مارون ناصيف
Tayyar.org
أبعد من لقاء المصارحة الذي جمع في بكفيا منسق الأمانة العامة في قوى الرابع عشر من آذار النائب السابق فارس سعيد بالنائب الكتابي سامي الجميل، فالرئيس أمين الجميل،هناك تباعد بين مواقف الطرفين السياسية والمسألة ليست تقنية وتنظيمية كما يحاول البعض أن يصورها. فليس من الصعب أبداً على من يراقب حركة حزب الكتائب ومواقفه خلال السنوات القليلة الماضية، أن يلاحظ أمراً ما يحصل بينه وبين حلفائه، وأن يلمس أن حزب "الله - الوطن - العائلة" تخطى عملياً حدود قناعته القائلة إن "14 آذار ليست حزباً واحداً بل هي مجموعة أحزاب تلتقي على مجموعة من الثوابت والقِيَم إلا أنّ لكلّ منها أفكارها ومعتقداتها الخاصة".
من الحوار الوطني ينطلق المراقبون للدلالة على التباعد بين الكتائب وقوى 14 آذار، ففي الوقت الذي وصفت فيه هذه القوى الحوار بـ"مضيعة الوقت" اعلن الكتائبيون مشاركتهم بطاولة الحوار التي دعا اليها رئيس الجمهورية ميشال سليمان معتبرين أنها "ضرورة وطنية"، بل إنّ مقاطعتها تكاد ترقى لمستوى "الجرم" وربما "الخيانة العظمى".
التباعد الكتائبي لا يتوقف عند حدود الحوار بحسب المراقبين بل يتخطاه ليطاول أكثر من مناسبة وفي ظروف مختلفة.
أولاً - وجد حزب الكتائب نفسه وحيداً في جلسات مجلس النواب حين تمسّك نائبه سامي الجميّل بمطلب "طرح الثقة" بالحكومة الميقاتية في أمر بدا أنه لم يُنسّق مع "الحلفاء المفترضين" الذين لم يستطيعوا إخفاء "امتعاضهم" من ذلك للوهلة الأولى، فلم يتردّدوا في انتقاد الجميّل الإبن على ما اعتبروه "هديّة مجانية" قدّمها لحكومة، هي برأيهم "ساقطة"، عبر منحها "ثقة متجدّدة"، دون أن يتجاوب حتى مع محاولة "تطيير النصاب" التي لجأوا إليها.
ثانياً - يعود المراقبون في حديثهم عن التباعد الكتائبي - الآذاري الى الحملة التي شنها تيار المستقبل ضد المؤسسة العسكرية في ضوء حادثة الكويخات يومها جرّم "الحلفاء" الجيش البطل وإتّهموه بالإغتيال مطالبين بإحالة ما اعتبروها "جريمة" على المجلس العدلي، في الوقت الذي كان حزب الكتائب يحيّد نفسه عن هذه الحملة ويعتبر أنّ " الجيش خطّ أحمر لا يجوز التعامل معه بهذه الطريقة ".
ثالثا - ما من أحد نسي كيف شارك رئيس الكتائب أمين الجميل في المفاوضات التي سبقت تشكيل الحكومة الحالية، فيما كان حلفاؤه "المفترضون" يعلنون صراحةً أنّ مشاركتهم في الحكومة هي من "سابع المستحيلات"، حتى أنهم اضطروا لـ"إحراج وإخراج" الكتائبيين من المفاوضات عبر تفويض غيرهم لتمثيلهم في المفاوضات.
ثالثاً - النظرة إلى الأحداث السورية، لم تكن بعيدة عن هذا التباعد، ففيما تبنى "الحلفاء" الحراك السوري أو "ثورة الأشقاء" حتى أنّ بعضهم يفاخر بكونه "جزءاً" من هذه الثورة، أصرّ "الكتائبيون" في مرحلة معينة على تطبيق مبدأ "الحياد" أو "النأي بالنفس" على الطريقة اللبنانية، منعاً لنقل الأزمة إلى الداخل اللبناني.
رابعاً - جاء الموقف الكتائبي بمثابة مفاجأة من طرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عقد مؤتمر وطني تأسيسي تحت عنوان بناء الدولة، إذ سارعت مصادر قوى الرابع عشرمن آذار لاعتباره "انقلاباً على الطائف"، بينما تبناه النائب سامي الجميل على أنه "طرحه في الأساس".
خامساً - شنت قوى الرابع عشر من آذار أعنف الحملات على البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي بينما نأت الكتائب بنفسها عن هذه الحملات لا بل وضعت نفسها في موقع المدافعين عن البطريرك.
سادسا - وهل نسي الرأي العام كيف إتفق تيار المستقبل مع القوات ضد الكتائب خلال توزيع الحصص الوزارية في حكومة الرئيس سعد الحريري وماذا كان الرد الكتائبي في حينها؟
ولكن على رغم كل ذلك، لم يصل حزب الكتائب بعد الى حدود الطلاق السياسي مع القوى الآذارية لا يعود في كل مرة الى كنف التحالف وكأن حساباته الضيقة مع القوات اللبنانية، تجعله خائفاً من أن تسحب منه الأخيرة بعضاً من قاعدته الشعبية فيما لو إنتقل من ضفة الى أخرى.