إليز مرهج
Mtv.com.lb
بات لدى المسيحيين ما يكفي من الوعي بعد التجارب التي مروا بها، كي يميزوا بين الخطأ والصح، بين الصدق والنفاق، وليدركوا جيدا أن الانتخابات النيابية المقبلة هي الخلاص الوحيد لم شهدته الساحة اللبنانية منذ العام 1990 ولغاية اليوم من تهميش لهذه الطائفة...
تهميش لحقوق أبنائها على كافة الاصعدة الاجتماعية، الادارية، السياسية، والوظيفية وصولا الى الحد من صلاحية رئاسة الجمهورية فقط لأنها من حصة الطائفة المارونية بالذات، ويكفي ما يعانيه رئيس البلاد من بعض المتطاولين على صلاحياته الدستورية.
لا يخفى على أحد أن الهدف الاول من وضع قانون انتخابات جديد هو تصويب عملية تنفيذ اتفاق الطائف الذي كرس حرفيا "حق المناصفة الفعلية بين المسلمين والمسيحيين بغض النظر عن العدد" هذا الاتفاق الذي خرج فعليا عن مساره وروحيته مما ادى الى تهميش الدور المسيحي.
مما لا شك فيه، أن القانون الانتخابي الجديد عليه أن يراعي الخصوصية المسيحية بالدرجة الاولى ويعالج هذا التهميش لهذه الطائفة من دون منة أو استجداء من أحد، لكن محاولة اظهار ان المشكلة التي تعترض إمكانية اقرار قانون جديد للانتخابات هي مشكلة مسيحية أمر غير صحيح، بحيث أن إلقاء الكرة في ملعب المسيحيين هدفه إحراجهم، فعندما تعلن القيادات الاسلامية السنية والشيعية أنها مع أي قانون يتفق ويجمع عليه المسيحيون يكون هذا اعلانا ايجابيا في الظاهر، ولكن في باطنه ينطوي على "الخبث والنفاق السياسي" بهدف زيادة الانقسامات داخل الطائفة الواحدة وجعل أي اتفاق مسيحي بشأن قانون الانتخاب متعذرا.
والشروط التعجيزية التي يفرضها المسلمون هي بغير محلها لأن الاجماع المسيحي لا يمكن أن يتحقق بكامله.
فالاجماع قتل للديمقراطية التي تقول بتعداد الآراء وهذا مفهوم الحياة السياسية الديمقراطية في الدول الراقية.
على المسلمين أن لا يضعوا الكرة في ملعب المسيحيين وهم يعرفون بالعمق مدى تأثير السلاح والمال والضغوطات الخارجية التي تمارس وقد شهدنا أخيرا كيف ان الايرانيين أرادوا توجيه رسالة الى اسرائيل بواسطة فريق لبناني أخذ على عاتقه هذه المهمة ولعله لم يدرك مدى الخطورة في ذلك.
وخلاصة القول، بعد الذي يجري على الساحة اللبنانية، على المسيحيين أن لا يكونوا وقودا تشتعل لإنارة الآخرين وإحراق أنفسهم، فما عليهم سوى الاتحاد وترك الماضي وعدم نبش القبور ووضع استراتيجية مسيحية قائمة على النقاش مع الآخرين من الند الى الند وعقد اتفاقية أخلاقية قائمة على التسامح والارتفاع إلى المسيحية الصادقة وإلا صحّ بالمسيحيين قول غاندي:
"خذوا مسيحيتكم وأعطوني مسيحكم".