفرينيا"...
ولفتت كرم في حديث إلى وكالة "أخبار اليوم"، إلى أنّ هذه الأمراض تكون "مختبئة وصامتة"، وفي حال وجودها وعدم معالجتها بطريقة صحيحة ممكن أن تؤدي إلى الانتحار، كذلك يسهل تدخّل أي عامل اجتماعي خارجي للإقدام على هذه الخطوة.
وأضافت: "في لبنان، نعيش تجربة مؤلمة كل يوم، بإمكانها أن تدفع الأفراد الذين لديهم استعداد لهذه الخطوة للقيام بها، إضافة إلى "الحروب والانفجارات" التي عايشها اللبناني التي تكمن في لاوعيه وتعوّده على التقارب النفسي والعقلي من فكرة "الموت" وبالتالي وجود الانتحار كحلّ مناسب لإنهاء الحياة بشكل إرادي".
وبما أنّ زيارة الطبيب النفسي أو استشارة المعالج النفسي لا تزال من "التابو" في المجتمع اللبناني، وتندرج تحت مفهوم "العيب"، لا بدّ من حملات توعية للحدّ من هذه الظاهرة.
في هذا الإطار، تعدّد كرم بعض العلامات التي تشير إلى وجود "أمراض نفسية" تستدعي زيارة طبيب أو معالج نفسي، وهنا تفرّق بين الإثنين قائلة: "المعالج النفسي الذي يتابع دون أدوية بإمكانه تحديد ما إذا كان بالإمكان السيطرة على الحالة دون إحالتها لطبيب لمعالجتها من خلال الأدوية ويمكن في حالات متقدمة من المرض التعاون بين الطرفين".
ومن العلامات التي تشير إلى ضرورة استشارة نفسيّة: ابتعاد الفرد عن عائلته وعدم التواصل معها، اعتماد النظرة التشاؤميّة الدائمة في كلامه مع بروز علامات الحزن، عدم اهتمامه بالأنشطة الترفيهية أو الرياضية التي كان يمارسها، التغييرات الجسديّة المفاجئة والواضحة (نقص أو زيادة في الوزن)، استخدام كلمة "الموت" في أي حديث له واللجوء إلى "التقسيم" في المشاريع المستقبلية دون شمله بها، النوم المفرط أو عدم النوم بشكل سليم، عدم الإهتمام بالنظافة الشخصية...
وعزت كرم ارتفاع نسبة الانتحار في لبنان إلى عدم الوعي بالوجع النفسي للفرد، وما يتبعها من كلمات "مجنون" "حرام"... موضّحةً أنّ المرض النفسي كالجسدي يجب أن تتمّ معالجته ولا يمكن الاستخفاف به، لأنّه لا يزول، بل يخمد ويعاود الظهور بشكل أقوى.
وعن التأثر بحوادث الانتحار وربط الفرد هويته "المنتحرة" بهويات شخصيات معروفة أو نالت "شهرة" من خلال الإقدام على هذه الخطوة، أو تصويره "بالبطل الجريء" اعتبرت كرم أنّه بالإمكان أن تكون كذلك، لكنّها تميل أكثر لاعتبار الأزمات المتراكمة التي يعيشها اللّبناني هي السبب وراء ارتفاع نسبة الانتحار.
وعن دور مواقع التواصل الإجتماعي في إطلاق الأحكام على الآخرين، شدّدت كرم على أنّ "ما يمرّ به اللّبنانيون من أحداث مؤلمة يصعب على العقل البشري أن يتحمّلها، ورغم ذلك يحاول اللبناني أن يتعاطى معها بمرونة لتخطيها، كلّ بأسلوبه وطريقته"، مطالبةً باحترام آراء كل الناس حتى لو رغبوا بمشاركة ما يقومون به من نشاطات في ظلّ الأزمات، فمواقع التواصل ليست فقط "أوراق نعوة"، بل هي دليل على أنّ هناك وجه جميل للحياة لا يمكن تخطّيه بالرغم من جو الحزن العام، ويجب احترام هذه الطريقة في محاربة الحزن والألم".
وختمت بالقول: "مساعدة الآخر تكمن في احترام آرائه ومشاعره، لا في إطلاق الأحكام عليه".
لا تزال صورة المواطن علي الهق في شارع الحمرا في ذاكرة اللّبنانيين، حين قرّر أن ينهي حياته بطلق ناري في رأسه، كاتبًا على سجله العدلي الذي يثبت أنّه "غير محكوم عليه" عبارة "أنا مش كافر".
الحادثة تزامنت مع حادثة انتحار أخرى للمواطن سامر حلبي الذي وجد مشنوقًا في منزله، ومنذ ذلك اليوم توالت حوادث الانتحار، وعادت نسبتها إلى الارتفاع بحسب ما نشرت "الدولية للمعلومات"(تراجع الانتحار في النصف الأول من سنة 2020، بينما شهدت ارتفاعًا في النصف الثاني).
ضحايا كثر قرّروا اللجوء إلى الانتحار هربًا من سبب لا يعيه إلا هم أنفسهم، فكان بلال ابراهيم، عبد الملك مطر، شربل فرح وإيلي عازرية من بينهم.
ولكن مهما كانت الأسباب، فهي تندرج إمّا في الإطار النفسي أو الاجتماعي أو كليهما، بحسب المعالجة النفسية آيفي كرم، التي أكّدت أن التوجه نحو هذا الفعل يكون مصطحبًا بهيكلية قابلة للتوجه إليه، كأن يكون لدى الفرد نسبة قلق عالية، "ثنائية القطب"، ضغوط، "سيزوفرينيا"...
ولفتت كرم في حديث إلى وكالة "أخبار اليوم"، إلى أنّ هذه الأمراض تكون "مختبئة وصامتة"، وفي حال وجودها وعدم معالجتها بطريقة صحيحة ممكن أن تؤدي إلى الانتحار، كذلك يسهل تدخّل أي عامل اجتماعي خارجي للإقدام على هذه الخطوة.
وأضافت: "في لبنان، نعيش تجربة مؤلمة كل يوم، بإمكانها أن تدفع الأفراد الذين لديهم استعداد لهذه الخطوة للقيام بها، إضافة إلى "الحروب والانفجارات" التي عايشها اللبناني التي تكمن في لاوعيه وتعوّده على التقارب النفسي والعقلي من فكرة "الموت" وبالتالي وجود الانتحار كحلّ مناسب لإنهاء الحياة بشكل إرادي".
وبما أنّ زيارة الطبيب النفسي أو استشارة المعالج النفسي لا تزال من "التابو" في المجتمع اللبناني، وتندرج تحت مفهوم "العيب"، لا بدّ من حملات توعية للحدّ من هذه الظاهرة.
في هذا الإطار، تعدّد كرم بعض العلامات التي تشير إلى وجود "أمراض نفسية" تستدعي زيارة طبيب أو معالج نفسي، وهنا تفرّق بين الإثنين قائلة: "المعالج النفسي الذي يتابع دون أدوية بإمكانه تحديد ما إذا كان بالإمكان السيطرة على الحالة دون إحالتها لطبيب لمعالجتها من خلال الأدوية ويمكن في حالات متقدمة من المرض التعاون بين الطرفين".
ومن العلامات التي تشير إلى ضرورة استشارة نفسيّة: ابتعاد الفرد عن عائلته وعدم التواصل معها، اعتماد النظرة التشاؤميّة الدائمة في كلامه مع بروز علامات الحزن، عدم اهتمامه بالأنشطة الترفيهية أو الرياضية التي كان يمارسها، التغييرات الجسديّة المفاجئة والواضحة (نقص أو زيادة في الوزن)، استخدام كلمة "الموت" في أي حديث له واللجوء إلى "التقسيم" في المشاريع المستقبلية دون شمله بها، النوم المفرط أو عدم النوم بشكل سليم، عدم الإهتمام بالنظافة الشخصية...
وعزت كرم ارتفاع نسبة الانتحار في لبنان إلى عدم الوعي بالوجع النفسي للفرد، وما يتبعها من كلمات "مجنون" "حرام"... موضّحةً أنّ المرض النفسي كالجسدي يجب أن تتمّ معالجته ولا يمكن الاستخفاف به، لأنّه لا يزول، بل يخمد ويعاود الظهور بشكل أقوى.
وعن التأثر بحوادث الانتحار وربط الفرد هويته "المنتحرة" بهويات شخصيات معروفة أو نالت "شهرة" من خلال الإقدام على هذه الخطوة، أو تصويره "بالبطل الجريء" اعتبرت كرم أنّه بالإمكان أن تكون كذلك، لكنّها تميل أكثر لاعتبار الأزمات المتراكمة التي يعيشها اللّبناني هي السبب وراء ارتفاع نسبة الانتحار.
وعن دور مواقع التواصل الإجتماعي في إطلاق الأحكام على الآخرين، شدّدت كرم على أنّ "ما يمرّ به اللّبنانيون من أحداث مؤلمة يصعب على العقل البشري أن يتحمّلها، ورغم ذلك يحاول اللبناني أن يتعاطى معها بمرونة لتخطيها، كلّ بأسلوبه وطريقته"، مطالبةً باحترام آراء كل الناس حتى لو رغبوا بمشاركة ما يقومون به من نشاطات في ظلّ الأزمات، فمواقع التواصل ليست فقط "أوراق نعوة"، بل هي دليل على أنّ هناك وجه جميل للحياة لا يمكن تخطّيه بالرغم من جو الحزن العام، ويجب احترام هذه الطريقة في محاربة الحزن والألم".
وختمت بالقول: "مساعدة الآخر تكمن في احترام آرائه ومشاعره، لا في إطلاق الأحكام عليه".