"نجمُ" العام 2025... من أنقذَ لبنان من السّقوط؟
29 Dec 202506:56 AM
"نجمُ" العام 2025... من أنقذَ لبنان من السّقوط؟
جيسيكا حبشي

جيسيكا حبشي

خاص موقع Mtv
 
لم تكُن سنة 2025 سنة التحوّلات الكبرى في لبنان، ولكنّها كانت سنة الصّمود ومنع الانزلاق الى "الأسوأ". ففي بلدٍ اعتاد أن تُصنع فيه النجوميّة السياسية بـ"البروباغندا" والخطابات الرنّانة لا النتائج، برزت خلال هذا العام مُقاربة مختلفة لمفهوم القيادة، أساسها التهدئة، الحكمة في اتخاذ القرارات، والعودة إلى منطق الدولة، ولو بشكلٍ تدريجيّ. من هنا، لم يلمع "نجم العام" بخطابٍ مرتفع السقف، ولا بإنجازات غيّرت مسار لبنان بشكلٍ إيجابي، بل بأداءٍ هادئ يعكس تحمّل مسؤولية المرحلة الدقيقة من تاريخ البلد.
 
رئيس التوازن وحماية الاستقرار
شكّل رئيس الجمهورية جوزاف عون خلال العام 2025 عُنصر توازنٍ في مرحلة شديدة الحساسيّة. لم يكن حضوره صداميّاً، بل اتّسم بالتركيز على دور الرئاسة كضامنٍ للاستقرار الدستوري والمؤسّساتي والأمني. وفي ظلّ لحظات إقليميّة ضاغطة وتوتّرات داخلية في أكثر من محطّة، برز موقع رئاسة الجمهورية كمرجعيّة تهدف إلى تحييد لبنان عن الانزلاق إلى مواجهات وفتنٍ لا قدرة له على تحمّلها، أكان داخليّاً أم خارجيّاً.
تميّز أداء عون بإعادة الاعتبار إلى فكرة الدولة، لا عبر الشّعارات، بل من خلال دعم عمل المؤسّسات، والتأكيد على احترام الدستور، وإعطاء أولوية للاستقرار. وَصَف البعض هذه المقاربة بـ"البطيئة"، في وقتٍ اعتبر البعض الآخر أنها شكّلت شبكة أمان في عامٍ لم يكن يحتمل المغامرة بمصير الوطن وسلامة اللبنانييّن. لم يسعَ الرئيس عون إلى النجومية، ولكنّه فرض حضوره من خلال المسؤولية، مثبتاً أن القيادة الفعلية لا تحتاج إلى ضجيج كي تكون مؤثّرة.
 
"سلامٌ" وجرأة تحت سقف واحدٍ
في موازاة ذلك، حمل رئيس الحكومة نواف سلام إلى السراي الحكومي مقاربة مختلفة للعمل التنفيذي قائمة على القانون والمؤسسات، لا على التسويات. فخلال 2025، برز اسمه في سياق إعادة تنظيم العلاقة بين لبنان والمجتمع الدولي، والتّشديد على مبادئ الشفافيّة والإصلاح الإداري، ولو ضمن هامش سياسي ضيّق.
وُصف سلام بالجريء خصوصاً في مقاربة ملف سلاح "حزب الله"، ولم تكُن مهمته سهلة في ظلّ التحديات المالية والاقتصادية الأمنية العديدة، إلا أنّ حضوره كان محبّباً في الخارج بشكلٍ كبيرٍ خصوصاً وأنه خاطب الدّاخل والخارج بلغةٍ واحدة هي لغة الدّولة والقانون والعدل. لم يُنتِج أداء سلام أي معجزات، حتّى الآن، ولكنه أسّس أرضية صلبة في رئاسة الحكومة ما أعاد الاعتبار إلى الموقع الذي يشغله سلام الماهر والمتمرّس كقاضٍ لا كسياسي مُخضرم، وما رفع من أسهمه السياسيّة في المستقبل.
 
الجيش... نجم الاستقرار الصّامت
في قلب المشهد المعقّد الذي طبع العام في لبنان، واصل الجيش اللبناني أداء دوره كأحد أعمدة الاستقرار الأساسية خصوصاً في ظلّ تنفيذ واحدة من أصعب مهامه التاريخيّة وهي حصر السلاح بيد الدّولة. برزت المؤسسة العسكرية خلال الـ2025 كعامل توازن في الداخل، وحُصنٍ منيع يحول دون تفلّت الأوضاع الأمنيّة، سواء على الحدود الجنوبية أو الشمالية الشرقيّة أو في الداخل. لم يكن دوره استعراضيّاً، بل اتّسم بالانضباط والابتعاد عن التجاذبات السياسيّة والتسويق الإعلامي، ما عزّز الثقة الشعبية بالمؤسّسة التي كانت تتلقى انتقادات من البعض في الدّاخل وضغوطات من العدو الإسرائيلي، بالإضافة الى مفاجآت غير سارّة لم تكن بالحسبان كإلغاء زيارة قائد الجيش رودولف هيكل الى واشنطن.
نجح الجيش رغم إمكاناته المحدودة في الحفاظ على وحدته، وضبط الأمن في مراحل دقيقة، ونسّق مع باقي الأجهزة الأمنية لمنع أيّ انزلاق أمنيّ كبير. مهمّة الجيش طويلة ومراحلها صعبة خصوصاً مع ما ينتظره في بداية العام المُقبل، إلا أنّ أداءه شكّل عنصر طمأنينة للبنانيّين الذين استمدّوا قوّتهم منه.
 
ما جمع بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والجيش في 2025 هو اعتمادُ مبدأ خفض منسوب التوتر وإدارة المرحلة بصبرٍ. وإذا كان لا بدّ من اختيار "نجم العام" في لبنان 2025، فهو ليس اسماً واحداً بقدر ما هو نهجٌ في الحكم. نهجٌ أعاد الاعتبار إلى فكرة الدولة القويّة، وإلى أنّ القيادة الحكيمة لا تُقاس بارتفاع الصّوت، بل بقدرة أصحاب القرار على إبقاء البلد صامداً والانطلاق نحو مرحلة أكثر ثباتاً وأملا.