الحكومة الحيادية مصلحة وطنية
الحكومة الحيادية مصلحة وطنية

غسان حجار

النهار

لا أنطلق من مطالبة قوى 14 آذار بحكومة حيادية، أو نكاية بقوى 8 آذار التي ترفض الاقتراح شكلاً ومضموناً، وتطالب بحكومة وحدة وطنية، لا محبة بالوحدة المزعومة، بل لوضع العصي في الدواليب، ولإحراج الأولى في مطلبها، واظهارها كمن يرفض الوحدة الوطنية.
المشكلة واضحة جدا. ثمة انقسام عمودي وأفقي في البلاد، خصوصاً حيال الملف السوري، أي الأزمة التي صارت ملفاً في ادارات الدول والأمم وتفاوضها في ما بينها لتقاسم الخيرات والمصالح، تماماً كما كان لبنان لخمس عشرة سنة مضت قبل عام 1990.
ثمة انقسام واضح، وثمة افتراق أوضح. ولم تجد قيادات قوى 14 آذار امامها الا رفض الرضوخ لواقع الأمر الذي يغتالون فيه، ويُهدَّدون، ثم يراد لهم ان يمضوا في جنازاتهم صامتين، وان لا يتهموا سوى اسرائيل "حليفتهم"، وفق تصنيف 8 آذار لهم.
وبدا واضحاً ان كلام السيد حسن نصرالله أراد تأكيد هذا الافتراق وتثبيته، لأن أي تفاوض أو حوار يجب ان يقود الى الاتفاق على حكومة جديدة، وهذا غير مربح لمكونات الحكومة الحالية ولحلفاء سوريا في لبنان.
لذا تبرز الحاجة لا الى حكومة وحدة في زمن احتدام الصراع بل الى حكومة حيادية لأسباب عدة:
1- ان حكومة حيادية لا تفرض لقاء مباشراً بين "زعماء" أو من يمثلهم يرفضون الجلوس معاً حول طاولة الحوار، وتوفر عليهم بالتالي المواجهة.
2- ان حكومة حيادية تبعد المحاور المتوترة عن جلسات الحكومة، اذ حتى مشاركة الأقطاب فيها يمكن ان تفجرها في ظل شبح الانقسام المسيطر، وهذا ما يمنع انتاجها.
3- ان حكومة حيادية يمكن ان تمضي بمشروع قانون للانتخابات النيابية أسرع من حكومة متعثرة في معظم خطواتها.
4- ان حكومة حيادية من غير المرشحين، تعطي ثقة ودفعاً كبيرين للعملية الانتخابية في الداخل أو تجاه الرأي العام الدولي.
5- ان حكومة حيادية لا تؤيد نظام بشار الأسد، ولا تعاديه، يمكن ان تدفع بسياسة النأي بالنفس التي اعتمدتها الحكومة الحالية عنواناً من دون امكان تطبيقها.
6- ان حكومة حيادية ربما تعيد ترميم صورة لبنان أمام العالم بدل القائمة حالياً كحكومة تابعة للمحور السوري-الإيراني.
7- ان حكومة حيادية يمكن ان تحمل الدول الخليجية على اعادة النظر في قرارها منع رعاياها من المجيء الى لبنان، مما يعيد تحريك العجلة الاقتصادية.
لكل هذه الأسباب وغيرها، يصبح قيام حكومة حيادية حاجة ومصلحة للبلاد بعيداً من الحسابات الضيقة لقوى 8 و14 آذار معاً.